| عزيزتـي الجزيرة
للحضارة شقان: الأول مادي ويتعلق بالمنشآت والمدن وتخطيطها والطرق والمطارات والمساجد والموانئ وتوفير الخدمات التحتية.
والثاني ثقافي ويتعلق بالمستوى العلمي والسلوكي والأخلاقي والاجتماعي والديني وهما يسيران في خطين متوازيين فإذا تقدم أحدهما على الآخر ظهر ما يسمى بالفجوة الحضارية ويترتب عليها كثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
وتطوير الجانب المادي للحضارة من الممكن ان يتم بسرعة وسهولة متى توافرت الامكانات المالية، ولكن تطوير الجانب الثقافي يحتاج لفترة زمنية طويلة وتخطيط وتنظيم ودقة ومتابعة وتحليل النتائج ثم إعادة توجيه المسار.
وبعد هذه المقدمة اود ان اشيد واشير الى جهود خادم الحرمين الشريفين في جانب واحد من الجوانب الثقافية للحضارة الا وهو التنمية البشرية للمواطن السعودي فقد قدمت الى المملكة منذ عشرين عاماً وعايشت المواطن السعودي في المدينة والبادية فرأيت المواطن الاتكالي الذي يلقي كامل مسؤوليته على ا لدولة من:
* تعليم مجاني تسانده مكافأة مالية «لطلبة الجامعة».
* سكن ارض ممنوحة من الدولة يدعهما قرض الصندوق العقاري الذي غالباً ما تصدر مكرمة ملكية بإلغاء بقية الأقساط.
* وظيفة: براتب ضخم لا يتناسب غالباً مع الجهد المبذول فيها مع اتاحة الفرصة للترقي بسرعة والابتعاث للخارج لمن يرغب.
* خدمات صحية في كل مكان وعلى أعلى مستوى من التجهيز المادي والفني وأدوية مجانية على جودة مرتفعة لا يتعاطى المريض ربعها.
* سوق مفتوحة تصب فيها الخبرات من جميع بقاع العالم دون جمارك ولا ضرائب خدمة للتاجر والمستهلك.
رأيت سلوكيات سلبية تتجلى في:
* مواطن يترفع عن الأعمال المتوسطة وما هي أدنى وخصوصاً اليدوية.
* شباب لا هم لهم إلا الحديث في عدد السيارات وأحدث موديلاتها والكرة واخبارها والسفر للخارج ومغامراته.
الاستهلاك المسرف في المأكل والملبس والتكلف المبالغ فيه لدرجة التباهي في الافراح والمناسبات واستقدام الخدم والسائقين وبناء المساكن والقصور.
العدد الهائل من السيارات التي تسير في الشوارع بشحم استيرادها في بداية كل عام ميلادي.
وفي نفس الوقت كمية السيارات المحطمة في الشوارع والحراج والتشليح.
* الطالب الذي لا يحضر للمدرسة إلا للعب ومقابلة الأصدقاء واللهو بالسيارة.
* الفوضى المرورية وعدم احترام قوانين المرور واشاراته وإرشاداته.
فأي قوة خارقة وارادة حديدية استطاعت خلال عشرين عاماً فقط من الحكم الرشيد وبصبر وبصيرة نافذة ان تعدل كل هذه السلوكيات الى ما نراه اليوم.
* مواطن مستنير يعرف حقوقه وواجباته يكافح من اجل التعليم والتعلم والرقي المهني يرشد نفقاته ويدخر لنفسه وللوطن ويحرص على تربية اولاده ويدفع بهم الى معترك الحياة في مشروعاته وتجاربه، يقبل الوظيفة الشريفة ولا يترفع عن العمل اليدوي، غيور على دينه ووطنه وحكومته، يخدم القوانين ويلتزم باللوائح.
* أحاديث الشباب عن آخر التطورات في عالم الكمبيوتر والاتصالات وعن التنافس الشريف في المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث والمشاركة في الحلقات بالمساجد والندوات والمحاضرات في المراكز المتخصصة.
* شباب سعودي نجح في إدارة أكبر الشركات والمؤسسات والبنوك والقوات المسلحة وتفوق على الخبير الأجنبي بتميزه العلمي والعملي وخلقه الرفيع.
* ارتفاع نسبة السعودة في جميع مجالات العمل وتقلصت العمالة الوافدة من أطباء ومعلمين ومهندسين وفنيين وخبراء في البترول والاقتصاد والدفاع ومراكز الأبحاث.
* الشوارع تضاهي اعرق شوارع المدن الأوروبية لا من حيث نظافتها واتساعها وحسن هندستها فقط وإنما من حيث السلوك الحضاري والوعي المروري لغالبية المواطنين.
* السيارة وسيلة آمنة للانتقال والمسكن وسيلة مريحة للأمن والاستقرار وليست مجالاً للتباهي والبهرجة.
* أحاديث الناس في المجالس ناجحة وحيوية ولها احترامها في النواحي الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والرياضية.
* الصحف اليوم تقرأ ويحتفظ ببعض أعدادها كمراجع او على الأقل ببعض تحقيقاتها ومقالاتها فهناك نضج فكري.
وأخيراً لا يسعني إلا ان ادعو للمليك المفدى بالصحة والعافية على هذا الإنجاز الرائع في مجال التنمية البشرية للمواطن السعودي الذي يفوق في تقديري كل الإنجازات المادية.
عبدالعال بكار
مدارس منارات الرياض
|
|
|
|
|