| عزيزتـي الجزيرة
سعادة رئيس تحرير صحيفة «الجزيرة» الأستاذ خالد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت اللقاء الذي أجري مع معالي أمين عام مجلس الشورى الدكتور حمود البدر في العدد «10655» وذلك تحت عنوان «النقل التلفزيوني لجلسات مجلس الشورى قيد الدراسة».. وقال معاليه: «إن أبواب جميع أعضاء مجلس الشورى مفتوحة ويتواصلون مع المواطنين في الحي الذي يسكنون فيه» وقال معاليه ايضاً: نحن ندعو الصحفيين والمواطنين ان يأتوا ويحضروا إلينا فليس لدينا أسرار ولدينا ستون مقعداً للزوار.
بمثل هذه الشفافية والبعد عن الغموض الذي يظن الظانون انه يحيط بمجلس الشورى وفندها الأمين العام للمجلس.. بمثل هذه الشفافية عرفنا تعامل مختلف اجهزة الدولة مع المواطنين ومنها مجلس الشورى.. ان هذا المجلس هو كالبرلمان في دول أخرى يدرس مشاكلها من قبل اناس متخصصين في مختلف أنواع العلوم وممن جربوا الحياة الإدارية.
ان الشفافية التي تحدث عنها الأمين العام تقابل هذا الغموض الذي يحاك حول مجلس الشورى.. هذا الجهاز الحديث في تكوينه.. والذي بدأ هذا الغموض حوله قبل تأسيسه.. إنه غموض مصطنع وحكم مسبق على شيء لم تتم رؤيته.. وحتى تاريخ هذا المجلس تاريخ قديم منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود.. انه ليس من واجبات هذا المجلس ان يطلع كل مواطن عما عمل وان يصدر بياناً يومياً عن قراراته ودراساته وأجندته.. ولكن توجهات هذا المجلس الحالية كما قال أمينه العام هي توجهات طيبة ومحمودة وخصوصاً دراسة بث نقاشاته تلفزيونياً «وان كان لم يقر حولها شيء حتى الآن». ان قرارات هذا المجلس ودراساته ذات صلة مباشرة بالمواطنين وبمعيشتهم وحياتهم اليومية فهو بيت خبرة لجميع وزارات الدولة.. حيث ان اعضاءه هم من ذوي الخبرة الطويلة في جميع الأعمال وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.. ان تصريحات معالي رئيس مجلس الشورى ومثل تصريح معالي الدكتور حمود البدر الآنف الذكر تعطينا الفسحة والأمل.
إن مجلس الشورى في بلادنا يختلف كليا عن البرلمانات التي تعتمد الزعيق والصراخ والجدل في نقاشاتها.. إنها شورى تستمد تعاليمها من السماء لا من قوانين الأرض والشورى مبدأ راسخ من المبادئ الإسلامية.. حيث انه مبدأ اعتمده رسول الهدى عليه الصلاة والسلام مع أصحابه.. ولعل شورته لأصحابه يوم بدر خير دليل على ذلك.. واليوم بعد 1400 سنة على معركة بدر الكبرى يتكرر نفس مبدأ الشورى الإسلامي الرصين.. في مجلس الشورى السعودي الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأصدر تشكيله الأخير برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير.. هذا هو مجلس الشورى الذي رأينا قراراته ومناقشاته حيث انه يضم خيرة أبناء الوطن ممن لهم خبرات طويلة وذوو مراس في العمل الاقتصادي والسياسي والمهني فمنهم الوزراء المتقاعدون الذين خاضوا غمار معارك التنمية وعجنوا عيدانها عوداً عوداً.. ومنهم رجال الشريعة.. ومنهم رجال السياسة والاقتصاد ومنهم الأطباء ومنهم المهندسون الذين هم بيت خبرة نادر في هذا الوطن العزيز.. ان مجلس الشورى يمثل عصارة ابناء الوطن وعصارة الخبرة.. فهو منبع من منابع النور التنموي في هذا البلد العزيز.. ان لهذا المجلس دوراً رائداً في دراسة كل ما يهم المواطن العادي حيث عرف اعضاؤه معيشة ابناء هذا الوطن.. حيث ان معظمهم قد عاش عيشة عادية.. وبعضهم عاش عيشة الشظف.. ومن هنا جاءت خبرتهم ومراسهم الطويل.
انني اثق ان هذا المجلس قد ناقش ودرس العديد من القضايا ولكن لا بأس من استعراض بعضها.
أولاً: نظام الخدمة المدنية الذي يشتمل على سلم رواتب الموظفين.. وانظمة الدوام الحكومي والتقاعد وغيرها من انظمة العمل الحكومي.. حيث ان نظام الخدمة المدنية الحالي نظام قديم ولم يتم تحديثه ليساير مستجدات العصر وعلومه.. هذا النظام لا بد من اعتماده ودراسته من جديد من قبل المختصين في المجلس أي من قبل لجنة خاصة يستعين بها المجلس لهذا الغرض.. فهذا النظام فيه بعض النقاط التي تحتاج الى إعادة الدراسة مثل نظام العلاوات ذي الفارق الضئيل في العلاوة بين كل مرتبة والتي تليها.. مما يجعل جو التنافس ضئيلاً في المنافسة على الترقية والانتقال الى مقر بعيد للوظيفة.. حيث ان هذا الفارق في العلاوة لا يستحق كل عناء الانتقال والبحث عن سكن ربما بايجار يستهلك معظم الراتب.. كذلك لا توجد أي ميزة للموظفين المبدعين في لجان الترقيات فالميزة هي اكمال اربع سنوات في الوظيفة سواء كانت حافلة بالعمل او حافلة بالكسل.. كذلك بدل النقل «600 ريال» والذي يعطى لمن يأتي لمقر عمله على قدميه صباحاً على بعد متر واحد من مقر العمل.. او من يأتي من على بعد 1000 كم فكلهم سواء.. هذه فقط بعض النقاط التي تظهر الثقوب في نظام الخدمة المدنية.
ثانياً: نظام تأمين مشتريات الحكومة وتنفيذ مشروعاتها.. وهو نظام قديم صدر من وزارة المالية والاقتصاد الوطني واستمر على وضعه دون أي تعديل رغم وجود عدد كبير من الملاحظات عليه مثل اعطاء الأولوية لأقل الأسعار على الرغم من تدني أداء المقاول المنفذ وضرورة وجود 3 عروض مما يعيق تنفيذ كثير من المشاريع الحكومية.. وهذا النظام اوجد أساساً لضمان أداء الأعمال على الوجه الأكمل والأفضل والمطلوب هو ايجاد نظام يتناسب وروح العصر والتدفق المعلوماتي الهائل..
ثالثاً: دراسة ضرورة ايجاد هيئة للغذاء والدواء يكون من مهماتها تمييز الغث من السمين وإرشاد المستهلك الى طعامه الأفضل وسط هذا الكم الهائل من الأغذية المحفوظة والمعلبات ومصانع الدواجن التي تتغذى دواجنها على الهرمونات والمضادات الحيوية.. ووسط هذا التلوث البيئي والصحي.. فلا بد من وجود هيئة للغذاء والدواء يقوم بدراسة نظامها مجلس الشورى بالاستعانة بالخبراء المختصين في مثل هذه المجالات.
رابعاً: الحرب القادمة هي حرب المياه.. وبلدنا بلد صحراوي تندر فيه مصادر المياه ومع زيادة الكثافة السكانية فلابد من وجود مصادر مأمونة واحتياطية لمياه الشرب والاستخدام المنزلي. وكذلك دراسة مخزوناتنا المائية وضرورة الاطمئنان على المياه المستخدمة في الزراعة.. فالإنتاج الزراعي مصدر مأمون من مصادر الأمن الغذائي.. وبدون مياه لا زراعة ولا غذاء.. فمتى تتم دراسة استراتيجية وطنية للمياه لدينا ويلحق بها دراسة نظام الصرف الصحي لعلاقته بالمياه.
خامساً: لا شك ان هناك لجاناً متخصصة في المجلس ومنها لجنة النقل والمواصلات وهي من أهم اللجان حيث ان مشاكل النقل والازدحام المروري في المدن تزداد مع تمدد المدن وزيادة الكثافة السكانية.. وإذا لم تتم دراسة مشكلة النقل وتوضع استراتيجية لحلها فستتفاقم.. ومن الحلول لهذه المشكلة دراسة النقل بالباصات داخل المدن بأجور زهيدة واستخدام الدراجات.. وكذلك دراسة الجدوى الاقتصادية لربط المملكة المترامية الأطراف بشبكة خطوط حديدية حيث ان النقل بالقطار اصبح مهماً في ظل تزايد النمو الاقتصادي وتزايد اعداد الشاحنات التي تدمر الطرق وتسبب الحوادث..
سادساً: لعل لدى مجلس الشورى توجهاً نحو بث جلسات المجلس تلفزيونياً وهذا من أهم الأشياء التي تجعل المواطنين يطلعون على إنجازاته ومناقشاته التي تتم في دهاليزه.. كما أرى ان يتم نشر المناقشات على صفحات الصحف.. فهي نقاشات مهمة وتثري قراء الصحف بمعلومات مهمة من رجال الخبرة المتمرسين.
سابعاً: مجلس الشورى من أهم الجهات التي يتطلع المواطنون بشوق الى الاطلاع على دراساته وقراراته والتفاعل مع المواطن وآرائه من خلال «لجنة المعاريض» التي يجب تفعيل دورها للاطلاع على آراء المواطنين من خلال مجلة دورية تصدر عن المجلس تحوي اخباره واهم ما نوقش في جلساته.. كما يجب تفعيل لجنة العلاقات العامة والإعلام من خلال الرد على ما ينشر في الصحف حول مجلس الشورى.
أخيراً اتمنى للمجلس رئيساً ونائباً وأعضاء كل التوفيق من خلال عملهم النبيل في خدمة الوطن والمواطنين.. ونسأل الله لهم التوفيق لكل ما يحبه الله ويرضاه في خدمة الدين الحنيف.
م. عبدالعزيز السحيباني - البدائع
|
|
|
|
|