أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 11th December,2001 العدد:10666الطبعةالاولـي الثلاثاء 26 ,رمضان 1422

رمضانيات

الصيام: روحانية وصفاء
عبدالله محمد أبكر
رمضان هذا الشهر الكريم المبارك، شهر القرآن والصدقة والاحسان، شهر كله روحانية، شهر تتعلق فيه الاعمال وخصال الخير بالروح الصافية الخاضعة الى مولاها، شهر فيه وظائف وخصوصيات، اجلها الصوم الذي اختصه الله لنفسه من بين سائر أعمال العباد، فكان كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لله وهو الذي يجزي به، رحمة من عنده عز وجل، والصوم عمل باطن لايدخله الرياء وهو سربين العبد وربه،
الصوم عمل يجذ الشهوات من اصولها، ويقمع الامراض ومايفسد العقول و الاجساد لذلك قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوموا تصحوا وهذه الصحة بدنية وعقلية، ولذلك قال للذي لايستطيع الباءة عليه بالصوم فانه له وجاء، ولهذا كان الصيام جنة اي وقاية من النار وحماية للجسد والروح معا، ولصفاء هذا الشهر كانت سمته بالاعمال الروحية المصفية للشوائب، وكان تعلقه بها من البشائر التي يرتقي بها الصائم الى الصفاء من كدورات النفس وعبث الجوارح وجنايتها،
الخصلة من الخير فيه كأداء سبعين فريضة فيما سواه، والقيام فيه تطوع، والفريضة فيه مضاعفة، وهو شهر الصبر عن الشهوات وعن الطعام، والصبر ثوابه الجنة، من خفف فيه عن مملوكه غفر الله له، واعتقه من النار الى آخر ماجاء في الحديث الذي رواه سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه،
وللحفاظ على هذه الروحانية التي تتنافى مع شهوة البطن والفرج، حرم الأكل والرفث الى النساء في نهار رمضان والرفث هنا: الجماع وغيره مما يكون بين الرجل وامرأته، كالتقبيل والمغازلة ونحوها،
ولهذه الروحانية جاء قوله صلى الله عليه وسلم مبيناً ان: من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه، اي محتسبا الاجر من الله جل وعلا،
ولهذه الروحانية التي صفت منها قلوب المؤمنين جعلت الشياطين مصفدة ولا تجد سبيلا الى الصائمين المؤمنين، ومن اجل ذلك غلقت ابواب النيران،
ومن عظم هذه الروحية في رمضان قسمت ايامه الى رحمة ومغفرة وعتق من النار، وللروحانية البالغة في هذا الشهر خصت منه ليلة تعدل بل تفوق الف شهر في الاعمال والاجر الا وهي ليلة القدر،
ولعظم هذه الروحانية قيل له شهر القرآن، انها نسبة الايمان بالله وبكتابه المنزل على نبيه المرسل،
ولهذه الروحانية تجلت النعم المتعلقة بالمعاني والزمان، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: وان سابه احد او قاتله فليقل اني صائم، وقوله من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لاغناء بكم عنهما فاما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة ان لا اله الا الله وتستغفرونه الحديث، وهذه خصوصية في هذا الشهر رمضان،
ولعظم هذا الشهر ومكانته: كان صلى الله عليه وسلم اجود مايكون في رمضان، ولهذا ايضا كان اذا دخلت العشر الاواخر شد مئزره وايقظ اهله، وشد المئزر هنا كناية عن الجد والتشمير في الاعمال وقيل انه الاعراض عن النساء، وقيل كان سبب اجتهاده في العشر طلب ليلة القدر وكل ذلك زيادة في العمل لما لهذا الشهر من فضيلة وخاصية لاتوجد في غيره،
ولعظم هذا الشهر كان ارتباطه بالاعتكاف، وانه شرط في الاعتكاف ولا اعتكاف الا بصوم كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها، والخصوصية هنا كونه في العشر الاواخر في رمضان،
ومن اجل صفاء ونماء العبد كان لصيام هذا الشهر زكاة لتطهير الصائمين مما علق بصيامهم من شوائب او نقصان، وليكون صوما صافيا طيبا، وصالحا لان يكون عملا لله عز وجل الذي هو له وهو الذي يجزي به،
ولهذا العمل الروحي كان ارتقاء خلوف فم الصائم عند الله، وريحه اطيب عند الله من ريح المسك، لانه جوف خلا من شوائب الطعام، نفس صفت في هذه الحال لترقى درجة من درجات الصفاء الروحي المتأهب الى رضا الله سبحانه وتعالى،
ومن هذه الروحانية جاء احب عبادي إليَّ اعجلهم فطرا، رواه الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة،
وايضا جعل طعام السحور فيه طعاما مباركا، وهذا لخاصية الطعام والزمان، رغم انه مطلوب منا التقليل من الطعام، وكما جاء في الحديث الشريف «ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه»،
ولعظمة الاعمال في هذا الشهر الكريم جاء الجزاء الكبير الموافي للعمل: ان من سقى صائماً سقاه الله من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها ابدا،
هذا جزء من حديث سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه،
ولهذه الروحانية كانت العمرة في رمضان تعدل حجة،
ولقوة هذه الروحانية في هذا الشهر كان ترمض الذنوب، واحراقها بالاعمال الصالحة، فقد جاء في الترغيب والترهيب، عن انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال انما سمي رمضان لان رمضان يرمض الذنوب اي يحرقها،
وللصفاء والنماء جاء هذا الشهر على المسافرين والمرضى والمرأة الحامل والمرضع اذا خافتا على انفسهما او ولديهما بالتخفيف ورفع الحرج مع قضاء الصيام، وان الله جل وعلا يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر رحمة من عنده سبحانه وتعالى،
ولنماء هذه الروحانية جاء كرم الله لهذه الامة المحمدية بشهر رمضان وبخصائص لم تنلها امة من الامم السابقة، فعن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعطيت امتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي اما واحدة: فانه اذا كان اول ليلة من شهر رمضان نظر الله عز وجل اليهم ومن نظر الله اليه لم يعذبه،
واما الثانية: فان خلوف أفواههم حين يمسون اطيب عند الله من ريح المسك،
واما الثالثة: فان الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة،
واما الرابعة: فان الله عز وجل يأمر جنته فيقول لها: استعدي وتزيني لعبادي، اوشك ان تستريحوا من تعب الدنيا الى داري وكرامتي،
واما الخامسة: فانه إذا كان اخر ليلة غفر الله لهم جميعا، فقال القوم اهي ليلة القدر: فقال لا الم تر الى العمال يعملون فاذا انتهوا من اعمالهم وفوا اجورهم، رواه البيهقي، ومن الروحانيات واجلها في هذا الشهر ان انزل فيه القرآن، كلام رب العالمين، روحانيات عظيمة تفوق وصف البشر، كيف وقد ارتبطت بالقرآن الكريم الكتاب المكنون الذي لايمسه الا المطهرون من الملائكة والبشر روحانية تعلقت بالمعجزة الخالدة، انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون، فلا شك انه شهر كله خير وبركة وفضائل جمة، روحانيات اودعها الله فيه،
نسأل الله ان يهيئنا الى هذه الروحانية ويتقبل منا الصيام والقيام وجميع الاعمال في رمضان وفي غيره، ويجعلنا دائمين على الاقبال عليه في كل وقت وحين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved