| مقـالات
إن الدور الذي يناط بالأسرة والمدرسة في تنمية شخصية الطفل«المواطن الصالح القادم»، يكتسب أهمية عظيمة لأنه دور يعتمد على نوعين مختلفين من التنشئة والتربية في التوجيه وفي التعامل وفي البناء الفكري والعاطفي والاجتماعي. فالأول يعتمد على التنشئة الاجتماعية الأسرية ذات الأبعاد القرابية والاحتياجات الأولية والخاصة بالفرد في محيط أسرته ومجتمعه المحلي بالإضافة إلى العلاقة مع المجتمع الخارجي، بينما يعتمد الثاني في البناء والتنشئة المجتمعية على التعليم الرسمي ذي الأبعاد الدينية والتاريخية والوطنية، بالإضافة إلى شيء من التنشئة في المحيط الأسري والمعتمد على التعاليم الدينية والتراثية في هذا الجانب. لذلك فإن المدرسة تعلق آمالاً كبيرة على البيت أو الأسرة في إكساب الطفل المعايير السلوكية والتي سوف تمكنه من التعامل مع العالم الخارجي فيما بعد سن الخامسة بما في ذلك المدرسة وذلك لأن بعض العلماء يرى أن الخمسة السنوات الأولى هي حجر الأساس لبناء شخصية الفرد والتي يستمر تأثير خبراتها طوال الحياة، فالطفل يتأثر في سنينه الأولى بوالديه وإخوته وكل من هو في نطاق الأسرة من الأقارب باعتبار أن هؤلاء الأشخاص هم أول من يتلقى عنهم المعايير السلوكية المختلفة، فالطفل يدرك أثناء تفاعله مع والديه معنى دوره في المجتمع والتزامات هذا الدور والتوقعات المطلوبة منه في المواقف المختلفة، ولذلك كان التوحّد بين الأهداف التربوية المدرسية والقيم والمبادئ السلوكية التي تزرعها الأسرة في صغارها أمراً في غاية الأهمية ضماناً لإدماج الفرد بالإطار الثقافي العام المجتمعي للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد كمواطن وعضو من أعضاء المجتمع الفاعلين.
إن الطفل بعد التحاقه بالمدرسة يبدأ البناء الاجتماعي للفصل المدرسي في الوضوح والتبلور، وتبدأ مرحلة التقبّل الاجتماعي وتكوين الصداقات، ويعرف الطفل معنى التفوق، ومعنى التعاون والمشاركة ومعنى التنافس ومعنى النجاح، ومعنى الجهد والعائد من النجاح، ومعنى التكاسل وارتباطه بالفشل والرسوب، يبدأ الطفل في الخضوع تماماً للنظام المدرسي كما تنتظم علاقاته بالمعلم بحيث يكوِّن معه ومع زملائه نسقاً اجتماعياً كما أن الطفل يكوِّن مع المعلم شخصياً نسقاً فرعياً، يؤثر على سلوكه، وعلى تحصيله الدراسي، ويتعلم الطفل أثناء ممارسة النشاط المدرسي كيف يحقق الأهداف المرسومة من قبل الأسرة والمدرسة والمجتمع ويواجه أساليب جديدة للثواب والعقاب، تختلف عن الأساليب التي تعودها في الأسرة تدفعه دائماً إلى التكيف مع متطلبات الموقف والمكان والزمان الذي يوجد فيه. وبذلك تحقيق توقعات المعلم والأسرة وبالتالي تتحقق آمال وطموحات الوطن من خلال ثقافته. لذا يمكن القول إن هناك تناغماً، أو يجب أن يكون، في تنمية التنشئة الاجتماعية والمجتمعية، لأن المجتمع السعودي بما يحوي من ثقافات فرعية في داخله، لا بد أن يتمحور حول ثقافة اجتماعية واحدة قوية عمادها الثقافة والتراث الاجتماعي والتعامل مع البيئة المحيطة بما يحقق للجميع المصلحة العامة المرجوة من قيادات المجتمع.
|
|
|
|
|