| مقـالات
نعتقد أحياناً بحكم الظروف التي نمر بها والمواقف التي نتعرض لها من الآخرين وبالذات ممن يهمنا أمرهم، نعتقد أننا مجرد أرقام حسابية بالنسبة لهم أو أننا مجرد تجربة حلوة مرت عليهم وتعايشوا معها لفترة من الزمن، أو أننا محطة يتوقفون عندها للتزود منها بما يريدون ويحتاجون وبالكمية التي يرغبون أياً كان نوعية هذا الاحتياج حتى لو كان ذلك على حسابنا.
وهذا ما يجعلنا نتألم بصمت ونتعذب من داخلنا لأننا لا نستحق أن نكون مجرد محطة أو ذكرى عابرة أو حتى مجرد أرقام جامدة لا روح فيها ولا حياة.
إننا نريد أن نكون شيئاً آخر نفتخر به نحن أنفسنا ونرضى عنه، شيئاً آخر نتمنى أن نتشرف بالانتماء اليه، شيئاً آخر نتمنى أن نكون جزءاً مهماً منه لا يستغني بعضنا عن بعض كي تكتمل عناصر سعادتنا ونشعر أننا حققنا ولو جزءاً بسيطاً مما نريده ونحلم به في هذه الحياة وبالذات حينما نكون في حاجة ماسة لمن يقف معنا ويتفهم موقفنا ويقدر ظروفنا ويشاطرنا همومنا واهتماماتنا.
ولكن يظل السؤال المهم وهو هل الحياة كما تريد ونتمنى؟ وهل كل ما نتمناه نحصل عليه ولو بعد حين؟ فأحياناً أنت تنتظر وتنتظر وسوف ترضى بهذا الانتظار طالما شعرت أن له نهاية قريبة أو وشيكة ترضيك وتشعرك ان انتظارك كان لشيء يستحق على الأقل أما لو كان هذا الانتظار خالياً من الأمل فحينئذ يكون متعباً وقاسياً على القلب.
فأنت هنا شأنك شأن كل انسان يبحث عن السعادة ويتوق الى الراحة النفسية والعيش في هدوء وسلام بعيداً عن الهموم والمشكلات.
وحتى السعادة التي تعيشها الأن مثلاً في ظل هذه الأجواء الروحانية المتمثلة في الثلث الأخير من رمضان قد تشعر بداخلك أن هناك من ينغصها عليك أو أنك قد تفقدها لأنها سوف تنتهي بعد أيام قليلة وبالتالي سوف تحزن وتغتم وتتمنى لو تكون الأيام كلها رمضان كي تظل في هذه السعادة وتلك النعمة الكبيرة المتمثلة في هذه الأجواء العطرة التي لا تتكرر بسهولة وباستمرار.
ولكن الواقع يقول: إن سعادة من هذا النوع يمكن أن تستمر وتستمر اذا حاولنا أن نواصل عطاءاتنا الروحية الرمضانية الى ما بعد رمضان ولو بشكل مختلف، ولو بشكل أقل بحكم المغريات الحياتية ، ولكن أن ننقطع عن تلك العادات الجميلة والخصال الحلوة التي تعودنا عليها في رمضان فقط لان رمضان قد انتهى هنا تكون قد أجحفنا في حق أنفسنا وساهمنا دون أن نشعر في تقليل كمية السعادة التي عشناها عملياً طيلة شهر رمضان الكريم وبالتالي أوجدنا فرصة لنوع من القلق يتسرب إلى نفوسنا.
ان جزءاً بسيطاً جداً من شعورنا بالسعادة هو أن نستعيد الذكريات الحلوة والمواقف الجميلة في حياتنا سواء تلك التي مر عليها وقت طويل أو تلك التي لم يمض عليها سوى أيام قليلة أو حتى ساعات معدودة لا يهم أو حتى تلك الأيام التي ما زلنا نعيش أيامها الأخيرة كما هو الحال بالنسبة لنا في رمضان الآن.
صحيح أن اقصى درجات السعادة سوف تشعر بها حينما تشعر انك راض عن نفسك بسبب رضا ربك عنك ولكن هناك أمور مساندة ومساعدة أيضاً يمكن أن تزيد كمية السعادة بداخلنا وتجعلنا أكثر قدرة على الانتاجية وأكثر قابلية للنظر للحياة بصورة مشرقة وعملية، وصحيح أن تلك المواقف الحلوة والذكريات الجميلة قد تكون قليلة نسبياً لدرجة لا نتذكرها أو أننا بحاجة لوقت كاف لاستعادتها، إلا أننا بحاجة ماسة في هذه الأجواء الجافة والصحراء القاحلة التي نعيشها، بحاجة لقطرة ماء تروي مشاعرنا التي أصابها الجفاف بالتشقق.
بحاجة لأن تضاعف من المساحة الخضراء بداخل قلوبنا لتصبح مساحات أكبر وأكبر، ولتتسع لكل أنواع الحب، ولتتحمل كل أشكال الخلاف في وجهات النظر مهما كان عمقها.
ولِم لا تكون النظرة كذلك ونحن مقبلون على مناسبة حلوة وجميلة؟ لَمِ لا تكون نظرتنا متفائلة ونحن مقبولون على العيد تلك المناسبة الرائعة التي سوف تلم شملنا وتقربنا من بعضنا وتؤكد لنا المرة تلو الأخرى إنه لا شيء في هذه الدنيا لا الظروف ولا العقبات ولا المسافات يمكن أن تقلل من حبنا لبعضنا أو تباعد بيننا أو تنسينا بعضنا.
صحيح أن أيامنا كلها عيد مع بعضنا بإذن الله، ولكن الإنسان منا بحاجة أحياناً لمناسبة حلوة يؤكد فيها مقدار حبه وحجم تشوقه لمن يحب.
ولِمَ لا تكون تلك المناسبة الحلوة هي أنت نفسك في كل وقت أتذكرك فيه وفي كل مكان أراك فيه أو أرى من يذكرني بك؟!.
لِمَ لا تكون تلك المناسبة الجميلة هي روحك الحلوة التي تجعل الآخرين يقبلون عليك وكأنك أنت وحدك لا نظير لك؟!.
ولِمَ لا تكون تلك المناسبة الرائعة هي تجربتي الطاهرة معك التي اثبتت انك صفحة بيضاء ناصعة البياض تستحق بالعقل من يحافظ عليها من الدنس أو التشويه ومن يستمتع بجمالي الطبيعي الذي لم تدنسه الحضارة المادية أو تنال منه من قريب أو بعيد؟!.
بل وحتى غيرتك لابد أن تنظر اليها من جانب مشرق وجميل طالما كانت تعبر عن ذلك الحب الصادق الطاهر الذي يتمناه كل انسان صادق ويتوق اليه.
انه العيد مرة أخرى فلا تنسى، انها الأيام الحلوة الجميلة مقبلة علينا فلا تعتبرها شيئاً عادياً، احفظها جيداً بداخلك وعشها كي نذكر بها بعضنا بعد العيد لأن أيامنا كلها عيد بإذن الله وكل عام وانتم بألف خير وصحة وعافية.
همسة:
صدقني يا أعز الناس..
يا كل الإحساس..
لم تكن يوماً..
ولن تكون..
بإذن الله..
مجرد ذكرى عابرة..
تمر على مخيلتي..
أو أسطر جميلة..
تملأ أوراق دفاتري..
أو رقماً حسابياً..
يظل في ذاكرتي..
أو محطة عادية..
في مجرى حياتي..
***
أبداً..
فأنت شيء مختلف..
لا يمكنني بأي حال..
مهما حاولت وحاولت..
ان اصف جماله في حياتي..
أو أعبر عن أهميته بالنسبة لي..
***
إنك شيء آخر..
أعجز عن إعطائه حقه!
شيء آخر..
ملأ علي حياتي سعادة
وتفاؤلاً وأملا..
وأعطاها نكهة خاصة..
لم أتذوقها من قبل..
***
شيء حينما أتذكره..
لا أملك بحق..
سوى أن أبتسم
سوى أن تتزايد نبضات قلبي فرحاً..
سوى أن أنسى كل شيء حولي
وأعيش السعادة بأسمى معانيها
وأجمل ما فيها..
وكل ما فيها..
***
شيء حينما أتذكره..
لا أملك سوء أن أحمد الله..
سوى أن أقول:
اللهم أحفظه لي..
وبارك لي فيه..
وأتمم سعادتي به..
***
وتذكر جيداً..
ليس المهم
هو ما مضى
أو ما أخذته منه..
أو ما قدمته لك فيه..
ولكن الأهم..
هو القادم..
هو ما في جعبتي لك..
***
فرغم ما منحتك اياه..
من مشاعر حب فياضه..
واحاسيس ود صافية..
يظل هناك الأكثر..
بانتظارك!
لأقدمه لك!
فقط لأشعرك بأهميتك..
ولأحسسك بمكانتك..
وعدم نسياني لك..
***
ألم أقل لك يوماً..
ألم أكرر عليك دوماً..
بأنك عيدي الذي لا ينتهي..
فلِمَ لا أحتفل به..
وقت ما أريد..
وكيفما أريد..؟
***
وهل أحتاج إلى من يذكِّرني به.
وأنا أعيشه دوماً..
لم أنسه يوماً..
انه حياتي..
فكيف أنساها؟
كيف اتجاهلها؟
***
فيا لذلك القادم..
الذي يذكرني بك..
الذي يربطني بك..
كم أنتظره بشوق..
وكم أتلهف عليه
وكم هو رائع
روعة هذه الحياة..
وكم هو جميل..
جمال هذا الكون..
|
|
|
|
|