| مقـالات
لغة جميلة شفافة وشاعرية وقص قليل، هذا ما خرجت به بعد قراءة الترجمة العربية لرواية «الحزام» للكاتب السعودي أحمد أبو دهمان، ولقد كنت متلهفاً على قراءة الرواية لسببين الأول لمحبتي الصادقة لأحمد أبو دهمان فهو من الأصدقاء القلة الذين تشعر ازاءهم بمودة صادقة خالية من المصالح والمنافع، والسبب الثاني كون هذه الرواية أول عمل أدبي سعودي يكتب مباشرة باللغة الفرنسية، وربما أضيف سبباً ثالثاً وهو الضجيج الذي صاحب هذا الاصدار من محبي أحمد أبو دهمان ومن الصحف والهيئات الثقافية الفرنسية، ما جعل أحمد أبو دهمان وقصته موجودين في العديد من وسائل الإعلام والندوات، وآخرها ندوة عقدت بمكتبة الملك فهد في الرياض حضرها حشد من المثقفين وأعضاء من السفارة الفرنسية، وقد وقع أحمد أبو دهمان نسخاً كثيرة من روايته قبل ترجمتها أثناء هذه الندوة ولأننا نفهم تماماً احتفاء الفرنسيين بأي عمل يخطه كاتب غير فرنسي الأصل باللغة الفرنسية فاننا لا نفهم حقيقة الموقف السلبي الذي وقفه بعض الكتاب السعوديين ومنهم أكاديميون من هذا النص؟
لقد كان في مخيلة كل من قرأ عن رواية «الحزام» أنها ما كانت لتأخذ اهتمام الصحافة أو أجهزة الإعلام في فرنسا بالذات، إلا لكونها تقدم شيئاً جديداً، وهي كذلك فعلاً فالنسخة العربية التي قرأتها باستمتاع وضعتني أمام عالم بكر، سوف يظل كنزاً لمن لديه الموهبة والمهارة، التي لدى قلة غرفت من هذا الكنز مثل: محمد علوان وعبد العزيز مشري، الفرق بين أحمد أبو دهمان ومن سبقه قدرة أبو دهمان على الكشف أو الحديث دون مواربة كانت كافة المساحات أمامه مفتوحة مثل ملعب كرة القدم، فولج دون خجل، إلى كافة الزوايا، ورصد بكاميرته زوايا وتعرجات وملامح جامدة ومتحركة حتى وجدنا أنفسنا أمام لوحة جميلة ومتألقة. ان أحمد أبو دهمان وهو يرصد نمو بطل روايته منذ البداية البدائية، وحتى المرحلة الفرنسية. وضعنا أمام سؤال بحجم هذا العمل، ماذا لو قام كل واحد منا برصد تشكلاته الحياتية بدون مواربة أو حجاب أو عين رقابية، كما يفعل أغلبنا أو يفعل بهم، مؤكد أننا سوف نجد أمامنا عوالم مدهشة مثلما وجدنا أنفسنا أمام عالم الحزام المدهش، الذي لم يقدم سوى الحقيقة ومن يقدر على رصد الحقيقة أكثر من عين قروي لم تلوثه المدينة؟
أحمد أبو دهمان لم يقدم نصاً روائياً أو قصصياً أو سيرة ذاتية ، ولكنه قدم كل هذه المسميات معها أو وسطها شريطاً بالغ الصدق والشفافية.. وأنا أطوي رواية الحزام شعرت بالامتنان لأحمد أبو ريان أولا لأنه من الجزيرة العربية وثانياً لأنه أهداني شريطاً لم يخضعه للمونتاج كما نفعل كثيراً مع نصوصنا.
|
|
|
|
|