| الثقافية
الناقد والروائي الدكتور سلطان القحطاني أشار في آخر مقابلة معه عبر «الجزيرة» ملحق الخميس اجراها الزميل علي تناول فيها جوانب عديدة من ماهية العمل الأدبي، واجابات أخرى حول الهم الثقافي بوصفه اكاديمياً متخصصاً وروائياً صدرت له ثلاثة أعمال في هذا المجال..
لفت نظري في الحوار ان الدكتور القحطاني لم يشر صراحة إلى أي المراحل أهمية ونضجاً في مسيرة الرواية لدينا.. انما اكتفى بتوزيعها على أربعة مراحل عامة، وكنت أود ان تكون رؤية الدكتور القحطاني منصفة للرواية بمعنى أنها تكون ذات بعد تقييمي واضح..
ولا يمكن لنا أن نقارن بين ما يطرح حتى اليوم في تحول في البناء الروائي ونجعل هذا مرتبطاً بذاك وذاك مرتبط بما سبق.. واعني هنا ما الذي يمكن ان نلحظه، ونسجله بين جيلين كتبا هذا الفن وأفنوا حياتهم فيه وله؟ واستحضر هنا هيئة الطرح الروائي المتباين ولنأخذ في هذا السياق الحقبة الثانية والتي ذكرها الدكتور القحطاني، وربما من أبرز من كتب بها الروائيات حامد دمنهوري، وابراهيم الناصر الحميدان، ونأخذ الحقبة الحديثة جداً.. تلك التي يتزعمها الدكتور تركي الحمد، والدكتور غازي القصيبي، وعبدالعزيز مشري، ورجاء عالم وآخرون.. لنجد ان هذا السياق الذي يجمع هؤلا غير متسق فالجيل السابق «المرحلة الثانية لدى الدكتور القحطاني» منقطع تماماً عما نراه نحن اليوم في جيل كتاب الرواية المحلية، والسبب يعود في نظري الى ان المراحل السابقة لم تكن دقيقة وأمينة في نقل الصورة الاجتماعية للبيئة في الجزيرة العربية.. كما انها فن لم يجنح الى توظيف التراث انما حافظت على نمط معين للحياة.. فكانت الرواية منفصلة حياتيا ومعلوماتيا.. بل وحتى جغرافيا عن السياق التالي لها..
يجب ان ندرك ان بين هذين الجيلين هوة، وفضاء سحيقاً لا يمكن لنا ان نصنفه على انه اتساق في المشروع الروائي وانما مراحل فقط كل مرحلة لها عالمها الخاص ورؤيتها الخاصة.. وربما ان جزئية يسيرة من هذه المرحلة التي نحن بصددها اليوم تفوق كل ما تمرحل من عمل فني سابق..
ونحن على اليقين ان للتاريخ ما يقدمه النقاد والباحثون من أمثال الدكتور القحطاني.. كما ان التمرحل مطلب في سياق عام.. لكنه غير ضروري في سبر اغوار مراحل الأدب والإبداع السابقة.. فلا يمكن ان نقارن مثلاً بين رواية «خطوات على جبال اليمن» في نضجها، وجدتها، وطرحها المناسب للأحداث وبين رواية من تلك الروايات العابرة في ذمة التاريخ والتي اعتمدت على سياق واحد يتوجه الى رسم تلك الصور المكررة عن البخل، والجشع، وتنازع الأسر حول المكاسب والوجاهة، وزواج المتعلم من امرأة أمية وما الى ذلك..
الأمر لا يعدو كونه تأملاً لما ستتركه تلك التجارب السابقة في بنا الفن الروائي، وما سيجده الباحث والدارس في تلك التجارب غير التاريخ لتلك المراحل.. لكن جل تلك التجارب ستسقط مع أول مبارزة له في ميدان التحليل الفني، والاستنطاق الاستشرافي لما هية هذه الأعمال ودورها في بناء المجتمع، وتأثيرها في الذائقة.
وليس خافياً على أحد حجم ما قدمه الأدباء والمبدعون كل وفق معطيات فنه، وحالته الاجتماعية لكن ما نفعله اليوم من تصنيف وترتيب لأدب هو من قبيل النظرة الشمولية تلك التي تعنى بتاريخية التجربة.. لكنها رؤية لا تذهب نحو تقييم التجربة ومكاشفتها على نحو علمي جاد، إنما تقرب العاطفة وتهيل على الماضي الأدبي شيئاً من القدسية التي قد لا يستحقها..
وللناقد، والروائي الدكتور سلطان القحطاني حق فيما ذهب اليه في اجابته حول هذه المراحل التي يرى انها مهمة.. ولنا ان نتداخل معه فيما قد نراه معاضداً في ايصال الرؤية الواضحة عن مسيرة الرواية لدينا.
|
|
|
|
|