أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th December,2001 العدد:10675الطبعةالاولـي الخميس 5 ,شوال 1422

الاقتصادية

الجزيرة تفتح ملف ركود السوق العقاري في مصر
خبراء ومستثمرون يناقشون أسباب الركود ومقترحات للخروج من الأزمة
نائب رئيس الشعبة العامة للاستثمار العقاري: توقف 75% من الشركات العقارية بسبب الأزمة
د. ميلاد حنا رئيس لجنة الإسكان السابق بمجلس الشعب: رغم الأزمة..الاستثمار العقاري يحقق ربحية عالية
* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
سوق العقارات في مصر يعاني من ركود حاد، ويؤكد بعض الخبراء أنه السبب في الركود العام الذي ضرب الاقتصاد المصري، وكان سوق العقارات في مصر قد جذب استثمارات عربية وأجنبية خلال السنوات الماضية غير أنه أصيب بالشلل منذ 5 سنوات تقريباً.
كيف يمكن تجاوز حالة الركود وإعادة النشاط إلى هذا القطاع المؤثر؟ الخبراء يؤكدون أن قانون التمويل العقاري هو الأمل في إنقاذ السوق، في حين يرى البعض ضرورة تخفيض أسعار الفائدة حتى يستطيع المستثمرون التوجه لاستثمار وحدات سكنية تتناسب مع الدخول المنخفضة، والتي تحتاج إلى 300 ألف وحدة سكنية سنوياً، وما يتم إنشاؤه 79 ألف وحدة فقط.
ويطالب الخبراء بعودة نمط الإيجارات، وتقليل مساحة الوحدة السكنية، وتأسيس شركات للتمويل وغيرها من المطالب، فما قصة السوق العقاري المصري..؟ هذا ما يجيب عنه التحقيق التالي:
يقول الدكتور عبدالمحسن برادة العميد السابق لكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة أن السوق العقاري هو مجموعة من الأسواق المختلفة تماماً وبهذه الأسواق مستثمرون وطالبون لهذه الوحدات ولكن الخلل بينهم أنه لا يوجد شيء مشترك قوي بين هذه الأسواق. فلا توجد ثقافة عقارية أو مهنية، فهذه الأسواق ينقصها المتخصصون.
وفي مصر يوجد ركود منذ عدة سنوات، وربما يكون السبب فيها حالة الركود العام في الاقتصاد المصري، وقد يرجع ذلك إلى سوء التخطيط، فقد تم التركيز على الإسكان الفاخر، كما أنه هناك 50% من السوق العقاري المصري غير مستغل وهو الإسكان في المناطق العشوائية فهو استثمار فردي وغائب عن التخطيط، ويضيف أن مشكلة السوق العقاري الآن هو أن العرض أكثر من الطلب واهتمام المستثمرين بشريحة واحدة فقط هو الإسكان المتوسط والفاخر مع تجاهل شريحة محدودي الدخل، وقبل ثماني سنوات كانت هناك مشكلة في السوق العقاري وهو أنه يستحوذ على كافة الاستثمارات الأخرى في مصر، وكان مخزناً للقيمة في وقت كانت نسبة التضخم 16% وكنا نفكر في كيفية الحد من توجيه الاستثمارات إلى سوق العقارات. أما الآن فأصبحت المشكلة هي كيفية توجيه الاستثمارات إلى السوق العقاري لمحدودي الدخل في ظل آليات السوق والاقتصاد الحر.
تخفيض الفائدة
المهندس فتح الله فوزي محمد نائب رئيس الشعبة العامة للاستثمار العقاري، ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات الاستثمار السياحي والعقاري يرفض فكرة تحويل الإسكان و الاستثمار العقاري الحالي إلى شريحة فئات محدودي الدخل لعدم قدرة القطاع الخاص على الاستثمار لهذه الفئات لارتفاع التكلفة الفعلية للوحدة السكنية، وأوضح أنه يمكن للقطاع الخاص أن يستثمر لهذه الفئات، ولكن بعد أن تقوم الحكومة بتخفيض الفائدة من 14% إلى أقل من 9% للوحدات التي لا تزيد عن 80 متراً، فما تقدمه الحكومة حالياً من إسكان لهذه الفئات مدعم بنسبة كبيرة حيث يتم تقديم الأرض والمرافق والخدمات بالمجان، وتنفق الدولة نحو 5.3 مليار جنيه لدعم هذه الفئات التي تحتاج إلى 300 ألف وحدة سكنية، في حين الدولة تقيم نحو 70 ألف وحدة فقط سنوياً مما يشكل عجز 270 ألف وحدة سنوياً وذلك بتعداد تراكمي.
ويضيف فتح الله فوزي أن العرض الحقيقي للإسكان المتخصص بالمجتمعات الجديدة يمثل 20% إلى 25% من إجمالي 5.22 فدان تم تخصيصها لعدد 300 شركة، ومتوسط عدد الوحدات المصرح بإقامتها 350 ألف وحدة تقريباً على مساحة 5.22 ألف فدان خلال 3 سنوات، ونتوقع إنجاز 90 ألف وحدة بنسبة 25% من الشركات التي تعمل والمخصص لها أراضي أي خلال 6 إلى 7 سنوات من تاريخ استلام الأرض «عمر التجربة» كما يتحدد طلب الإسكان المتوسط والفاخر 10% من 600 ألف حالة زواج سنوياً أي حوالي 100 ألف وحدة في السنة في حين ان إسكان محدودي الدخل يقدر ب 90%.
ويضيف المهندس فتح الله فوزي أن من إيجابيات المجتمعات العمرانية الجديدة في مجال صناعة الاستثمار العقاري خفض أسعار الأراضي، وتوفير وحدات سكنية بأسعار تقل 50% عما يماثلها في القاهرة والجيزة، كما أوجدت المجتمعات الجديدة تنافساً بين الشركات الجادة لتقديم مواصفات وتسهيلات في السداد للعميل، وتوفير خدمات للعملاء لم تكن موجودة من قبل.
هرجلة وهرولة!!
وقال نائب رئيس الشعبة العامة للاستثمار العقاري أنه بعد عام 1997 حدث«هرجلة» و«هرولة» في الاستثمار العقاري، ففي وقت واحد أعلنت 200 شركة عن مشروعاتها في نفس الوقت، مما تسبب في رسم انطباعات سيئة عن الإعلانات التي تنشر وتذاع، وظهرت التحذيرات من هذه العقارات مما تسبب في إحجام الأهالي عن شراء الوحدات السكنية أملاً في انخفاض أسعارها، وإحجام البنوك عن التمويل مما تسبب في تعسر هذه المشروعات. وأوضح أن الشركات العاملة والتي تقوم بالتنفيذ لا تتعدى 25%، مما احدث خللاً في الهياكل الاستثمارية حيث يأخذ المستثمر من البنوك على سنوات يعطيها للمشتري على سنوات أيضاً. وبالنسبة إلى قانون الرهن العقاري فإنه سيكون قاصراً على أصحاب الدخول المتوسطة، والذين يزيد دخولهم عن 2500 جنية شهرياً حتى يستطيعوا دفع الأقساط الشهرية، وهذه الفئة سيتم استبعادها من مزاحمة محدودي الدخل على الإسكان التي توفره الدولة.
«2» مليار استثمارات»
ويلتقط خيط الحوار الدكتور علي نجم رئيس مجلس إدارة بنك الدلتا الذي يرى أن سوق العقارات يعاني من ركود وأزمة، وذلك نتيجة الاهتمام بالفئات العليا والدنيا أما المتوسطة التي هي اكثر طلباً على الإسكان لا تجد الاهتمام الكافي، ويقول أن هناك بنوكا تهتم بالاستثمار العقاري ولكن غير كافية ولابد من دعم الدولة لسعر الفائدة للإسكان حتى تستطيع الفئات المحدودة شراء الوحدات السكينة، فنحن في حاجة إلى 20 مليار جنيه استثمار سنوي لحل مشكلة الإسكان.
ويوضح محمد طلعت أبو سعدة رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان سابقاً أن سبب الركود في السوق العقاري هو تدخل الدولة في الستينات لعمل توازن، وأحدثت تخفيضات بصورة عشوائية، أدت إلى ابتعاد المستثمرين عن هذه الاستثمارات، واتجاه المستثمر إلى إنشاء الوحدات السكنية للتمليك مما أدى إلي وجود أزمة سكانية في توافر الإسكان وتحول الاستثمار إلى الإسكان الفاخر الذي يزيد عن حاجة المجتمع مما احدث هذا الركود، وما زال هناك قطاع كبير في حاجة للإسكان من دخلها الشهري. ولهذا يجب مواجهة هذه المشكلة، ووضع الحلول لها، وتمكين المواطنين من الحصول على السكن المناسب بسعر مناسب في حدود إمكانياتهم لسداد هذه الأقساط.
