أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 19th December,2001 العدد:10674الطبعةالاولـي الاربعاء 4 ,شوال 1422

متابعة

البلاد تحتاج إلى 15 عاماً لتطهيرها من الألغام
70 ألف قنبلة أمريكية لم تنفجر في أفغانستان
* * كابول د ب أ:
بعد انسحاب حركة طالبان في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من كابول بفترة قصيرة.
كانت حافلة صغيرة محملة بالقرويين تقوم بالدوران حول إحدى الحاويات التي تعوق مجرى الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة بجرام، وخرجت الحافلة عن الطريق الأسفلتي ومرت فوق أحد الشراك الخداعية المكونة من لغم مضاد للأفراد وقنبلة تزن مائة كيلو غرام مخصصة للطائرات، ولقي جميع ركاب الحافلة البالغ عددهم 17 شخصاً مصرعهم في الانفجار.
ويعتبر حطام الحافلة المهشم تماما واحدا من عشرات الهياكل المحطمة التي تنتشر في الطريق الذي يمتد من المدينة بطول ستين كيلو متراً عبر وادي شامولي إلى مطار بجرام، ومعظمها لبقايا دبابات وعربات مدرعة وشاحنات وقود سوفيتية كانت قد تعرضت لكمائن المجاهدين خلال الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في الفترة من 1978 وحتى 1989.
وتشير هيئة هالو ترست البريطانية الخيرية التي تعمل في مجال تطهير الألغام وتمارس نشاطها في أفغانستان منذ عام 1988 إن عدد من لقوا مصرعهم أو أصيبوا في هذا الطريق على مدار الأسابيع الأربعة الماضية يبلغ 31 شخصا.
ويقول رحمة الله أحد مشرفي مسح حقول الألغام، وهو جاثم أمام لغم بلاستيكي على شكل قرص تم إخراجه من الأرض بالقرب من حائط متصدع في قرية رباط التي هجرها سكانها «إن هذا اللغم من طراز واي إم1 الإيراني الصنع».
وأضاف قائلا «يوجد على الأرجح لغمان أو ثلاثة آخرون بجوار هذا اللغم لاقتناص أي شخص يمر عبر هذه الفجوة»، ويمكن لهذا اللغم الذي يحمل مائة جرام من المواد المتفجرة أن يطيح بساق أي شخص يطأ عليه بقدمه، وبعد مضي عدة دقائق، يتم إشعال فتيل في شحنة من المتفجرات تزن 200 جرام وضعت بالقرب من اللغم لضمان تدميره دون وقوع أي ضرر، ويدوي صوت انفجار عنيف ويتصاعد حجاب كثيف من الدخان فوق أنقاض قرية رباط، ويتكرر هذا المشهد عشر مرات في المنطقة قبل حلول موعد الغذاء، ولا أحد يعلم كمية الألغام التي تم زرعها في أفغانستان، بواسطة السوفيت في البداية ثم بواسطة النظام الأفغاني الشيوعي وفصائل المجاهدين الأفغان الذين انقلبوا يقاتلون بعضهم البعض، ثم أخيرا بواسطة قوات حركة طالبان والتحالف الشمالي الأفغاني المتصارعة.
وتعتقد هيئة هالو ترست ان عدد الألغام في أفغانستان يبلغ مليون لغم، إلا أن منظمة تطهير الألغام والتوعية وإعادة التأهيل التي يديرها الأفغان، والتي تعرف باسم أومار، تقدر من خلال العمل الذي تقوم به منذ عام 1990 ان متوسط عدد الألغام يتراوح ما بين 6 8 ملايين لغم.
ويتوقع شاه والي منسق العمل الميداني في منظمة أومار ان منظمات إزالة الألغام الدولية والأفغانية التسع التي تعمل في أفغانستان سوف تستغرق، بمعدل العمل الحالي 15 عاما على الأقل لتطهير البلاد من الألغام.
