| متابعة
* واشنطن د ب أ:
أعلن صندوق النقد الدولي أن هجمات 11 أيلول /سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة تسببت في خسائر مباشرة في الممتلكات وكلفة التأمين بلغت 21 مليار دولار بيد أنه من الصعب حساب آثارها وتداعياتها بعيدة المدى.
وذكر الصندوق في نشرته عن حالة الاقتصاد العالمي «وورلد إيكونوميك اوتولوك» الذي صدر هذا الاسبوع أن «أحداث 11 أيلول /سبتمبر المأساوية فاقمت من وضع الاقتصاد العالمي الصعب بالفعل، ومن ثم فإن إمكانات حدوث انتعاش اقتصادي قد تراجعت بشكل ملحوظ».
وفي تقييم تفصيلي للكلفة الاقتصادية للهجمات الإرهابية، أشار الصندوق إلى الأضرار التي لحقت بصناعات مختلفة ولاسيما في الولايات المتحدة وكذلك الآثار متوسطة المدى المتمثلة في تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين.
وقال إنه عندما ارتطمت الطائرات المختطفة بمركز التجارة العالمي والبنتاجون بلغت الخسائر الفورية في الممتلكات نحو 16 مليار دولار، وهي خسارة تقل قليلا عما سببه إعصار آندرو عام 1992 والزلزال الذي كان مركزة نورثردج بولاية كاليفورنيا عام 1994.
وقال تقرير صندوق النقد الدولي: «وفضلا عما تقدم، فإن الخسائر المروعة في الأرواح وما وقع من إصابات ستؤدي كما تشير التقديرات إلى زيادة أخرى في كلفة عمليات تأمين تبلغ خمسة مليارات دولار»، بيد أن خسائر التأمين يمكن تعويضها لأن بمقدور شركات التأمين رفع قيمة مخاطر التأمين، وتصل جملة التكاليف المباشرة للهجمات إلى نحو 25.0 في المائة من الناتج القومي الإجمالي أي أقل مما سببه زلزال كوبي في اليابان عام 1995 من ناحية الخسائر بالدولار وكذلك النسبة المئوية للخسائر مقارنة بالناتج القومي الإجمالي، وثمة قطاعات أخرى أصابتها تداعيات الهجوم الأول ضد الولايات المتحدة منذ بيرل هاربور، وهذه القطاعات هي شركات الطيران والصناعات المتصلة بها مثل الفنادق والمطاعم وشركات صناعة الطائرات وهيئة البريد الأمريكية والتي تضررت بشدة من هجمات الانثراكس (الجمرة الخبيثة) التي تلت هجمات 11 أيلول /سبتمبر، ثم هناك تداعيات أخرى منها فقدان 58000 وظيفة في صناعة الخدمات الأمريكية في شهري تشرين الأول /أكتوبر وتشرين الثاني /نوفمبر، وتراجعت أعداد السائحين إلى منطقة الكاريبي ومناطق في الشرق الأوسط وآسيا، وأفلست شركة طيران سابينا البلجيكية العليلة وتعرضت سويس اير لاضطرابات مالية.
وكانت الولايات المتحدة الأشد تضررا من آثار الهجمات، حيث يشكل السفر بالطائرات والإقامة في الفنادق وأنشطة قضاء أوقات الفراغ نحو 75.2% من الناتج القومي الإجمالي وهو ما يعني «انخفاضا مؤقتا بمعدل 20 في المائة في مثل هذه الأنشطة سيؤدي بدوره لخفض الناتج القومي الإجمالي بحوالي نصف في المائة».
أما آثار الهجمات الانتحارية على ثقة المستهلك والمستثمرين، فمن الصعب حسابها في الولايات المتحدة التي تعاني ركودا منذ آذار /مارس الماضي عقب انهيار ازدهار صناعة تكنولوجيا المعلومات، حسبما ذكر الصندوق.
واستعاد وول ستريت الذي علقت حركة بيع وشراء الأسهم به في الاسبوع الذي تلا هجمات 11 أيلول /سبتمبر خسائره الأولية الضخمة، فيما عول المتعاملون على تنبؤات بحدوث انتعاش في منتصف عام 2002م عززتها قرارات خفض أسعار الفائدة ومجموعة إجراءات مزمعة لتنشيط الاقتصاد.
وكانت الدول الفقيرة الأشد تضررا حيث أحجم المستثمرون عن وضع أموالهم في أسواق وليدة محفوفة بالمخاطر، وتراجع الطلب على السلع وأضر انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية بالدول المصدرة له.
كما أن للآثار النفسية للضربات تداعيات محورية في الولايات المتحدة حيث يشكل إنفاق المستهلكين ثلثي النشاط الاقتصادي، فعلى سبيل المثال فإن حجم المبيعات قبل أعياد الميلاد له أثر كبير في مسار الانتعاش.
وقال صندوق النقد الدولي في تقريره إنه في عالم تتزايد فيه مظاهر العولمة وستحدد معالمه «بالروابط الدولية المتزايدة ولاسيما في القطاعات المالية والتجارية»، فإن ما يحدث في الولايات صاحبة أكبر اقتصاد يؤثر بشكل مباشر في بلدان أخرى.
وكان للهجمات ومن قبلها انفجار فقاعة تكنولوجيا المعلومات «آثار عالمية» أدت إلى خفض صندوق النقد الدولي لتوقعاته بالنسبة لنمو الناتج القومي الإجمالي العالمي إلى 4 .2 في المائة هذا العام والعام القادم، الأمر الذي سيطر بكافة المناطق الكبرى ولن تسلم منه إلا الاقتصادات المعزولة نسبيا مثل اقتصاد الصين والهند.
وعن الآثار الاقتصادية طويلة المدى لأحداث 11 أيلول /سبتمبر فقد حدد صندوق النقد الدولي ثلاثة سيناريوهات على الوجه التالي:
أكثر الآراء شيوعا يقول إن الآثار بعيدة المدى للهجمات ستكون محدودة.
وكما كان الحالي عقب اغتيال الرئيس الأمريكي جون كنيدي عام 1963، فإن الاقتصاد والأسواق المالية ستنتعش بعد انخفاض في بداية الأمر.
ثمة رأي أخر أكثر تشاؤما يرى أن الهجمات على غرار أزمة البترول في السبعينات سيكون لها «آثار ملحوظة»، ولاسيما في حالة وقوع هجمات جديدة، فإن حالة عدم الاستقرار ستتفاقم وستنهار الثقة وستكون هناك «كلفة أعلى للأعمال التجارية» مثل ازدياد التكاليف الأمنية ورسوم التأمين، الأمر الذي سيرفع من كلفة النشاط التجاري والصناعي.
ثمة سيناريو ثالث يحمل رأياً يوصف ب«التدمير الخلاق»، يرى أن الهجمات ستفيد الاقتصاد على المدى البعيد عن طريق السماح للشركات بالتخلي عن أنشطتها غير المنتجة أثناء فترة التراجع، وعندها سيكون لدى الشركات الشجاعة على تبني وسائل تكنولوجيا جديدة تجعلها أكثر مرونة.
وقال الصندوق إن «هذا السيناريو الايجابي يمكن مقارنته بآثار مشروع يو2 كي» والذي تم من خلاله إنفاق كميات من النقود لضمان عدم تعطيل أجهزة الكمبيوتر مع حلول الألفية الجديدة.
|
|
|
|
|