| الثقافية
* الرياض - مندوب الجزيرة الثقافية:
استضاف الشيخ عثمان الصالح في منزله العامر جمعاً من العلماء والأدباء والمثقفين لحضور ندوته «الاثنينية» التي كان موضوعها «موقف المسلم من الفتن» وكان المحاضر الرئيس فيها فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق.. وأدار الأمسية الدكتور إبراهيم أبو عباة وشارك فيها كل من الدكتور إبراهيم العيسى، والدكتور محمد الفاضل والأستاذ محمد بن ناصر الأسمري، وأجاب الشيخ المطلق على أسئلة الحضور، ثم قدم الشيخ عثمان الصالح «درع الاثنينية» لفضيلة الشيخ عبدالله المطلق، وكان للدكتور عبدالرحمن العشماوي مشاركة شعرية بهذه المناسبة.
كلمة ضيف الاثنينية الشيخ عبدالله المطلق
الإخوة في الله أتحدث إليكم عن موقف المسلم من الفتن وقبل ذلك نعرف الفتن.
ما هي الفتن جمع فتنة وهو إدخال الذهب في النار ليختبر ليعرف جودته والفتن هي ابتلاء وفتنة وحين يسميها القرآن ابتلاء يرشد الناس إلى أنه هو الذي يتيح معرفة الشخصية الحقيقية والله يفتن الناس ليختبرهم ويقول الله «أولم يروا أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين».
والله تعالى يبتلي ليظهر الناس ليهلك من هلك ويحيى من حي.
ويقول الله «..أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون»
ومن يعبد الله على حق من أصابه خير اطمأن به ومن أصابته فتنة انقلب وخسر الدنيا والآخرة.
ومن معاني الفتنة العذاب ويقول «ذوقوا عذابكم» وأريد بها الايقاع في السوء والبعد عن الخير يصرفونك من الخير ويوقعونك في الشر.
ومن معاني الفتنة زرع التفرق وهذه أشهرها في الفتنة بالقرآن الكريم.
الفتنة والاختبار أمر نبه القرآن الكريم عليه ليسلموا من عواقب الرسوب في الاختبار «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة».
روي في تفسير الآية قال قلن للزبير بن العوام ما جاء بكم للبصرة ضيعتم الخليفة بالمدينة فقال الزبير «واتقوا فتنة لا تصيبين الذين ظلموا منكم خاصة» ولما وقعت علمنا أننا أردنا بهذه الآية.
أشهر وسائل الفتنة التي تدعو الناس إليها وتوقعهم فيها
الاختلاف والتنازع وما تجره البلبلة الفكرية والمنازعات العقائدية «يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان».
بل إن بعض النفوس تعتقد أنها خير لها من الطاعة مع أنها لو سلمت من فتنة إبليس لكنها وتجاهلت كل ما ينفع وفتنت بالمعصية.
ويقول رب العالمين
وعندما يسمح الأبناء الليلة بالمنتزه معسل ممتاز فالمكان المباع به أولى أن يسمى مزبلة والشيطان حين غوى آدم وحواء قال لهما «إني لكما من الناصحين».
من أسباب الفتنة الفكر المنحرف الذي تبتلى به الأمم الذي يحارب الفضائل، وهذا الفكر إذا وجد حوربت فيه الفضائل، افتتن به كثير من الناس وربنا حذر نبينا وقال «واحذرهم أن يفتنوك».
ومن أسباب الفتنة تسلط الظالمين لأنهم يسحبون معهم عامة الناس سواء في القدوة السيئة أو بالإغراء المالي أو بقوة السلاح.
ومن أسباب الفتنة الإخلاد إلى النعم وعدم العمل بها يرضي الله ويقول رب العالمين «واعلموا انما أموالكم وأولادكم فتنة» فالمال والأولاد والحياة فتنة، لكن هذه النعم إذا استغلت بما قاله الله كانت أنعم نعمة للإنسان أنعم الله عليهم بها.
ومن أسباب الفتنة: الأزمات وإذا جاءت الأزمات وحلت المصائب وغابت القيادة حلت الفتن ويجب على الناس أن يراعوا السمع والطاعة ولا يفتح المجال لمن يندس في صفوفهم من يفرقهم ويشتت جمعهم.
والفتن تكثر في آخر الزمان والسبب قلة ارتباط الناس بالعلماء ويقول: يتقارب الزمان وينقص العمل وتظهر الفتن ويكثر الهرج والمرج هو القتل.
وان أردتم أن تعرفوا هذا فاسمعوا الأخبار.
وهذه الآثار هي التي تظهر الاختلاط والتفرق والتنازع والنبي يشدد على هذا الأمر مجالسكم كلها في فلان أخيكم.
وإذا نظرنا كيف عالج الإسلام هذا ويقول ولا تنازعوا واصبروا إن الله مع الصابرين والذي يقال له اصبر هو المنهزم المفتتن والله رب العالمين مع المظلوم يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا.
يقول الإمام علي لا تكرهوا الفتنة في آخر الزمان فإنها تبين المنافقين.
ولما انكشف المسلمون في غزوة حنين ماذا حدث الآن بطل السحر تبين ضعيف الإيمان ولما جاءت غزوة تبوك لم يجد الرسول صلى الله عليه وسلم ما يحمل الناس عليه.
لا تفتني ارجعني اتركني ونحن الآن لما جاءت هذه الفتنة قال بعض الأبناء لا بد من إعادة النظر في المناهج لأن هذه المناهج الإسلامية هي التي تربي الإرهاب، اعطونا إرهابياً من الدعوة الإسلامية وكلية الشريعة ودارس التربية الإسلامية والإرهاب كله من الدول التي لا تعرف الدين الإسلامي.
ولو كانت طالبان على حق وذهبت فكم قتل من أنبياء ما وهنوا وما ضعفوا وما استكانوا والأزمات هي التي يتبين فيها من فتن بالله كان كعذاب الله.
ولا يجوز أن نحمل الإسلام أخطاء المسلمين وعاقب الله المسلمين في أحد حينما نزلوا ظنا بانتهاء المعركة وجمع الغنائم.
والمسلم في الفتن يزداد إيماناً وقوة وتماسكاً.
والمؤمن كلما خاف رجع إلى ربه لا ملجأ ولا ملاذ منك إلا إليك.
ومن آثار الفتن كثرة الإشاعات الذين في قلوبهم مرض يكذبون ويشيعون، والإشاعات رب العالمين حرم إثارتها والنبي يقول كفى بالمرء كذبا أن يحدث كل ما سمع ومن تحدث بحديث يظن أنه كذب فهو أحد الكاذبين.
والمؤمن في فترة الاشاعات ثابت لا يتزلزل ولا يقبل إلا ما يجيزه الشرع ويقبله العقل، وما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك ربنا إن هذا إلا بهتان بين يظنون بإخوانهم خيرا والإشاعات التي يروجها المرجفون ويروجها موزع إبليس هذه الاشاعات المحرمة المسلم منها في موقف ثابت لا يقول إلا ما يعتقد أنه حق ويرد كل ما يظن أنه باطل «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين».
وكما قال الشاعر :
ما قال ربك ويل للذين سكروا
وإنما قال ويل للمصلين |
نسأل الله العافية والسلامة.
رسم الله لنا طريقا نتمسك به وننجو من الفتنة ويقول ستكون فتن القاعد فيها خير من الواقف والواقف خير من الماشي.
واليهود يسعون للفتن والاشاعات.
وأهم ما على المسلم في الفتن أن يحفظ لسانه لأن الرجل يصبح مؤمنا ويمسي كافراً ويمسي الرجل كافرا ويصبح مسلماً.
فإذا كان يدعوهم للفتنة يخرج الناس من الخير ويوقعهم في الشر.
وكذلك على المسلم إحسان الظن ما لم تظهر القرائن.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وبعض الناس به سوء ظن حتى بأقرب الناس وقد رأى رجل حكيم ان ابنه مشغول بجمع عيوب الناس فأراد أن يلقنه درساً فقال فخرج للبر وخرجوا للبر وأخذ ابناً باراً طيباً قال له أرسل لنا واجمع الخير وقال للسيئ أجمع الإبل فلم يجمع شيئاً فقال انظر لأخيك كيف جمع من يحمد عليه وينفعه في الدنيا والآخرة ولم تشغله جمع العيوب والفتن.
وقد امتن رب العالمين على هذه الأمة ..
وإذا تآلفت القلوب اجتمعوا وإذا تنافروا اختلفوا مثل الزجاج كسرها لا يجمع والذين يتحابون في الله لا يختلفون.
«إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء».
وكذلك يجب الحذر يقول الله «وفيكم سماعون لهم» وهم يحبون إثارة الفتن وعيوب الناس وكاتب يقول شيئا لم يتأكد منه يأخذه السماعون ويتحدثون وكأنهم أخذوه من كتاب الله عز وجل لذلك يجب الحذر.
والبخاري ذهب لرجل يريد أن يأخذ منه الحديث فوجده يكذب فرفض أن يأخذ منه الحديث.
وكذلك التسرع قد يكون غير كاذب وإنما متسرع ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بما سمع».وكذلك مما ينبغي للناس الالتفاف حول العلماء والأمراء أن تلتقي الرغبة مع الراعي، و الدين النصيحة وهذا هو أساس اتحاد المسلمين.
والإنسان لا يربط سمعه بمصلحة نفسه.. ويجب على الإنسان البر أن يسمع ويطيع ويجب الاهتمام بالالتفاف والحذر وكذلك يجب التعاون والخوف من الله فبعض الناس يخاف من المباحث ولا يخاف من الله، فيعمل من أجل الناس ولا يعمل من أجل الله، ولا يمكن أن نجد حاكما أو أميرا كاملا ولو كانت هناك دعوة مستجابة لكانت للسلطان لأنه الراعي والمسؤول عن الرعية والمودة والمحبة والبعد عن الفرقة والخلاف.وفي الفتن ينبغي للمسلم أن يدعو لجمع كلمة المسلمين، والمشكلة أننا نرى الناس يحللون الأنباء كأنه مستشار إعلامي سياسي شرعي، وهو لا هذا ولا ذاك، ونحن نرى القاضي حينما يريد أن ينهي قضية يستعين بكثير من المندوبين يتم رفع آرائهم للجنة متخصصة ليتم الحكم بها.
وهذه المسألة لا بد أن يجتمع بها الكفاءات والخبرات ونحن نرى بعض الإخوان الصحفيين والمعلمين يقول هناك اجتماع حضره كبار المفتوين يعتمد على ما قاله الصحفيون فيأتي ليسارع لإثارة الفتن، وهذا ناتج عن قلة الإيمان الأمر الثاني قلة الخبرات وبعض الناس لا يهتمون بالأمر فيضر نفسه ويضر غيره.فلو كان الإنسان مثقفاً لدرس الأمر وأتقنه ..هؤلاء يتبعون الشيطان «ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان» فلا يجوز أن ينفرد أحد بأمر يهم المسلمين لأنه قد يضر المسلمين إلى ما لا يحمد عقباه اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
المداخلات:
د. إبراهيم العيسى:
ولقد سمعنا هذا الحديث الجيد الذي كان وافيا وشاملاً للفتن كلها على المستوى الدولي والمستوى العالمي والفتن كثيرة ومتعددة وهي التي تؤدي إلى المصائب والكوارث والبلاوي وهذا ما نعيشه اليوم وهو ما نعانيه كذلك واسبابها ما هو صائر في العالم اليوم متناسين القيم الإسلامية ولا نستغرب أن تكون هذه الفتن وأسبابها بالمسلمين وكذلك ركز شيخنا على هذا الجانب وأن الذي يحدث من ذوي الضلال هو سوء الظن بالناس، ولذلك نتقي الفتن والمصائب التي تجر إليها.
د. محمد القاص:
أكرر الشكر للوالد المربي لإتاحته هذه الفرصة في هذه الأيام المباركة ليالي رمضان المبارك والشكر أيضا للشيخ الدكتور عبدالله المطلق بهذه المحاضرة القيمة.
من أبرز ما يلفت الانتباه في هذه المحاضرة أنه يربط حديثه بالقرآن والسنة والقرآن الكريم والسنة النبوية قد جاءا بما هو واضح وجلي في مثل هذه الأمور، وهذه الظروف، وأننا لا بد أن نلتزم بما جاء في الكتاب والسنة، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا بد لنا من الاستعانة بالعلماء والفقهاء في مثل هذه المواقف ثم إن بعض العلماء يؤكد في كثير من كلامه من التمسك بهذه القيم الإسلامية لتجنب الوقوع في هذه الفتن ولا بد أن نثق في هذا العالم وفيما يقوله.
محمد ناصر الأسمري:
فقد سمعنا من شيخنا الفاضل الدكتور عبدالله المطلق هذا الكلام الطيب الذي وضح فيه أنواع الفتن وأسبابها وكيف يمكن الاعتصام بها وموقف أي مسلم من مثل هذه الفتن وكل ذلك بأدلة دامغة من الكتاب والسنة النبوية المطهرة.
الأسئلة:
ü هل هناك فرق بين الفتنة والاختبار والامتحان في القرآن الكريم؟
اجابة الشيخ:
الفتن في القرآن هي الامتحان ومن ذلك وسائل المال والولد يختبر بها رب العالمين الناس.
ü هناك من يتحدث عن سوء الظن ويقولون: إن سوء الظن هو سبب الفتن، ربنا يقول «اجتنبواكثيراً من الظن» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ولكن لا بد من الأخذ بالأسباب فيقول اعذر أخاك المسلم هذا هو الأصل ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين سوء الظن.
ü ما هي أسباب فتنة المال؟
من أسباب فتنة المال الطغيان وهو أول وأهم الأسباب وهو أيضا شغله عن أعمال الخير من الأسباب أيضا المن على الناس ونسأل الله أن يعيننا على فتنته فقال صلى الله عليه وسلم «المال الصالح للرجل الصالح».
ü ما هو الموقف الذي يجب أن يقفه المسلم عن الأحداث في أفغانستان؟
يجب أن يمسك المسلم لسانه عن الخوض في هذا الذي يحدث في هذا البلد الذي أهلكته الحروب.. وما يحدث الآن يزيد من مضاعفات وآلام الشعب الأفغاني المسكين.. واليوم سمعنا من اللجنة التي أمر خادم الحرمين الشريفين بتكوينها لإغاثة الشعب الأفغاني الشقيق برئاسة الأمير نايف بن عبدالعزيز.. ونسأل الله أن يبارك لبلدنا وأن يجعله عونا للمسلمين.
الدكتور أبو عباة : نشكر لوالد الجميع الشيخ عثمان الصالح هذه الدعوة الكريمة، كما نشكر فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله المطلق ونشكر الجميع على الحضور
ضيوف الاثنينية يستمعون إلى الشيخ المطلق
موقف المسلم من الإشاعات يجب أن يكون ثابتا بأن يقبل ما يعتقد أنه حق ويرد كل ما يظن أنه باطل
|
|
|
|
|