| العالم اليوم
في العام الماضي وعقب الإعلان عن الميزانية العامة قلتُ إنه لا خوف على أمة تصرف على التعليم والتدريب والصحة أكثر مما تأكل.. لأن إشباع العقول وتهيئة الإنسان لخدمة وطنه وأبناء وطنه وتعليمه وتدريبه يجعل ذلك الإنسان أهلاً لإدارة ما يملك بأسلوب ينفع نفسه وينفع الناس ويحافظ على وطنه ومكتسبات وطنه، وقيادة المملكة التي ما فتىء قادتها يرددون في كل مناسبة أن أهم وأفضل استثمار في المملكة هو الاستثمار في تعليم وتدريب الإنسان لإعداد مواطن صالح جيد يعرف كيف يتعامل مع أدوات التنمية والحضارة، هذه القيادة لم تطرح هذا القول شعاراً للاستهلاك، أو تجعله هتافاً لإلهاء الجماهير، بل قرنت القول بالعمل.
وهذا يؤكد ما كتبته في العام الماضي، فقد ترجمت ميزانية الدولة لهذا العام ما تؤمن به وتعمل له قيادة المملكة، إذ خصصت ربع الميزانية للإنفاق على التعليم والتدريب بما يساوي ثلاثة وخمسين مليار ريال وثلاثمائة مليون ريال، وهو نفس المبلغ الذي خصص العام الماضي. وهذا الرقم الكبير سيتيح فتح كليات جديدة لاستيعاب مزيد من الطلبة والطالبات ومعاهد جديدة لتدريب أبناء الوطن وفتح مدارس جديدة للتعليم العام.
كل هذا يترجم التوجه الذي سارت عليه قيادة الممكة وفق مفهوم استثمار قدرات الإنسان وتهيئة كل السبل والفرص لتعليمه وتدريبه.
وإذا كان الكثير من الدول التي استطاعت تحقيق مستويات عليا من التقدم والتفوق بفضل الصرف والبذل السخي على التعليم والتدريب، فإن المملكة ربما ستكون من الدول القليلة.. والقليلة جداً التي تخصص ربع ميزانيتها للعلم والتعليم والتدريب، حتى يرتقي أبناؤها بالعلم، ويستطيعوا بما يتحقق لهم من تدريب إدارة وتشغيل الوحدات الحضارية والمؤسسات الصناعية والتنموية والتعليمية.
ودولة تخصص ربع ميزانيتها لهذا الغرض العلمي والتعليمي دولة تعرف كيف تستثمر أموالها وما حباها الله من ثروات لخدمة أبنائها وتهيئة الآفاق المستقبلية لأجيالها، دولة تعرف قيادتها كيف تحافظ على ثروتها الحقيقية التي لا تنضب، المتمثلة بأبنائها الذين وبعد أن يحصلوا على كل الفرص التي تتهيأ لهم من تعليم وتدريب يحافظون على ما رزقهم الله وحباهم به وبما مَنَّ عليهم، بل يضيفون إلى ذلك ويضاعفون ذلك بعد أن يرتقوا بعلمهم وخبراتهم التدريبية، مرفقين كل ذلك بشكر الله على أن حباهم سبحانه وتعالى بكل هذه الثروات ومن أهمها بُعد نظر القيادة وحرصها على مصلحة الوطن والمواطن.
jaser@aljazirah.com
|
|
|
|
|