| أفاق اسلامية
لو دفع أبي زكاة الفطر نقوداً لما عرفتها، ولو دفع الأضحية نقوداً لما عرفتها، ولو دفع كفارة اليمين نقوداً لما عرفتها ولو... ولو... لست هنا أتحدث عن حكم الشرع فليس ذلك لي وإنما أتحدث عن أثر تلك العبادات عليّ، فعندما كنت صغيراً كان أبي يذهب إلى السوق لنشتري زكاة الفطر أرزاً أو قمحاً وكان يقول لي هذه زكاة الفطر نخرجها بعد صيام رمضان بل كان يأمرني رغم صغر سني أن أقدمها بنفسي إلى مستحقيها وكذلك عند شرائه للأضحية وعند ذبحها وتوزيعها، هذه الصورة الرائعة ليست خاصة بأبي وبي فما نحن إلا من مجتمع كل آبائه يفعلون ذلك مع أبنائهم رغم أنهم لم يتعلموا جيمعاً بل منهم من لا يقرأ ولا يكتب. تذكرت هذه الصورة الرائعة في أيامنا هذه التي بدأنا نرى فيها من يوكل غيره بإخراج زكاة الفطر ويوكل غيره بذبح أضحيته وذلك بأن يقدم المال إلى الوكيل سواءً كانت مبرة أو جمعية خيرية أو مؤسسة أو هيئة خيرية ويقوم الوكيل بإخراج زكاة فطره أو ذبح أضحيته غالباً ما يكون في الخارج!!، وهنا أتساءل يا ترى ما الذي يدري ابني ويعلمه بأني قدمت زكاة الفطر أو ذبحت أضحيتي؟!
كيف لي أن أنحت لا أرسم فقط في ذاكرته تلك العبادة العملية الظاهرة؟!، لم لا يعيش معي مراحل وأدوار تلك العبادة من لحظة شراء وذبح وتوزيع؟! ثم تصوروا لو أن الناس نحو ذلك المنحى بأن قدموا الأموال وقام غيرهم نيابة عنهم بتلك العبادات ماذا ياترى يحدث؟! لا ريب أن شعائر كثيرة من ديننا ستختفي وخاصة من ذاكرة أبنائنا وبالذات ما ذكرت من زكاة الفطر والأضحية!!
كما ذكرت لن أتحدث عن الحكم الشرعي فذلك له أهله ولكني أتحدث عن الأثر المحسوس لإنفاذ تلك العبادات أمام الأبناء والبنات صغارهم وكبارهم حتى أنهم يعتادون عليها وتكون عبادة يتقربون بها إلى الله تعالى ثم إن للقيام بتلك العبادات أثر إيجابي مباشر على من يقوم بها لا ريب أنه يفتقدها إذ وكل غيره!!
يعلل من يرى وأيضاً من يدعو إلى تقديم الأموال إلى الغير للنيابة في زكاة الفطر والأضحية أن الداعي لذلك هو ضيق الوقت وكثرة المشاغل وعدم معرفة المستحقين، وهذه كلها ليست مبررات مقبولة ولا مقنعة إلى درجة غياب تلك الشعائر عن واقعنا فكثرة المشاغل ليس مبرراً والمشاغل وإن بلغت ما بلغت فلن تشغل المسلم الصادق عن شعائر دينه!!، وعدم معرفة المستحقين كذلك ليست بعذر فإن لم تعرفهم فيمكن أن تقوم بنفسك بشراء زكاة الفطر وذبح الأضحية ومن ثم تسليمها إلى إحدى المبرات الخيرية.
ما أروع أن تصطحب أبناءك لشراء زكاة الفطر وأن تجعلهم يباشرون توزيعها بأنفسهم وكذلك الأضحية لتعطي لهم الدروس والمعاني السامية من إظهار تلك الشعائر التي تتقرب بها إلى الله جل وعلا.
|
|
|
|
|