ويضيف شاه والي بمرارة ان معظم هذه الألغام قامت بزراعتها قوات موسكو باعتبارها «هدايا للأطفال الأفغان والأجيال القادمة»، وتحمل حوائط المنازل في مختلف أنحاء كابول رسالة من هيئة أومار مفادها ان عشرين شخصا على الأقل يلقون مصرعهم يوميا بواسطة الألغام في أفغانستان.
ويحاول الدكتور والي حاليا، استخدام صور فوتوغرافية حصل عليها من خلال شبكة الإنترنت، أن يساعد فريق إزالة الألغام التابع له عن طريق تصنيع نماذج دقيقة للقنابل العنقودية الصغيرة الأمريكية الصنع التي تم القاؤها على العاصمة كابول وعلى امتداد وادي شامولي في إطار الحملة ضد حركة طالبان.
ويقدر والي عدد القنابل الصغيرة التي سقطت في مختلف أنحاء أفغانستان منذ شهر أيلول/سبتمبر بنحو 70000 قنبلة، وفي حالة سريان القاعدة العامة التي تشير إلى أن عشرة بالمائة من القنابل، باختلاف أنواعها، لا ينفجر عند إسقاطه، فإن هناك الآن مشكلة جديدة كاملة يجب التعامل معها تتعلق «بالهدايا الأمريكية»، ومن المعتقد ان واحدا من كل ثلاثة أشخاص من الأفغان العاملين في هيئة هالو ترست في مجال تطهير الألغام والذين لقوا مصرعهم الشهر الماضي قد قتلوا أثناء التعامل مع قنبلة عنقودية.
ولكن هناك قرابة 1200 شخص آخرين من العمال المحليين يقومون بهذا العمل الخطير نظرا لقيمة الراتب الشهري الذي يتقاضونه والذي يبلغ مائة دولار.
ويتلقى أغلب العمال تدريبا يستغرق ثلاثة أسابيع فقط قبل أن يبدأوا العمل، في حين يصبح العاملون في منظمة أومار على استعداد للانخراط في العمل بعد أسبوعين، وعلى الطريق المؤدي إلى بجرام، يبحث ثلاثة من الشباب داخل حطام إحدى الدبابات الروسية الصدئة من طراز تي72 عن الأجزاء السليمة، غير عابئين بالخطورة التي يتعرضون لها أثناء سيرهم فوق الأرض العشبية على جانب الطريق.
ويضحك زولامي قائلا وقد تملكه زهو النصر هو يمسك بيده اثنين من مناظير الدبابة المحطمة التي استخرجها من الحطام ليبيعها «نحن محصنون ضد الألغام».
وعلى امتداد الطريق، يدفع أكرم، أحد المزارعين المحليين، دراجته المحملة بأخشاب التدفئة ذات القيمة الكبيرة والتي قام بجمعها مع ولده بيرفيز البالغ من العمر عشرة أعوام من السهل.
واعتاد المجاهدون السابقون في الثمانينيات أن يهاجموا القوافل السوفيتية في هذا المكان.
والأمر الذي يبعث على السخرية ان أكرم وولده لا يزالان معرضين لخطر الموت بواسطة الأسلحة الروسية المدفونة تحت الأرض.
ويقول أكرم بينما تعلو وجهه ملامح الضيق حين يعلو صوت انفجار آخر بعيد في الوادي وتتصاعد سحب الدخان في السماء الزرقاء «في بعض الأحيان أشعر بالخوف، ولكن ماذا بوسعي أن أفعل؟ فنحن بحاجة للأخشاب»، ويقر رحمة الله، بعد خمس سنوات من انضمامه إلى هيئة هالو ترست، ان هذا العمل ما يزال يلقي بظلاله على حياته، فزوجته تموت قلقا كل يوم، وفي الليل تنتابه كوابيس يرى فيها المزارعين وهم يسيرون نحو الألغام، ولكنه لا يتردد عند سؤاله عما يحققه من مهنته فيقول «يتملكني شعور رائع حين يتم تطهير منطقة من الألغام ونقول للناس يمكنكم أن تعودوا لدياركم مرة أخرى».

أعلـىالصفحةرجوع












[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved