| محليــات
أصبحنا في قلب العيد، ومن المؤكد أننا قرأنا بيت المتنبي الشهير في مقالات لا حصر لها هذه الأيام: «عيد بأية حال عدت يا عيد..». كل كاتب سل قلمه وبدأ يصيغ مقالا بدأه أو أنهاه بهذا البيت مقرونا ببعض التفاصيل عن حال الأمة وحال البلاد والعباد، ثم تلاها بسرد من النصائح الصالحة لكل زمان ومكان والتي كررها هو وغيره آلاف المرات. ملف لابد من فتحه وإغلاقه مرتان في السنة. ولا يبدو في الأفق أن هناك شيئاً آخر نستطيع أن نقوله في هذه المناسبة الكبيرة غير هذا الذي نقوله ونعيده. لن أقفز للحديث عن فلسطين وأفغانستان والشيشان وغيرها من بلاد المسلمين التي تعاني من مشاكل، بعضها من صنعنا وبعضها فرض علينا. وأحب أن أكتفي بالحديث عن أطفالنا والفرح في العيد، فإذا كنا منعنا عن أنفسنا فرحة العيد فعلى الأقل نترك الأطفال يمرحون ويفرحون بعيدا عن مشاكل هذا العالم فمن حق الأطفال أن يعيشوا طفولتهم كاملة وان نستفيد من روح العيد بأن ننظر إلى الأطفال نظرة أخرى تمنحهم الحياة التي تستحقها براءتهم وأن نبعدهم عن صراعات الكبار وخاصة الصراعات التي عجزنا عن التعامل معها او فهمها يكفي الأطفال الغموض الذي يرونه في العادي واليومي حتى لا يدخلوا في وقت مبكر في غموض هذا العالم الذي نعيشه، فالسنوات الأولى من عمر الإنسان حاسمة في مستقبله ومستقبل أمته، فالروح يتم تشويهها في هذا العمر عندها لا تنفع معها أي ترميم. هناك عدة نقاط بسيطة يمكن ان نمنحها شيئاً من تأملاتنا على الأقل في أيام العيد.
نبدأها من أطفال الشوارع هذه الظاهرة التي بدأت تتنامى في بلادنا لا يمكن السكوت عنها أبدا فهؤلاء الذين يتعاطون البيع عند الإشارات لا شك هم طلائع لمشكلة خطيرة تريد ان تفرض نفسها علينا.
ثانياً الأطفال الذين تشاهدهم يلعبون في صباحات المدرسة وكيف يمكن ان نتعامل مع الآباء الذين لم يلحقوا أبناءهم المدرسة؟ وما هو دور دوريات الشرطة في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة؟ كما ان هذا يطرح السؤال الذي تجاهلناه كثيراً: لماذا لا يكون التعليم في بلادنا إلزامياً؟!.
والشيء الثالث: العنف الموجه ضد الأطفال سواء من داخل البيت أو من خارجه، قرأت قبل فترة تحقيقاً أعدته الكاتبة ناهد باشطح نشر في مجلة «هي» حول مشكلة لم يلتفت لها أحد وهي الاعتداء الجنسي على الأطفال وخاصة من الأقارب. ففي كثير من الدول يعتبر الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة تعادل جريمة القتل. وأتذكر ان رجلا في الثلاثين من عمره تقدم للمحكمة «أمريكا» مدعيا أن شخصاً قد اعتدى عليه جنسياً عندما كان طفلا رفض محامي المعتدى عليه التهمة لأنها حدثت قبل أكثر من ربع قرن من الزمان، ولكن القاضي قال بكل وضوح أنه في مسألة الأعتداء الجنسي على الأطفال لا يوجد تقادم. ونظر فيها وحكم على المعتدي بعد ربع قرن من ارتكابه جريمته.
رابعاً التغذية السليمة للأطفال. كل الأطفال يحق لهم أن يتناولوا الغذاء الكافي لنموهم وقد تبدو هذه القضية صعبة ومعقدة ولكنها يجب أن تكون جزءاً من إستراتيجية التنمية في البلاد وهي مسؤولية وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات.
خامساً من حق الأطفال المرح واللعب ليس في المناسبات فقط وإنما طوال حياتهم في الطفولة. المملكة واحدة من أكبر الدول تنامي في عدد السكان وهذا يعني أن نسبة الأطفال عالية وعليه يجب أن تصمم مدننا وحواضرنا بما يؤمن للأطفال فرصة العيش بسهولة فتكون المدارس وحدائق الأحياء وملاعب الأطفال لها أولوية.
وهناك سادساً وسابعاً وثامناً.. من أجل الأطفال. ان الأمة التي تضع الأطفال في صلب إستراتيجيتها هي الأمة الجادة في برامجها التنموية.. وكل عام وأنتم بخير.
|
|
|
|
|