| مقـالات
أحياناً يتحدث البسطاء من الناس بكلام يهز القلوب الميتة ويحييها ذلك لمن يتوجس الكلام الذي يحيي القلوب.. ويعرفها بآخرتها وبقربها من خالقها.. كنا نتحدث عن تكدس المال في أيدي كثير من الناس. وتذكرت أن من علامات الساعة فيضان المال في أيدي الناس. كان الحديث للعبرة وللزجر عن التهاوي في حب الدنيا وتلك البلايين والملايين ماذا يريد أن يفعل بها امرؤ عمره ما بين الستين والسبعين، وأرزاق من خلفه قد ضمنها خالقهم؟!
سمع القروي البسيط ذلك الحديث ثم قال.. «وحنا نبي ناكل اللي عندنا»؟! وسألت عنه فقالوا لي إنه يستلم راتباً يزيد على ثلاثة آلاف.. وبيته به صبية لكنه رجل رزين ومعتدل.. قلت.. صدق.. وهل سيأكل الناس ماكدسوه في المخازن والبنوك.. انظروا إلى السفر بعد الانتهاء من الطعام تجدون الباقي عليها أكثر مما التهمته البطون لكنه الشر وحب الملذات والأوائل من القرون الطيبة كانوا يكتفون بالقليل البسيط من الطعام ويقاتلون عن دينهم وكراماتهم ونحن نأكل أفخر الأطعمة ونلبس أفخر اللباس ونُغلب في ديننا.. ونهان في كرامتنا وما ذاك إلا بسبب انصرافنا عن الآخرة وتعلقنا الشره بالدنيا وزينتها وقد قال صلى الله عليه وسلم الرغبة في الدنيا تكثر الهم والحزن.. والزهد في الدنيا يريح القلب والبدن.. وقال ما ترك العبد شيئا من الدنيا إلا أعطاه الله خيراً مما ترك وفي الحديث المشهور.. تعس عبد الدينار.. تعس عبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطى رضي وان لم يعط سخط.. تعس وانتكس.. وإذا شيك فلا انتقش.. والمال الكثير قد يوقع صاحبه في المحظورات من تراخ في دفع زكاته وتهاون في الصدقة وركوب للمعاصي واستمراء لها وشح به ويكفي أن منع الزكاة.. سبب في منع المطر والقطر..
لكن الاعتدال مطلوب والالتزام بحق المال في كيفية صرفه وأداء حقه مشروع ولا يمنع الاعتدال في مثل هذا من اقتناء المال والاتجار به.
لكن لابد أن يصاحب ذكر شكر وعرفان لله على نعمة المال وتصريف له في طرقه السليمة والتي تعود على صاحبه بالخير دنيا وآخرة.. وان يكون من مصدر حلال فلا يصاحبه ربا ولا غش ولا اغتصاب ولا خيانة في شراكة.. ثم فكروا كما فكر ذلك القروي وتساءلوا هل سنأكل كل ما كدسناه؟!
|
|
|
|
|