أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th December,2001 العدد:10669الطبعةالاولـي الجمعة 29 ,رمضان 1422

عزيزتـي الجزيرة

الحروب وأخلاقياتها
هكذا كان السلف الصالح يفعلون في معاركهم
عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة وكل عام وجريدة الجزيرة عامة وعزيزتي الجزيرة خاصة والقراء الكرام والعرب والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بألف خير وأمن وسلام بمناسبة شهر رمضان المبارك وعيد الفطر السعيد راجياً أن يعيد الله رمضان والعيد السنة القادمة وقد عادت القدس والأقصى إلينا وأشرق السلام على فلسطين خاصة وبلاد المسلمين عامة.
أما بعد: فقد رأيت عبر الفضائيات ما يُفعل بالمحاربين المهزومين في أفغانستان من تمثيل بالقتلى وقرأت ما يكتب عن مجرمي الحرب الذين يعتدون على النساء وقرأت ما كتبه محللنا السياسي البارع الأستاذ جاسر الجاسر في أضوائه بطلب محاكمتهم كمجرمي حرب البوسنة والهرسك وكوسوفا، قائلاً إن أعمالهم تخالف تعاليم الإسلام وحتى مبادىء الأخلاق للمحاربين الشرفاء، ومن ثم أحببت أن أذكر بعض الوصايا الإسلامية لأمراء الجيوش ليتبين منها أخلاق الفارس المسلم وشريعة الإسلام في الحرب:
كتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إلى بعض قادته: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشاً أو سرية قال: اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله: «لا تَغُلُّوا (الغلول اخفاء الغنائم)، ولا تغدروا، ولا تمثلوا (التمثيل تشويه القتلى) وهذا ما رأينا في حرب الأفغان ولا تقتلوا امرأة ولا وليداً (فما بالكم بالاغتصاب والتجويع؟ الموت أرحم).
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عند عقد الألوية (تأمير القادة): بسم الله وعلى عون الله، امضوا بتأييد الله والنصر (وهذا دعاء)، ولزوم الحق والصبر (وما أحوج المحاربين إلى هذين المطلبين)، فقاتوا في سبيل الله من كفر بالله، ولا تعتدوا (حتى على الكفار) إن الله لا يحب المعتدين، ولا تجبنوا عند اللقاء (إيمان وشجاعة) ولا تمثِّلوا عند القدرة، ولا تسرفوا (في الفخر والتباهي) عند الظهور (النصر) ولا تقتلوا هَرِماً (شيخاً كبيراً) ولا امرأة ولا وليداً (وهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم) وتوقَّوْا قتلهم إذا التقى الزحفان (الجيشان) وعند شنّ الغارات (الهجوم).
وأوصى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان (أخا معاوية) لما وجهه لفتح الشام:... إنك ستجد قوماً حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما حبسوا أنفسهم له (وهم القسيسون والرهبان من النصارى).. ثم إني موصيك بعشر: لا تغدر ولا تمثل ولا تقتل هرماً ولا امرأة ولا وليداً، ولا تعقرَنَّ شاة ولا بعيراً (للأعداء) إلا ما أكلتم، ولا تحرقن نخلاً (مثل ما يفعل اليهود في فلسطين) ولا تخَرِّبنَّ عامراً (مثل هدم اليهود للبيوت في فلسطين) ولا تغُلَّ ولا تبخس (لا تضيِّع الحقوق).
وأوصى أبو بكر خالد بن الوليد رضي الله عنهما حين وجهه لقتال أهل الردة: .. أَقِلَّ من الكلام (الفعل أهم من القول)، واقْبَل من الناس علانيتهم (فمن قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقد عصم دمه وماله) وكِل (أَوْكِل) سرائرهم إلى الله.
وهذه وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: أما بعد فإني آمرك ومن معك من الأجناد (الجند) بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدّة على العدوّ، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم على عدوّكم (المعاصي أشدُّ من العدو فتكاً بصاحبها).. وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا بالقوة (العدة والعدد والمطلوب الإيمان والطاعة والإعداد)... ولا تقولوا إن عدونا شرّ منا فلن يُسلَّط علينا، فرب قوم قد سُلِّط عليهم شرٌّ منهم كما سُلِّط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفارُ المجوس (فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً) واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم (وهذا معنى: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
ومن وصية لعبد الملك بن مروان لأحد قواده: ولا تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة (ولعل هذا درس من غزوة أحد).
والكلام في الموضوع كثير، لكن ذكرت منه موجزاً مفيداً، يبين أخلاق المسلم في الحروب وآداب المنتصر، ولا ننس أن نذكر دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة عام الفتح وقد أحنى رأسه الشريف حتى كاد يلامس ظهرَ ناقته تواضعاً لله، وكيف عفا عن قريش قائلاً: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
مع الشكر للجزيرة صحيفتنا المحبوبة وعزيزتي الجزيرة المطلوبة المرغوبة، والقراء الكرام والسلام ختام.
نزار رفيق بشير - الرياض

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved