| مقـالات
نظرتُ كتب المطولات وكتب الفروع من كتب العلم الحديثية والفقهية وقليلاً من كتب الرقاق المراد بكلمة: العيد، كما أن كتب المعاجم ومفردات الألفاظ قد نظرت هذه الكلمة ذلك لأهمية الكلمة شرعاً وعقلاً ولما تحمله من ضارب المعنى البعيد تجاه شعيرة ذات أثر بالغ حار المراد في حياة الأمة وسائلها وغاياتها ناهيك بما يولده العيد من تصور، بل حياة معان سامية تعيد الأمين العاقل للوفاء بوعد أو عهد واحساس نفسه وشعوره بما يلزمه تجاه من وصاه الله سبحانه وتعالى به وبهم من: قريب وجار وفقير ومسكين وذي عثرة وذي نثرة وذي بثرة.
ناقش كبار العلماء كلمة العيد ناقشوها من خلال/ فتح الباري/ وعمدة القاري/ والمجموع/ والمغني/ والمحلى/ وحاشية ابن عابدين/ والمبسوط/ وشرح منتهي الإرادات/ وشرح النووي على مسلم وكذا: الفيروز آبادي. والجوهري، وابن منظور. ورسمها بمثال قائم صاحب (الروض) البهوتي م/1 والكافي.
فالعيد يُراد به تسمية: العود لأنه يعود ويتكرر على الناس كل عام مرتين، والعيد لا يجمع على عيود ولا على أَعيد بل على: أعياد، وهذا هو: الصواب.
وصلاة العيد فرض كفاية وهناك من قال: سنة مؤكدة، لكن يحرم تركها وولي أمر المسلمين يلزمهم بإقامتها لأنها أمانة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يفعلونها بعد ارتفاع: الشمس بحيث يذهب وقت النهي.
ووقتها قال في (الروض): (وأول وقتها كصلاة الضحى لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس ذكره في (المبدع) وآخره أي آخر وقتها: الزوال أي زوال الشمس).
وذكر: (وتسن صلاة العيد في صحراء قريبة عرفاً لقول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم وآله يخرج في الفطر، ورمضان (الأضحى) إلى المصلى. متفق عليه، فيؤخرها لما روى الشافعي مرسلاً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وآله كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس.
ويُسن أكله قبلها أي قبل الخروج لصلاة الفطر لقول بريرة رضي الله تعالى عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخرج يوم الفطر حتى يُفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يُصلي) رواه أحمد.
(ويُسن تبكير مأموم إليها ليحصل له الدنو من الإمام
(ومن شرطها استيطان (1)).
(ويصليها ركعتين قبل الخطبة لقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوبكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة) متفق عيه.
(ويُسن لمن فاتته صلاة العيد أو فاته بعضها قضاؤها في يومها قبل الزوال (2) أو بعده على صفتها لفعل أنس وكسائر الصلوات.
(ويسن التكبير المطلق الذي لم يقيد بأدبار الصلوات واظهاره وجهر غير انثى في ليلتي العيدين في البيوت والأسواق والمساجد ويجهر به في الخروج إلى: المصلى إلى فراغ الإمام من خطبته (3) والتكبير في عيد فطر آكد لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله) ويسن التكبير المطلق أيضاً في كل عشر ذي الحجة، ويسن التكبير المقيد عقب كل فريضة في جماعة في الأضحى (4).
وصلاة العيدين أمرهما جليل لأنهما مشروعتان على المسلمين ولأنهما مما يتقرب بهما إلى الله تعالى، فهو شرعه ووحيه وتعليم نبيه صلى الله عليه وسلم وشأن الأمة فعلهما كما هي السنة الصحيحة في هذا.
ومما يجدر ذكره هنا ما يلي:
1 عدم استغلالهما للمباهاة.
2 عدم استغلالهما للشهرة.
3 عدم استغلالهما بما هو محرم.
4 تحريم التبذير فيهما.
5 (تقوى الله والإخلاص) في العلاقات والزيارات والصلات الشخصية.
6 تقديم الوالدين على من: سواهما في الزيارة.
7 (الخوف من الله) في استغلالهما بسوء حساً أو معنى.
8 عدم تفويت صلاة الجماعة.
وهذا مما يُلفت النظر إليه كذلك/ القسم الثاني:
1 الحرص على بذل الحلال.
2 رد المظالم إلى أصحابها.
3 تدبر عواقب سكرة الحياة.
4 بذل الصدقة.. والدعاء.
5 تجنب: الغيبة.. والوشاية.. واقتناص فرص السوء.
6 التقرب إلى المظلوم وطلب عفوه بعد رد اعتباره.
7 الاستصغار لله والتواضع له وخوفه بالقسطاس المستقيم.
8 كثرة شكر الله تعالى، ودوام دعائه سبحانه.
9 التقرب إلى الله بكل وسيلة شرعية لدفع ما يخاف منه.
10 بذل ما يستطيع لإسعاد فقير أو مسكين أو مريض أو ضعيف، والضعف صور وصور فتنبه لهذا.
11 تبادل الزيارات بوافر ود وتواضع.
12 رد الصلة في هاتين (المناسبتين الكريمتين) ردها بين (المتجافين) بعدل وإخلاص لله تعالى.
13 تلمس (الخطأ) واصلاحه فوراً مما وقع في/ مال أو/عمل أو/قرابة أو/نظر.
14 الإرادة الحازمة الجازمة بتقوى الله والانطلاق من تصور واع مسؤول حذر تجاه ما يكون قد وقع من: (سوء فهم أو قبول: وشاية) ترتب على هذا وذاك سوء فهم أو ظلم لا يجد المنعزل أمامه إلا: الله.
15 تأمل الحياة وتقلباتها لكن بالخروج من (الدائرة التي يعيشها) الإنسان لأن ما لم يخرج خارج الدائرة بصدق وقوة تصور وجودة تدبر فإنه يبقى أسير شيء ما لا يستطيع الفكاك منه.
16 العيدان مناسبة عظيمة للمسلم حتى يجدد حياته بما تقدم.
ولستُ بمستغن عن «البلوغ» لإبن حجر لأجلب لك قارئي العزيز فيضاً من غيض من نص كريم تدرك معه هداك الهادي أموراً تحتاجها على كل من حال مستديم:
1 جاء هناك في ص 96/100: (وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم: لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) أخرجه البخاري. وفي رواية معلقة، ووصلها أحمد: ويأكلهن أفراداً،
2 (وعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي) رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان.
3 (وعن أم عطية رضي الله تعالى عنها: قالت أُمرنا أن نخرج العواتق (5) والحيَّض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى) متفق عليه.
4 (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة) متفق عليه.
5 (وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) أخرجه السبعة.
6 (وعنه رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة) أخرجه البخاري وأصله في البخاري.
7 (وعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين) رواه الترمذي وابن ماجة بإسناد حسن.
قلت: السنة عدم الصلاة بعد العيدين شيئاً لكن سنة الضحى تصلى لمن أراد ذلك سواء في البيت أو في المسجد لكن العيدين لا يصلي في المسجد خشية أن يظن جاهل أنها سنة لازمة للعيدين.
قلت كذلك والإمام في: العيدين يجب أن يكون: فقيهاً مدركاً للسنة فيذكر بعدم فعل ذلك، ولأن الأصل في العبادة الحظر فلا يصح لمسلم أن يتسنن بعد العيدين شيئاً إلا كما سبق قبل قليل،
8 (وعنه رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس على صفوفهم فيعظهم ويأمرهم) متفق عليه.
9 وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (6) رضي الله تعالى عنهم قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الأخرى والقراءة بعد كلتيهما) أخرجه أبو داود ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه.
10 (وعن ابي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفطر والأضحى (بق) (واقتربت) أخرجه مسلم،
11 (وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم العيد خالف الطريق) أخرجه البخاري.
12 (وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر (7) أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح.
13 (وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال من السنة أن يخرج إلى العيد: ماشياً،) رواه الترمذي وحسنه.
تلكم آثار من بعض ما ورد في العيدين، ولأنهما مشروعان للمسلم، ولأنه صلى عليه وسلم قد أبطل عيد أهل المدينة حينما جاء صلى الله عليه وسلم مهاجراً فإنه يحرم على المسلم إحداث عيد ثالث سواء لنفسه مع جماعة أو جيرانه أو من يكون معه أو يدعو لتضليل المسلمين من: عوام وجهال مثل عيد الأم وعيد النصر وعيد المولد أو (المولد) هكذا وخطورة هذا أنه إحداث منحرف سيىء لم يفعله الصحابة ولا التابعون، ولأنه إحداث دون نص والأصل تحريم ذلك إذا العبادات: وقفية قاطعة يحرم إتيان ما لم يكن مشروعاً.
وقد يتسبب هذا بإحداث: أذكار وأقوال كفرية وزيارة للقبور تكون سبباً للشرك فيما بعد.
وقد رأيت في الموالد في بلاد أفريقية عجباً من صريح الكفر والمكاشفة والتوسل بالميت والطواف وشدة البكاء والتمسح وطلب أمور هي الكفر بعينه.
وقد نشط النصارى فدخل بعضهم في صفوف المسلمين في المساجد التي فيها قبور وبذلوا الجهد في الدعاء والاستغاثة والصراخ كل ذلك ليكون أمرهم دافعاً لغيرهم من سذاج المسلمين وعوامهم وجهال العلماء والمثقفين فيزداد عباد القبور مع أن النصارى أنفسهم يقومون بهذا على سبيل السخرية والاستهزاء، ولذلك وجد بعض النصارى من يمول المساجد التي فيها قبول فينشئ المسجد ويرقم القبر ويرفع قبته ويجعله أمام القبلة أو في جانب من المسجد.
وقد امتد فعلهم بذكاء خارق وطول نفس إلى دول آسيوية فقيرة.
والذي يُدقق في هذا ويفطن له يجد عجباً كبيراً، ولهذا قد لا يهمهم أن يتنصر مسلم فهم قنطون من هذا لكنهم يركزون جادين بأن يزيغ المسلم بمولد ما. أو قبر ما، أو توسل ما، أو بإشغاله عن دينه بأمور هم أبعد الناس عنها.
وإذا كنت أدون هذا حقيقة واقعة فإن الوقفات السالفة والتي ركز عليها العنوان لهي مما يجب نظره بعين سالمة من كل مرض أو غشاوة، ولقد تجد أن: الأرقام التالية ذات قيمة مهمة غاية الأهمية/ من القسم الأول رقم: (5) و(6) و(7).
ومن القسم الثاني رقم: (1) (2) (5) (6) (10) (13) (14) (15).
وأنا زاعم لمن صحح مسار نظره ونظرته واقباله وإقدامه بقوة عاقلة أمينة حكيمة عادلة صافية وافية جرئية كريمة أن يجد حياة له أخرى غير تلك التي يصورها: واقعه المادي بحال من الأحوال يجد خارج دائرته سوانح البوارح تلتف حوله مقبلة مهنئة فرحة،
ألم يُعدْ حقها إليها؟
ألم ينظر إليها بعين عادلة حميمة رحيمة؟
ألم يفطن إليها بعد زمن وزمن أنها مهضومة؟
يا لك من وقفات كاشفة كشفت أو نبهت فأيقظت أو لعلها بحثت وبعثت ليفطن (حر جليل عظيم) بأمر وأمور (لولا الله) ما أدرك. (الخروج من الدائرة).
قارئي العزيز (مهما تكن) اخرج عن ومن الدائرة: كن بعيداً عنها.
كن مُتناسياً لها.
كن كأنها ليست منك.
ولست منها.
وسر كريم الخصال.
وفي الفعال.
تتقد: عدلاً.
ولو: وشى من وشى !!
أو تزلف بالسفال.
أو تلطف بالصلة.
أو تذاكى بالوصال.
هل.. قرأت.. النَّص الجليل
أو سمعت.. الآي.. الهليل.
أو حرنت في الدائرة.
ألم تقرأ.. طه.. ونون..
هل وعيت: العاديات.
هل حزمت الرأي السديد.
أين منك عدلُ السماء.
وما كان في.. السالفات،
هل نظرت أمر العِظَم.
أو قرأت «كهف» الخبير
شُقَّ عنك ثِقَل اللئيم
ودع سوء ظنٍ دفين
واتقد نحو: الإله..
علَّه يقبض عنك: الخطير
دعوة المظلوم الطريد
في ليال أين منها.. من ظلم..؟!!
أين منها من بهس..؟
أين منها حائف..؟
أين منها مُتذاكٍ
هل (رأيت) عِبرة.. ماثلة..؟
هل رأيت من: خلا.. حاله
من خلا.. في الدائرة..
سر وانظر الكون عبرة
آية.. آية.. آية،
هل وعيت عني: المراد
لا.. إن كنت في الدائرة
لكنها عبرة.
عزة النفس.. آتية..
فكن في سبيل نصره
نصر ذاك (الضعيف)
هل وعيت الراجفة....؟
أو سمعت الباذلة.. ... ..؟
انظر الحق (من منطوقه)،
واتق الرب في:
الخافية.
«الهامش»
(1) لم يثبت نص صحيح بعدد أفراد جماعة الجمعة ولا العيدين. والاستيطان شرط استقرائي.
(2) هذا لعله: الصواب.
(3) لا يكبر: أثناء الخطبة.
(4) هامش (1) عد إليه.
(5) العواتق الصغيرات حول البلوغ وبعده.
(6) عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص سنده يكون: حسناً، وهو يدور بين: الانقطاع والاتصال حسب حالة العنعنة والتصريح بالسماع.
(7) تقدم القول بمنع إحداث ما لم يشرع.
|
|
|
|
|