«شركات لتسويق العقارات»
ويؤكد المهندس هشام طلعت مصطفى صاحب شركة مقاولات أن السوق العقاري يواجه مشكلة مزمنة في التمويل العقاري، واحتكار القروض العقارية، وإحجام بعض البنوك التجارية عن تمويل المشروعات العقارية، ويقترح وجود جهة رقابية عليا تقوم وحدها بمنح التراخيص لشركات التسويق العقاري، وأن تكون شركات مساهمة يشارك فيها المستثمرون. و قال أن صدور قانون الرهن العقاري هو الأداة التي يمكن من خلالها تحقيق التوازن لتقابل العرض والطلب، مشيراً إلى أن هناك حدا أدنى للتكلفة لا يمكن خلالها بيع الوحدات السكنية بأقل من ألف جنيه للوحدة، وبالتالي فإن متوسط سعر البيع حوالي 100 ألف جنيه، وهو مالا يستطيع أغلب الشباب توفيره إلا من خلال صدور قانون الرهن العقاري«الذي يسمح للمشتري بالاقتراض من البنوك أو شركات التمويل بضمان العقار، بحيث إذا لم يقم بتسديد الأقساط في موعدها يستحوذ البنك على العقار». فلعل أحد أهم المشاكل التي تواجه نشاط المقاولات في الفترة الحالية وتحد من توسعه هو إمكانية حصوله على تمويل، وقد زاد من حدة المشكلة اتفاق البنوك الأخير على عدم فتح اعتماد استيراد للمعدات والماكينات الكبيرة إلا بعد تسديد 100% من تكاليف فتح الاعتماد مقدماً، وهو ما أدى إلى تزايد مشاكل نشاط المقاولات في مصر.
«انتقادات للقانون»
يخالفه الرأي المستشار محمود فهمي رئيس هيئة سوق المال الأسبق، وأحد الأعضاء المشاركين في تعديل القانون ليكون أكثر قدرة على معالجة أزمة الإسكان، وقال أن المشروع الأخير هو ثالث مشروع تم إعداده للرهن العقاري ليعدل مشروعات القانون السابق، وأعدته وزارة الاقتصاد في يونيو عام 2000، ويتكون القانون من 56 مادة مقسمة على 8 أبواب شملت الأحكام العامة للقنون واتفاق القرض وقيد وأحوال الرهن وشركات الإقراض العقاري وضمانات الإقراض والرقابة وأخيراً القعوبات، كما ارفق بالقانون مذكرة إيضاحية لشرح وتفسير نصوص القانون وخلفية بنوده.
وقال«فهمي» أن المشروع منع المقترض من حق التصرف في العقار مما يعد تقييداً غير قانوني للشخص الحاصل على العقار. كما أن المادة الأولي من قانون الإصدار نصت على أن يلغي كل حكم مخالف في القانون لهذا يجب التخلي عن هذا النص حتى يمكن الاستناد لأحكام القانون المدني في حالة عدم وجود حكم لما يعترض التطبيق. وانتقد الاستبعاد المطلق للقانون المدني وقانون المرافعات من بنود المشروع الجديد، وتداخل القانون مع 12 قانوناً أساسياً مطبقاً في مصر من أهمها القانون المدني وقانون هيئة سوق المال وقانون البنك المركزي وقانون التجارة الجديد وتنظيم قواعد الإفلاس، بالتالي فإن المشروع يعدل هذه القنوانين التي يتداخل معها.
وطالب فهمي بدفع الحد الأدنى للعقوبة، وأن تزاول البنوك نشاط الإقراض العقاري طالما كانت مسجلة، وبدون ترخيص البنك وفقاً للمشروع الجديد مما يسمح للبنوك التجارية للاستثمار في نشاط مخالف لطبيعة استثماراتها حيث أن أنشطتها قصيرة الأجل والاستثمار العقاري طويل الأجل. بالإضافة إلى إصدار البنك لسندات الدين بدلاً من الشركات واختصار السلسلة الطويلة للجهة الأخرى التي تتولى عملية توريث الدين، ويجب أن تتولاه الجهة المقرضة وهي البنك، كما يجب إصدار اللائحة أولاً ثم القانون وأن يتم عرض المشروع على قسم التشريع بمجلس الدولة حتى لا يتم الطعن بعدم دستوريته. وأشار«فهمي » إلى أن أصل الدين والأقساط وأعباءها يجب ألا يتعدى عن 25% من دخل الفرد الذي يريد الحصول على قرض سكني وهو ما سيتضمنه القانون الجديد.
«قاعدة بيانات»
الدكتور فتحي البردعي رئيس قسم العمارة بهندسة عين شمس يرى أن الأزمة ترجع إلى عدم وجود قاعدة بيانات وفكر محدود إلى جانب عدم تطبيق القانون 32 الذي يحذر نشر الإعلانات عن المشروعات إلا بعد حصولها على شهادة انتهاء المرافق. مشيراً إلى أن الاستثمارات العقارية منخفضة في المجتمعات الغربية مقارنة بما هو موجود في مصر، حيث أن هناك زيادة مستمرة بالرغم من انخفاض مستوى الدخول للطبقات المتوسطة أو دونها. كما أن الحل في إسهام البنوك في شركات التمويل العقاري على أن تقوم هذه الشركات بإنشاء العقارات وتملكها بمعرفتها بحيث يتوافر لديها الأجهزة المختصة للبيع أو للتقاضي أو اتخاذ الإجراءات القانونية، و أجراء الرهن العقاري، حيث يصعب على البنوك أن تقوم بهذه الوظيفة كاملة وتهتم بالدوران السريع لأموال المودعين وعليها أن تقدم أفضل خدمة مصرفية والخروج من الوظائف التقليدية.
«عودة نمط الإيجار»
ويرى الدكتور ميلاد حنا رئيس لجنة الإسكان بمجلس الشعب الأسبق أن أزمة سوق العقار في مصر لن تحلها آليات السوق وإلا فالمستثمرون سيتجهون إلى المشروعات الأكثر ربحية وهي بناء المساكن الفاخرة. وإنما لابد من تحقيق التوازنات فمعظم الاستثمار العقاري يتركز في القاهرة الكبرى، والمدن الكبرى فقط، ويتجاهل الاستثمار في الريف والمدن الصغيرة، وأكد أن الذين يحكمون مصر هم المستثمرون في مجال العقارات.. موضحاً أن الانتقال إلى السوق الحر أفقد المستثمرون التخطيط. مطالباً بإحياء نمط الإيجار، وتصغير مساحة الوحدات السكنية من 60 مترا إلى 40 مترا حتى يستفيد اكبر عدد من المحتاجين للإسكان وبما يتناسب مع الدخول المنخفضة. وقال أن حل أزمة سوق العقارات إذا تم من خلال قانون التمويل العقاري الذي تم تمصيره بما يتناسب مع المجتمع المصري لابد أن يصاحبه حملة نوعية للمواطن حول كيفية الشراء والبيع، ووضع آليات بين الشركات التي تمول، والسماسرة، وأساليب تقييم العقارات. والتأمين وهي آليات متعددة لمجموعة من المؤسسات حتى يصبح القانون فعالا.
بالإضافة إلى عمل دليل لسوق العقارات في مصر، وتوزيع الاستثمارات فالمدن الكبرى أصبحت مصدر طرد في حين الريف أصبح مصدر جذب،
ويضيف د. ميلاد حنا أن الركود لن يؤدي إلى هروب المستثمرين، فكل إنسان لديه مال يخشى عليه، فيضعه في مكان يحقق له أرباحا، وفي نفس الوقت يكون آمن واعتقد أن العقارات تحقق الأرباح والأمان. فقانون الاستثمار العقاري ممكن أن يؤدي إلى جزء من الانفراج في الأزمة الحالية، فالسوق العقاري يعاني من الاضطرابات والمستثمرون عليهم قروض، والبنوك توقفت عن منح القروض، والقانون سيسمح بالأقساط مما يؤدي إلى انفراج السوق ويبدأ المستثمرون نشاطاهم في العقارات وتنشيط حركةالسوق بوجه عام، ولكن يجب أن نؤكد أن القانون جزء من الحل وليس كل الحل.

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved