| متابعة
*
* نيقوسيا د ب أ:
يتفق مسؤولون عسكريون وخبراء استخبارات في باكستان والولايات المتحدة على أن الأفغان العرب من عناصر تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن شكلوا العمود الفقري لمليشيات حركة طالبان التي مازالت فلولها تقاوم الحملة التي تقودها واشنطن وحلفاؤها في آخر معاقلها بالكهوف السحيقة بجبال تورا بورا الوعرة شمال شرق البلاد.
ويؤكد هؤلاء المسؤولون الأمريكيون والباكستانيون أن الأفغان العرب، وهو الاسم الذي يطلق على الأجانب من عناصر الميليشيات داخل أفغانستان.، يضطلعون بأدوار محورية خاصة بالعمليات العسكرية ومهام الأمن الداخلي بالأصالة عن حركة طالبان ولا زلوا يمثلون «خطرا متزايدا» بالنسبة للقوات البرية الأمريكية، وقد أثبت الأفغان العرب بالفعل أهميتهم من أجل استمرار بقاء حركة طالبان في السلطة لأكثر من خمسة أعوام، وينتمي قادة طالبان إلى فئة «الطلاب» الذين تلقوا تعليمهم الديني «بالمدارس» في باكستان وتعتبر خبراتهم العسكرية محدودة.
ويقول الجنرال المتقاعد أنور شير وله نفوذ كبير على ضباط الاستخبارات في باكستان والقادة العسكريين الأفغان «إن العرب هم أفضل المقاتلين لدي طالبان.، ومن الممكن لمجموعة تضم 30 مقاتلا من العرب الأفغان أن تشتبك مع كتيبة قوامها ألف فرد وتقتل مائة من جانبهم قبل أن يسقط من جانبها قتيل واحد».
وأضاف شير: إن العرب، بعكس غيرهم من الجماعات الأفغانية، «لا يمكن رشوتهم بالمال» كي ينشقوا أو استمالتهم للانسحاب.
ويؤكد الجنرال الباكستاني المتقاعد أن المقاتلين العرب أو الأفغان العرب «لا يمكن رشوتهم في حين أن معظم قادة طالبان يمكن تقديم رشوة لهم»، ونتيجة «الانضباط والخبرة» التي يتمتع بها الأفغان العرب، أوكل إليهم قادة حركة طالبان أيضا مهام خاصة أخرى تشمل حماية المدن خلال فترات الليل وعمليات الاستخبارات المضادة لمواجهة حلفاء الولايات المتحدة الذين كانون يحاولون تشكيل قوات مقاومة مضادة ضد طالبان، ومن بين المهام الأخرى، «تخطيط وتنفيذ الغارات الانتحارية على أي قوات أمريكيةربما تتمركز داخل أفغانستان»، حسبما حذر العديد من مسؤولي الاستخبارات الباكستانية.
يذكر أن إسلام أباد كانت على علاقة وثيقة بحركة طالبان وقد لعب خبراء عسكريون باكستانيون وجهاز الاستخبارات الباكستاني دورا محوريا كما تقول تقارير غربية في التمهيد لصعود الطالبان إلى قمة السلطة في كابول في أيلول/سبتمبر من عام 1996.
ويقول المسؤولون أيضا إن حركة طالبان أوكلت للأفغان العرب مهمة التمركز في مواقع على الخطوط الأمامية للدفاع عن العاصمة كابول وقندهار قبل سقوطهما.
كما تم حشدهم لمواجهة قوات التحالف الشمالي دفاعا عن مدينة مزار الشريف الاستراتيجية الشمالية والتي شكل نجاح التحالف في الاستيلاء عليها نقطة التحول الرئيسية في التعجيل بالإطاحة بحركة طالبان والسيطرة على معظم أفغانستان فيما بعد.
كما تولى الأفغان العرب كذلك «مواقع القيادة في الفرقة 550 التي كانت تتبع الجيش الأفغاني سابقا وتضم دبابات وحاملات جنود مدرعة وقوات فدائية منظمة تنظيما جيدا وتمثل واحدة من نقاط القوة العسكرية القليلة التي كانت تتمتع بها حركة طالبان وتشبه قوة من الجيش وذلك قبل الإطاحة بها في مطلع الشهرالحالي. ويؤكد مسؤولو الإغاثة كذلك إن الأفغان العرب قاموا بالإغارة على بعثات ومكاتب الأمم المتحدة في قندهار جنوبا وجلال أباد شرقا ومزار الشريف شمالا من بين مدن أخرى.
ويؤكد مسؤولو الاستخبارات الباكستانية أن كبار قادة طالبان كانوا يعتمدون أيضا ولو بشكل جزئي على بعض العناصر المناوئة لهم إبان حقبة الاحتلال السوفيتي للبلاد والتي بدأت في عام 1979، وقد ضمت صفوف طالبان قبل انفراط عقدها «ضباطا من الجيش الأفغاني السابق والقوات الجوية الذين انحازوا إلى جانب السوفيت بالإضافة إلى عناصر سابقة كانت تعمل لدى وكالة الاستخبارات الأفغانية التي تعرف باسم الخاد والتي تآمرت مع جهاز الاستخبارات السوفيتي السابق الكي جي بي».
ويقول وزير الداخلية الباكستاني السابق وجنرال الجيش المتقاعد نصير الله باهار والذي كان قد قدم الدعم لقادة طالبان في السابق في مسعاهم للاستيلاء على السلطة «يمكنك أن تجد الجميع هناك مثل الشيوعيين السابقين وعملاء جهاز الخاد سابقا، إن كل من يترك لحيته يصبح مؤهلا للانضمام إلى طالبان».
ويؤكد المسؤولون الأمريكيون والباكستانيون أيضا أن قادة طالبان كانوا يضعون ثقتهم العمياء في الأفغان العرب من الدول الإسلامية الذين شرعوا في التجمع بأفغانستان خلال فترة الثمانينات لشن حملة جهادية لطرد القوات السوفيتية من أفغانستان.
ويقول الجنرال شير الذي شارك في مهمة تكوين جماعات المجاهدين الأفغان التي هزمت الجيش السوفيتي وساهم في تشكيل حركة طالبان التي خلفتهم وظهرت نتيجة لحالة الاضطراب السياسي التي تسبب فيها المتمردون في التسعينيات «إن العرب جاءوا هنا أولا بناء على تشجيع من الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة «في الثمانينات، ويضيف شير «إن معظمهم ظل في أفغانستان وبعضهم تزوج وكان الكثيرون منهم غير مرغوب فيه في أوطانهم، وتجمع الكثيرون حول ابن لادن، وقد ارتفع قدره بسبب المحيطين به وبخاصة أولئك الذين انضموا إليه من مصر». ويؤكد المسؤولون الأمريكيون والباكستانيون أن بن لادن «لم يتلق أي تدريب عسكري رسمي، ولكنه قام مع نائبه الأول أيمن الظواهري قائد حركة الجهاد الإسلامي المصرية بتوحيد المقاتلين العرب التابعين لهم في المقام الأول مع قيادة حركة طالبان العسكرية لدرجة أنه لم يعد هناك اختلاف بين الجماعتين بالنسبة لمخططي الاستراتيجية العسكرية الأمريكيين.
ويقول دبلوماسي غربي يتابع الحرب في أفغانستان عن كثب «إن تأثير ابن لادن والظواهري على حركة طالبان كان عميقا بالفعل، وما لم يكن لدي المقاتلين العرب بطاقات تحديد هوية فمن الصعب بالفعل تمييزهم عن مقاتلي طالبان».
وتشير أفضل تقديرات أجهزة الاستخبارات الغربية إن عددهم «يصل إلى 5000 فرد أو يزيد». ويؤكد الدبلوماسي الغربي أنه من الصعب «تحديد هذه الأرقام بدقة في أفضل الأحوال»، وذلك طبقا لما ذكره المراسل الأمريكي تيم وينير في تقرير شامل من مدنية بيشاور الباكستانية الحدودية، نشرته له مؤخرا صحيفة الهيرالد تريبيون في طبعتها الدولية ونقلا عنه. في غضون ذلك، ذكرت قناة الجزيرة القطرية يوم الاحد أن حوالي 30 يمنيا من الأفغان العرب لقوا مصرعهم خلال المعركة الضارية في منطقة تورا بورا شمال شرق أفغانستان بينما تؤكد تقارير أخرى أن عدد القتلى من الأفغان العرب قد يتجاوز مائة على الأقل.
ونقلت القناة الفضائية أيضا عن تقارير غير مؤكدة قولها إن القوات الأمريكية تضع الأسرى من الأفغان العرب الذين تقدر أعدادهم بالمئات في جلال أباد تمهيدا لإرسالهم إلى الولايات المتحدة، وفي حالة صحة هذا التقرير فإنه سيتم تقديمهم إلى محاكم عسكرية أمر الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بتشكيلها في الولايات المتحدة نفسها وعقب إجراء التحقيقات معهم والتي قد تكشف النقاب عن المزيد من المعلومات الهامة عن شبكة القاعدة المنتشرة في حوالي 60 جولة، وبالنسبة لمصير ابن لادن، فلم يستبعد مراسل الجزيرة السابق في كابول تيسير علواني أن يكون قد تمكن بالفعل من الخروج من أفغانستان وإن كانت «أدبياته» تمنعه من ترك مقاتليه والفرار.
يذكر أن الذارع الأيمن لابن لادن هو المصري أيمن الظواهري الذي صدر ضده غيابيا حكما بالإعدام وكان من قادة تنظيم الجهاد المحظور في مصر، وقد لقي محمد عاطف، أبو حفص المصري، قائد الجناح العسكري لتنظيم القاعدة مصرعه خلال غارة جوية أمريكية بالقرب من كابول، وقد تزوج أحد أبناء ابن لادن من إحدى بنات عاطف.وأكد المحامي المصري منتصر الزيات في تصريحات خاصة لقناة الجزيرة أيضا أن مصريا آخر سوف يحتل نفس الموقع الذي تركه عاطف شاغرا بتنظيم القاعدة نتيجة مصرعه.
كما أكدت تقارير أخرى مؤخرا مصرع عزة، وهي زوجة الظواهري خلال قصف أمريكي آخر بمنطقة تورا بورا، أما زميل عاطف، وهو أبو حفص الموريتاني، فقد أجرت معه قناة الجزيرة حوارا مؤخرا لم يستبعد فيه حيازة القاعدة لاسلحة «فتاكة».
ويؤكد أحمد زيدان، مراسل قناة الجزيرة بإسلام أباد من جانب آخر أن قوات كوماندوز باكستانية خاصة قد تحركت يوم الاحد وللمرة الأولى منذ بدء الحملة الأمريكية للمرابطة في المنطقة الحدودية المشتركة مع أفغانستان لمنع تسلل عناصر القاعدة.
ويضيف زيدان أنه تم اعتقال 90 مقاتلا من عناصر القاعدة وأن «30 في المائة منهم من الجرحى» بينما تفرق قرابة 2000 عنصر آخر منهم وغادروا منطقة تورابورا «التي لا تتجاوز مساحتها 20 كيلو مترا مربعا» وسوف «يصعب اصطيادهم» بسهولة بعد الآن «من قبل الطائرات الأمريكية» داخل أفغانستان.
كما نفى نفيا «قاطعا» مقتل مائتي من عناصر تنظيم القاعدة.
وأضاف أن عناصر القاعدة نفذت «عملية انتحارية أول أمس في منطقة تورا بورا.. أسفرت عن مقتل وجرح 77 من القوات الأمريكية والقوات الأفغانية الموالية لها» طبقا لما ذكره القادمون من أفغانستان.
ويؤكد وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الذي يقود الحملة العسكرية الأمريكية داخل أفغانستان للقبض على ما تبقى من فلول حركة طالبان واصطياد ابن لادن «حيا أو ميتا» أنه يرفض تماما السماح بعودة الأفغان العرب إلى بلادهم، وتحاول ليبيا على سبيل المثال التوسط لتأمين عودة المواطنين الليبيين وأفراد أسرهم الذين لا علاقة لهم بالأفغان العرب من أفغانستان.
|
|
|
|
|