| متابعة
* كنت أراه في بعض الأيام مصبحاً، يسعى الى وظيفته في بريد جدة بشارع الملك عبد العزيز، شاب أنيق، له بعض الصحب، يحب القراءة، ويسعى الى الأدباء الكبار، أمثال الأستاذ محمد حسن عواد، الأستاذ محمود عارف رحمهما الرحمن .
* وتمضي الأيام، ونلتقي لماماً، وكان أبو خيال أكثر علاقة بالأخ محمد سعيد باعشن رحمه الله، ربما لأن العواد خال الباعشن.. والتقى بصاحبي الشريك في صحيفة الأضواء ، ونقرر الخطو للحصول على ترخيص الإصدار، ويشيع الباعشن الفكرة، فينضم الينا: عبد العزيز أبو خيال، محمد أمين يحيى رحمهما الله.
* ونتلقى موافقة الدولة لإصدار الأضواء، ونبدأ خطواتنا الاولى، وكنت ومحمد سعيد السائرين الجادين، وصاحبانا يلتقيان بنا بعد دوام الوظيفة اليومي، لنتدارس ما يمكن عمله في الغد نحو تحقيق الهدف، وجميعنا تغمرنا حماسة وتطلع الى غد افضل مشرق، وذلك دأب الشباب الطامح.
* وحين قرب توقيت اصدار الأضواء ، اقترح أبو خيال، ان ندخل تحت مظلة الأديب الصحافي الأستاذ فؤاد شاكر رحمه الله، وكان أكثر منا خبرة ورؤى، ويدرك ما لا ندركه من خصائص الحياة ومسؤولية الصحافة وما ينبغي الاحتياط له من المحاذير.. غير أننا: الباعشن وأنا، اعتذرنا لرفيقنا بأدب. وقلنا اننا نقدر رؤى وخبرة الأستاذ فؤاد ودوره البعيد في التاريخ في العمل الصحافي، واحاطته بشجون الصحافة.. غير أننا نريد ان ننطلق، بعيدا عن القيد الذي قد يعطل بعض الطموحات، واقتنع صاحبنا، راضياً او غير راض.
* ومضينا في إصدار الأضواء ، ولكن لم تطل زمالة الأخوين محمد امين يحيى وعبد العزيز أبي خيال.. وفي كثير الأحيان نرى ان العمل الجماعي في بعض الامور غير ناجح، لاختلاف المشارب والتطلعات والتوجهات، ونرى نجاحا للعمل الفردي.. وخرج ابو خيال وأمين يحيى من الشراكة في الأضواء، وهي شراكة لا يحكمها مال، فلم يكن يومها اسهام مال، لأنّا جميعا مفلسون، ولكن كان ثم طموح بلا حدود، وذلك دأب الشباب الذي لم يجنح الى الخمول والدعة.
* بقينا أصدقاء بقية الأيام، وكنا نتزاور، وامتدت العلاقة، بأن كنا نسمر عند ابي خيال في داره، والرجل كريم ووفي، يحتفي بأصدقائه.. وهو كاتب لبق، يجنح الي السخرية، حتى انني كنت أسأل عنه، فيرد عليّ هاتفيا، فأقول له: أين أنت؟ فيقول: في المجاري ، ذلك انه كان يعمل في ادارة الصرف الصحي.
* وتوفي عبد العزيز ابو خيال، ولم اعلم بذلك، حتى اخبرني الشيخ عمر عبد ربه عند زيارتي له، فأسفت، لأني لم ادر برحيل صديقي، لأعزي ذويه، وتذكرت تلك الأيام الجميلة التي جمعتنا في ود وتقدير، وترحمت على الفقيد.. واليوم اكتب هذه الكلمة العابرة، في رمضان، شهر الرحمات، لأذكر بعض خصاله الحميدة، ومنها الوفاء والمروءة والإيثار.. رحمه الله وغفر له بفضله ومنّه، انه سبحانه هو البرّ الرحيم.
|
|
|
|
|