| أفاق اسلامية
* كتبت شيخة القحيز:
الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى اقامتها، وبيان فرضيتها بعد الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: «انك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، «وفي رواية إلى أن يوحدوا الله» فان هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة..»الحديث، فالمؤمن يمتثل أمر الله، ويقيمها مهتماً بها خاشعاً فيها لله جل وعلا، وهي قرة عينه، وراحة نفسه، فيتحقق بها صلاحه وفلاحه وعزته وتوفيقه، كما قال تعالى: «قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون» وقال تعالى: «وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين».
ولقد كان اهتمام السلف الصالح بالصلاة اهتماماً عظيماً، قال عمر رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «من لم يصل فهو كافر».
ولمعرفة الجوانب المهمة التي يجب أن يقوم بها أولياء أمور الأبناء تجاه أبنائهم للمحافظة على أداء الصلاة، فقد التقت «الجزيرة» بعدد من الآباء والأمهات في جولة استطلاعية لمعرفة تجربتهم في حثهم لأبنائهم على الصلاة، والكيفية التي ينبغي للآباء والمهات ان ينهجوا، ليتعود الصغير على أداء هذا الركن العظيم.
المسؤولية المشتركة
ففي البداية، أوضحت المحاضرة فاطمة السليمان ان من أهم الوسائل في ذلك استشعار المسؤولية أمام الله عز وجل بذلك مع تنبيه الأولاد على أن الأب والأم مسؤولان أمام الله عز وجل عنهم، كما يجب تعويدهم على مراقبة الله عز وجل بحيث اذا اخبرا انهما صليا لا يكذبان، وان كان يغلب الظن عليهم كذبهم، مع تنمية مراقبة الله عز وجل عندهم، وتكرار ذلك عليهم في كل وقت، بل في الوقت الواحد مرات ومرات، ومجاهدتهم في ذلك، والصبر عليهم، حتى يؤدوا الصلوات في أوقاتها على أن تكون صلاة الأبناء الذكور في المساجد، وضربهم عليها لعشر، وأن يتنبه الأبوان لعظم الأمر وأنهما ما لم يبدآ تعليم أبنائهما الصلاة من الصغر فلن يؤتيا نتائج مثمرة في الكبر، مع التنبيه إلى أنهما يبوءان بالاثم وكل منهما مسؤول، فلا يلقيا بالتبعة على بعض وبالتالي يضيع الأولاد في جهل بأمور دينهم ودنياهم.
الخطوات الأولى
أما الأخت مريم الدريويش المعلمة في الثانوية الرابعة بالدلم، تقول: تعويد الأبناء على الصلاة يبدأ التفكير به منذ الخطوات الأولى في بداية الحياة مع الزوج، حيث التفكير في الذرية الصالحة المطيعة، وقبل ذلك اختيار الزوج الصالح الذي يعين على تربية هذه الذرية، والتي من أجلها شرع الله الزواج، وجعله من سنة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الزواج من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني»، ومن منطلق حديث رسول الله والذي يقول فيه: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
وتستطرد الأخت مريم الدريويش قائلة: وأهم مسألة يعود فيها الأبناء بنين وبنات بعد الايمان بالله، وغرس العقيدة الصحيحة في القلب هي الصلاة، بالنسبة للذكور: رؤية أبيهم يذهب للمسجد، الحث والتذكير بأجر الصلاة ومحبة الله لها، ويبدأ الحث منذ بداية تميز الطفل للأعمال، ويكون التأكيد عند بلوغ السن السابعة كما أمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم «مروا أبناءكم...» ويجب الترغيب عند الحث على الصلاة، والتذكير بالجنة وما أعد الله فيها للمصلين، التذكير الدائم بمراقبة الله وأن الله يراه، الحث على المسابقة لذلك وادراك الصف الأول وادراك تكبيرة الاحرام والذهاب بسكينة ووقار منذ الصغر من أجل تعليق قلبه بالمساجد وانها بيوت الله.
وشددت على أهمية ملازمة الحث على الصلاة في جميع الأحوال في السفر، والمرض، والصحة، والشغل، والفراغ بعزم وتأكيد، والتذكير بحرص الرسول عليها حتى في الحرب، والتذكير له بأنها أبرز الصفات التي تجعل العبد مقبولاً عند ربه وعند خلقه، مع ذكر عاقبة ترك الصلاة والتهاون فيها.
مراعاة السن المناسبة
ومن جهتها، أكدت الأستاذة المساعد بكلية التربية قسم الدراسات الإسلامية الدكتورة نجلاء المبارك ان مرحلة تعليم الصلاة تحتاج من الأم جهداً كتعليم أي سلوك جديد في حياة الطفل، وأفضل أسلوب لتعليم الصلاة، هو مراعاة السن المناسبة التي وجهنا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الأمر بالصلاة لسبع سنوات، ولابد أن تمارس الأم مع الطفل التدريب من خلال صلاة الجماعة بحيث تناديه عند كل صلاة، وتأمره بالوضوء معها، ثم الصلاة سوياً، وترفع صوتها بالقراءة بحيث يتدرب على أقوال وأفعال الصلاة.
وأشارت الى أنه لابد أن يوفر للطفل احتياجات الصلاة الخاصة به حتى يفرح بذلك كالسجادة أو الحجاب للبنات، وهكذا، أما الذكور، فيحسن اصطحاب آبائهم أو اخوانهم لهم الى المسجد وملاحظة صلاتهم والاجابة عن استفساراتهم، ولابد من التشجيع على ذلك، ومدح الطفل باهتمامه بالصلاة عند اقرانه، وتقديم الهدايا له بمناسبة ذلك، ويلزم عدم التغليظ على الطفل في مراحل تعليمه الأولى عند تقصيره إلى أن يعتاد الصلاة ويحبها.
تجربتي الشخصية
ومن ناحيتها، تقول الأخت نوف الدوسري: بالنسبة لتجربتي الشخصية في تعويد أطفالي الصلاة لم يكن ذلك أمراً له وقت محدد وانما كان ذلك في سن مبكرة، حيث كنت أحرص على أن أعلمهم أنه عند سماع الأذان لابد من ذكر الله ولابد أن يلتزموا الصمت والانصات.
وتضيف نوف الدوسري قائلة: وبعد أن تصل أعمارهم تقريباً إلى سن الرابعة يجب أخبارهم بضرورة القول كما يقول المؤذن وكنت أجعل لهم حوافز مادية و مغرية على من يقطع حديثه، ويردد الأذان قبل الآخر، ومن ناحية أخرى كنت أستغل أسئلتهم المتعلقة خاصة عن الجنة والنار في أن تكون اجابتي عنها مرتبطة بأن من يصلي ويحافظ على الصلاة فإن له الجنة، والعكس صحيح كل ذلك بأسلوب فيه من الترغيب والترهيب، وحينما نكون بالسيارة ويتوقف والدهم لأداء الصلاة كنت أحرص على بيان أهمية الصلاة وأنه لابد أن تؤدى في وقتها، وأن الذي لا يؤديها في وقتها سوف يعاقبه الله.
ومضت تقول: وبعد بلوغهم سن السابعة أخذت في أسلوب الأمر بحيث يغلب على تعاملي معهم فآمرهم بالصلاة بالترغيب والتشجيع تارة، واذا احسست بالتهاون منهم انتهجت أسلوب الحرمان من بعض الأمور المحببة لهم، مشيرة إلى أنه اذا كان هناك اجتماع لاطفال الأسرة آمرهم بالحرص على أن يقومون بتأدية الصلاة جماعة، ويكون أكبرهم لهم اماماً، وأن يرتبوا لأنفسهم الإمام فالمأمومين ثم البنات، وهكذا.
القدوة الحسنة
وتحدث أيضاً في الموضوع نفسه الأخ سعود بن عبد العزيز العمار قائلاً: اهتم شخصياً بايقاظهم للصلاة، والاصرار على أدائهم لها، أو أؤكد على والدتهم لكي تتابعهم أثناء غيابي، وأحدثهم عن أهميتها، وأوكد على ذلك حريصاً على أن يشعروا بأهميتها، كما أشجعهم على التبكير وأدائها جماعة وأحياناً أكافئهم، وألوم الكبير منهم على التقصير مع حرصي على أن يعتادوا أداءها جماعة من تلقاء أنفسهم، كذلك أحرص على أن أكون قدوة لهم في أدائها جماعة، ولو كنت مريضاً معذوراً.
الغرس في الصغر
ومن ناحيتها، تبين الأخت أم عبد الرحمن وتعمل مشرفة تربوية في احدى المؤسسات التعليمية انه لا يخفى على الجميع ما لأهمية التربية في الصغر من ثمار في الكبر، لذا حري بنا أن نشد المئزر وأن نحرص على غرس ثمار لنجني ذلك الغرس في الكبر، والموضوع الذي طرح فهو موضوع مهم وجلي أن يطرح، فجزى الله القائمين عليه خير الجزاء.
وأكدت أم عبد الرحمن على أن الصلاة عمود الدين وثاني أركان الإسلام، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وان بين الرجل والكفر ترك الصلاة.
وحذرت الأخت أم عبد الرحمن من كثرة الملهيات والمغريات التي تشغل الأبناء عن الصلاة مثل الفيديو والحاسوب وغيرها، وانما يجب اعطاء الوقت الكافي لتقديم النصح والارشاد للأبناء بأهمية اداء الصلاة، والتأكيد عليها منذ الصغر بقليل من الضغط سيتقبل الأبناء الوضع بسهولة وسيواظبون على أداء الصلاة.
وطالبت أولياء الأمور بمتابعة أبنائهم لأداء الصلاة، وقالت: إن تحذيرهم أكثر من ترغيبهم ينفر الأبناء من الصلاة، ويجب غرس محبة الله في أنفسهم، وتشجيعهم على الاستغفار ومناجاة الله لأن ذلك يساعدهم على الحرص على الصلاة، وعدم التشجيع يساهم في تفاقم الموضوع، وعدم غرس الرقابة الذاتية لدى الطفل وعدم استشعار الاخلاص يجعل حرصه على الصلاة خوفاً من الأهل، واهمال تدريبهم في مرحلة التدريب ما بين سن (79) سنوات يجعل المرحلة التي تجب الصلاة فيها صعبة علي الطفل لعدم تدريبه.
وشرحت الأخت أم عبد الرحمن الوسائل التي تتخذها لتشجيع ابنائها على الصلاة، فقالت: أولاً: الحرص على غرس محبة الله في نفوسهم بذكر بعض نعم الله تعالى عليهم دائماً ثانياً: التحدث عن الجنة ونعيمها، وتدريبهم في سن مبكر، وتشجيعهم مادياً ومعنوياً، ثالثاً: الدعاء لهم بالصلاح والخير أمامهم، وايضاح أهمية الصلاة في الدنيا والآخرة، رابعاً: استخدام أسلوب الترغيب أكثر من الترهيب، مع سرد بعض قصص الصحابة والتابعين من آن لآخر، خامساً: غرس محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتشجيعهم لتطبيق السنة، والربط بين محافظتهم على الصلاة وبعض النجاح والتوفيق والرزق الذي يحصلون عليه، واعطاء جوائز مادية لمن كان أحرص في التكبير للصلاة.
سبعيني يتحدث عن التجربة
أبو عبد الله يبلغ من العمر سبعين عاماً، يقول: كنا في مرحلة الشباب ربينا على الصلاة والمحافظة عليها فلم نجد صعوبة في الحضور المبكر لها كلما دخل الوقت، ولكن أحد اخوتي وكان في سن المراهقة، وكلما ذهبنا لصلاة الفجر لا يحضر معنا لثقل نومه رغم اننا نوقظه قبل خروجنا، فلم يرضيني تخلف أحد اخوتي عن صلاة الفجر، ففكرت أن أحببه إليها، فقلت له: لك جائزة ثمينة في ذلك الوقت اذا حافظت على صلاة الفجر أسبوعين مع الجماعة، وهو يعلم صدقي معه، فبدأ يصحو معنا، ويصلي مع الجماعة، وبعد تمام المدة أحضرت الجائزة له، ولكن رفض أن يأخذها، وقال: أنا أصلي لله وحده، وجزاك الله خيراً على اعانتك لي على نفسي.
والدنا قدوتنا
أما الأخت فاطمة بنت محمد، فقالت: بدا لي أن أذكر تجربة الوالد حفظه الله معنا حيث كان يأمرنا بالصلاة قبل أن يخرج، ويخرج بالذكور معه لصلاة الفجر وغيرها ثم يسألنا بعد أن يعود من الصلاة، وكان يعظنا بين فترة وأخرى بعد صلاة المغرب، ويربي فينا مراقبة الله عز وجل حتى إذا قال أحد اخوتي ان فلاناً لم يصل وأنه يكذب، قال أنا لي الظاهر والله يتولى السرائر، فكان يقطع صلاة التراويح في رمضان، ويتابعنا نحن بناته في البيت، ثم يعود إلى المسجد ويصلي، ويضرب من بلغ عشر سنوات للصلاة، حتى أصبح أهم أمرنا الصلاة، وأصبح اخوتي وان عصى بعضهم أو تمرد في مراقبة أو طيش إلا أنه لا يجرؤ على ترك الصلاة.
|
|
|
|
|