أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th December,2001 العدد:10675الطبعةالاولـي الخميس 5 ,شوال 1422

مقـالات

ترانيم صحفية
رسائل الجوال.. ماذا أفقدتنا؟
نجلاء أحمد السويل*
أحياناً تفرض علينا التطورات التكنولوجية بالذات نتائج لم نكن لنعي بها ولم تكن اصلاً من عاداتنا أو تقاليدنا سابقاً وذلك ليس لأن الفرد قد انسلخ من هذه العادات أو تعمد الابتعاد عنها ولكن لأن الواقع قاده إلى ذلك وفرضها عليه فرضاً دون اختياره. والحقيقة أن هذا لا يعتبر دفاعاً عن الفرد داخل مجتمعنا او تبريراً لما قد يقوم به بحجة التطورات التكنولوجية ولكن هذا ما تبرره دائماً طبيعة الفرد البشرية في الانقياد للسهل ورفض العقبات الصعبة في تحقيق الهدف طالما أن هذا السبيل السهل لا يعد طريقاً مرفوضاً أو محرماً اجتماعياً..
انك تنظر الى شاشة «جوالك» فترى أنك ما بين حين وآخر تتلقى زخماً من الرسائل المهنئة بالعيد «الفطر» او حتى «رمضان» سابقاً أو أي مناسبة قد نمر بها.. إذاً لقد حرمنا هذا التطور التكنولوجي الآن من أن نسمع صوتاً لأفراد واستبدلها بكلمات مكررة تصلك عبر الآلة، نعم.. فسابقاً كانت المنازل متقاربة وقبل ان يدخل الهاتف العادي كان الفرد يضطر راغباً مدفوعاً بمشاعره الى زيارة اقاربه بطرق الباب عليهم وملاقاتهم اما عند دخول الهاتف فأصبح الناس يستسهلون الهاتف فيحادثون من يحبون وتقلص عدد الزيارات للأهل والأقارب والآن مع غزو الجوال نرى أنك اصبحت فقط متلقياً آلياً لكلام آلي يبعث لك ولغيرك دون تمييز..
ليس الأمر كذلك فقط وانما يجب ألا ننسى الإنترنت الذي نتلقى فيه على «الايميل» او البريد الالكتروني ما قد يكون من أقرب المقربين لك.. وهنا أتساءل:
لماذا سلبت منا التطورات التكنولوجية اجمل وأعذب ما كنا نملكه.. لماذا لا تدخل لنا التطورات التكنولوجية كداعم لأصالة مجتمعنا التي كنا نعيشها سابقاً منذ أجيال أم أننا اصبحنا نرى كل ما هو سريع وسهل فنتبعه حتى وان كان يسلبنا المشاعر والمودة بين ذواتنا مع من نحب؟ الأمر يبدأ بسيطاً، سهلاً، عادياً ولكنه ينتهي بزيادة تفكك المجتمع وتهشمه وضياع اجمل العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
بل إن الأمر المضحك المبكي هو أن الدعوات الخاصة بالزواجات والحفلات اصبحت الآن تبعث عن طريق رسائل الجوالات بدلاً من الاتصالات الهاتفية او المحادثات او بدلاً من الطرق على الأبواب واستقبالها مناولة..
لماذا أصبحنا كذلك.. لماذا افتقدنا وما زلنا نفقد كل وأحلى ما نملك؟!
هل نتوقع أننا بعد «كم سنة» سنصبح منقادين للآلة أكثر من ذلك.. هل ندوس مشاعرنا.. هل نتجاهل التواصل النابع من عقولنا وقلوبنا حقيقة وليس ذلك المزيف الذي نستقبله كلما «رن» و«رن» جرس جوالاتنا..؟!
اعتقد أن الإجابة تظل غائبة!!
*أستاذ علم النفس بجامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved