أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 20th December,2001 العدد:10675الطبعةالاولـي الخميس 5 ,شوال 1422

مقـالات

الحلم الذي أصبح وهماً!
د. محمد أبو بكر حميد
صلى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها هذا العيد بقلوب حزينة متألمة، فموقع القلب يحترق في فلسطين بوابل الصواريخ الإسرائيلية، وبيوت تهدم فوق رؤوس أصحابها في العشر الأواخر الفاضلات من رمضان وتستمر إلى العيد، ويتلاشى في وسط دخان احتراق مواقع السلطة الفلسطينية حلم قيام الدولة، وتسحق الدبابات المتعجرفة التي تتبختر على أرض قطاع غزة هذه الأيام آخر أمل في «وهم» وجود بذرة دولة على أرض الواقع.. وتحولت المحسوسات إلى أشباح وضاع الأمل في دولة يحققها السلام الواهن الضعيف.. وتضرج الحلم الجميل بالدماء!
وأضافت أمريكا إلى الحزن المقيم في أفغانستان أحزاناً جديدة واثخنت جسدها المتهالك بمزيد من الجراح العميقة الغور، فانتهكت حرمة رمضان واستمرت في قصفها لهذا الشعب المسكين الأعزل مخلفة مئات القتلى ومئات الجرحى وآلاف الأرامل والأيتام والثكالى والمعاقين، ومن لم يقتله ضرب الطائرات قتله الخوف والجوع والبرد والمرض وقلة الدواء وانعدام العلاج.
ذهبت أمريكا إلى أفغانستان مارة على فلسطين التي تنزف من الإرهاب الإسرائيلي لتطارد شكلاً وهمياً للارهاب لم تعثر عليه إلى الآن، ولا نظنها ستعثر عليه كما اعترف وزير دفاعها رامسفيلد لأنها في حقيقة الأمر تريد شيئاً آخر أصبح مكشوفاً للعالم، واستمر الموت الأمريكي يسحق الأبرياء إلى اليوم في أفغانستان.
وفي باكستان المسلمة شعور مرير بالخديعة وتصرف المغلوب على أمره الذي يتحدث قلبه ولا ينطلق لسانه، عبّر الشعب عن الأول والحكومة عن الثاني.
وباكستان تواجه اليوم تهديد المارد الهندي فما الذي ستفعله لها أمريكا؟!
يا لقهر الرجال!
ولكنها ليست المرة الأولى التي يمارس فيها هؤلاء قهرهم وخداعهم لنا.
فهل نحن أمة لا تستوعب دروس التاريخ ولا تسترجع ما حدث لها؟!
لكنه الضعف وعدم المقدرة على المواجهة، فكلمة «لا» لا يستطيع أن يقولها إلا القادر على حمايتها والدفاع عنها أو الموت دونها..
ويبدو أن أمتنا غير قادرة على الاثنين!!
وعندما تقدر على الأخيرة «الموت» تتحول إلى أمة إرهابية على نحو ما تطلق أمريكا وإسرائيل على «أبطال الموت» في فلسطين.
ارهابيون يفجرون أنفسهم في قلب المستعمر دفاعاً عن وطنهم ومقدساتهم!!
وما لم يتحول ياسر عرفات والسلطة الفلسطينية إلى خلية في الموساد وإلى شرطي في يد الجيش الإسرائيلي ويقف ضد الشعب الفلسطيني فإنه لن يستمر في البقاء على كرسي السلطة.. عرفات يعرف جيداً أن المطلوب ليس قمع «حماس» أو «الجهاد» أو غيرها من المنظمات، إنما المطلوب قمع الشعب كله.. المطلوب أن يقوم بما تقوم به الدوريات الإسرائيلية كل يوم!.
إنه خيار صعب.. إما أن يكون مع شعبه وقضيته ويدفع الثمن. أو يكون مع إسرائيل ويستمر.
تخلت أمريكا عن باكستان وأخلت بكل وعودها وتركتها اليوم بين مطرقة الهند وسندان الحكومة الجديدة في أفغانستان الموالية للهند وروسيا!!
وهي اليوم تتخلى عن عرفات الذي جرته إلى معاهدات السلام قبل أكثر من عشر سنوات بوعود معسولة وأحلام وردية تركتها تحترق تحت النيران الإسرائيلية، رافضة إدانة الإرهاب الإسرائيلي، مستخدمة حق النقض لقرار مجلس الأمن الأخير الذي يحاول تأمين أدنى أنواع الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل.
وما لم ينفذ عرفات ما تريده إسرائيل فلن ترضى عنه أمريكا، ولن تحميه، وسوف توقف عنه كافة أسباب الدعم.
وسيجد عرفات نفسه بعد أكثر من عشر سنوات مضنية يعود إلى الصفر ومن حيث بدأ..
وقد يجد نفسه ومنظمة فتح مضطراً إلى التخلي عن «الحلم» الذي أصبح «وهماً» والعودة إلى القتال من الخنادق والرمي بالحجارة حتى يحقق الله لهم «الفتح» الحقيقي وترفع المنظمة شعارها الذي نشأت عليه «إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً». لقد اتضحت الآن مسألة الخيط الرفيع بين «الحلم» و«الوهم» في قضية الدولة الفلسطينية.
hemaid2000@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع













[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved