أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 11th December,2001 العدد:10666الطبعةالاولـي الثلاثاء 26 ,رمضان 1422

عزيزتـي الجزيرة

طالب اليوم لم يصل إلى مستوى طالب الأمس
اقتراحات لتحقيق التوازن بين التحصيل وأداء النشاط
عزيزتي الجزيرة تحية وبعد
هذه الصفحة الموقرة منبر حي يسلط الأضواء على قضايا المجتمع عامة والهم التعليمي خاصة مستأنسة بآراء التربويين والمعنيين في سبيل رقيه والوصول به إلى مصاف الدول المتقدمة في اطار شريعتنا الإسلامية النيرة وبما يخدم النشء والمجتمع والمصلحة العامة للوطن والمواطن وأحب هنا أن أشيد بالجهود والامكانات المالية الضخمة التي سخرتها الدولة لهذا القطاع إيماناً وقناعة منها بأهميته وضرورة تنميته ودعمه. والسؤال المطروح لدى العامة والخاصة هو ما سر التدني الواضح في مستوى كثير من طلابنا تحصيلاً وانضباطاً وسلوكاً؟
هذا التساؤل عبر عنه أحد المتابعين قائلاً: عندما تزور كثيراً من المدارس يستوقفك الاهتمام والحرص في أداء إذاعة المدرسة واصطفاف التلاميذ في طابور الصباح كما تلاحظ تنافس وتسابق المعلمين في الحضور مبكراً حاملين حقائبهم وكراسات تحضيرهم ومتابعاتهم اضافة إلى ما تتزين به هذه المدارس من زخارف ولوحات تحمل عيون الشعر العربي وحكم العرب والعجم وقد تجاوزت محيط المدرسة لتصل إلى الأسوار الخارجية ناهيك عن الحفلات والمسابقات والجوائز والهدايا والمشاركات في المناسبات العامة والخاصة.
هذه الجهود والأنشطة غير المدروسة على حد قوله لم تشفع لطالب اليوم أن يصل بمستواه إلى طالب الأمس، فالمعلومة لطالب اليوم ضحلة في كثير من الحالات ضعيفة وغير مبالية حتى القدرة على القراءة والكتابة لا ترقى إلى الحد الأدنى والمأمول فما سر ذلك معشر المعلمين؟
هذا التساؤل مرة أخرى أعادني إلى الوراء وتحديداً قبل أكثر من ثلاثة عقود في مدرسة الملك عبدالعزيز الابتدائية ببريدة والتي كنا نطلق عليها في ذلك الوقت «أم المدارس» وكنا أيضاً نهتف وبصوت عال أمام إدارة المدرسة مرددين عبارة «العزيزية أم المدارس» تشجيعاً ودعماً لفريق القدم والطائرة بالمدرسة عند فوزهما على فرق المدارس الأخرى وأحياناً نردد هذا الشعار ليؤذن لنا بالخروج عندما يشتد البرد وتهطل الأمطار كون المبني من الطين وآيل للسقوط وإدارة المدرسة كانت تتيح لنا حرية التعبير بطريقة سلمية وعفوية.
في ذلك المبنى الطيني المتواضع إن لم تخني الذاكرة وإن كانت ذاكرة المعلم في نظري لا تدوم طويلاً فلا توجد به إذاعة ولا مكتبة ولا طابور ولم أر حقيقة معلماً يحمل دفتر تحضير أو متابعة ولا أذكر يوماً دخول أو زيارة مدير المدرسة للفصول حتى إذا ما صفر المراقب معلناً بداية الحصة وجدت المعلم في فصله مربياً فاعلاً معطاء وأباً حريصاً مهاباً يعاقب ويحاسب المقصر على تقصيره ويشيد بالمجتهد على حرصه واجتهاده فهو الأب والمدير والمرشد والمشرف في فصله وأمام تلاميذه وعند رؤيته لتلميذ ضعيف يلهو في حارة أو شارع نصحه وحذره مستمداً قوته من سمو مهنته وثقة المجتمع والآخرين بقدرته ونبل مقصده.
تلك المدرسة المتواضعة في شكلها وزخرفها والعامرة بكوادها أنجبت وخرجت أجيالاً تتبوأ الآن مناصب عالية ومنازل رفيعة ساهمت وتساهم في بناء هذا الوطن المعطاء ولا تستغرب عزيزي القارئ فمن خريجي هذه المدرسة في دفعة 1390ه من العشرة الأوائل في المملكة بين الناجحين وعددهم اثنان وعشرون ألفاً واثنان وتسعون واعترافاً بالفضل لأهله ومن منبر الجزيرة أتوجه بالدعاء لجميع العاملين في تلك المدرسة الأحياء منهم والميتين وأخص منهم معلمنا الفاضل الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الصقعبي معلم اللغة العربية والذي كان له الأثر الحسن في كل ما من شأنه نجاحنا وتميزنا علماً وخلقاً فكان يحثنا على القراءة والاطلاع ويشجعنا على اقتناء القصص والكتيبات المناسبة ومن ثم يطالبنا بالتعبير شفوياً عما قرأناه والوقوف أمام زملائنا للتحدث بثقة ودون خوف أو خجل ولا أنس حقيقة موقفه الوطني حينما شكونا إليه ضعفنا في مادة العلوم والتي كانت تدرس من قبل معلم متعاقد لم يوفق في تدريسها كما ينبغي مما جعل معلمنا مشكوراً يكلف نفسه عناء الحضور بعد العصر والتدريس لهذه المادة حتى اطمأن على فهمنا واستيعابنا لا يريد بذلك العمل منا جزاء ولا شكوراً. وحتى يتحقق التوازن بين تحصيل التلميذ كهدف أساسي وبين ممارسة الأنشطة المختلفة المدروسة والمتزنة والتي تساهم فعلاً في تنمية مواهبه وبناء شخصيته أورد الاقتراحات الآتية من وجهة نظر متواضة فلعلها تجد صدى وقبولا لدى المعنيين.
أولاً: استبعاد أي نشاط زخرفي أو خطي ثم تنفيذه خارج نطاق المدرسة والاكتفاء بالعمل والنشاط المدرسي الذاتي وقبوله بسلبياته وايجابياته وتكليف معلم التربية الفنية والبدنية وأمين المكتبة ومشرف النشاط المدرسي بالاضطلاع بمهام استقطاب التلاميذ المتميزين وصقل مواهبهم من خلال ممارسة كافة الأنشطة كالرسم والخط والنشاط الرياضي والثقافي والحوار الإذاعي وتسخير امكانات وموارد المدرسة في دعم هؤلاء التلاميذ وتوفير الخامات اللازمة وفق ضوابط معينة لا تنعكس سلباً على تحصيلهم في المواد الأخرى.
ثانياً: اعفاء المعلمين أصحاب الكفاءة والخبرة من التحضير اليومي وكافة الأنشطة الأخرى التي تستنزف جهودهم مما ينعكس سلباً على عطائهم داخل الفصول وتقليل نصابهم بما لا يزيد على عشرين حصة خاصة من تجاوزت خدمته عشرين سنة والاكتفاء بتكليفهم بكتابة تقرير سنوي يشير إلى مدى نجاح المدرسة في تحقيق الأهداف التربوية والنهوض بالعملية التربوية والتأكيد على مواطن الضعف والقصور بغية الاصلاح والمعالجة.
ثالثاً: احياء وتفعيل القرار الذي يقضي بتحديد عمل المديرين والوكلاء إلى أربع سنوات ومن ثم تحويلهم إلى معلمين مما يتيح المجال لمن يجدون في أنفسهم القدرة والحماس في النهوض بالعملية التربوية بروح الشباب وبفكر فاعل متجدد يسعى إلى تحقيق أهداف المدرسة كمؤسسة تعليمية تهدف إلى بناء الفرد وإعداده للعمل اضافة إلى أن تفعيل مثل هذا القرار يحد من تشبت بعض المديرين والوكلاء بهذه المراكز بغية الوجاهة والدعة والهروب من شبح الجدول ولوعة النصاب الكامل والدليل على ذلك حالة الخوف والهلع التي تنتاب هؤلاء عند بداية حركة نقلهم وتحويلهم إلى معلمين كوظائف أساسية أعدوا سلفاً من أجلها ولا تقل قيمة وأهمية عن تلك الكراسي الدوارة والمكاتب المزخرفة والتي يتنافسون عليها ويتسابقون من أجلها وهذا لا ينفي حقيقة وجود نماذج مشرفة من المديرين الذين قدموا ويقدمون أروع المثل في تفانيهم في أداء واجباتهم والأخذ بيد معلميهم بما يخدم الصالح العام ولا أعتقد أن مثل هؤلاء يستنكفون عن القيام بالتدريس كوظائف طالما نادوا معلميهم بأدائها بصورة تبرئ الذمة وتخدم الأمة.
رابعاً: العقاب البدني غير المبرح ضرورة حتمية تقتضيها مصلحة الطالب في ظل تدني دور بعض الأسر في تربية أبنائها فإن كان هذا التلميذ أو ذاك وجد الرعاية والتهذيب من قبل أسرته فسيجد أيضاً التقدير والتشجيع من مدرسته ومعلميه وبالتالي يزداد حرصاً ومحافظة على هذه المكتسبات وإن كان دون ذلك فالعقاب البدني غير المبرح نجد له مردوداً ايجابياً في سلوك الطالب وتحصيله في كثير من الحالات.
محمد بن عبدالله الداود
مدرسة فلسطين ببريدة

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved