أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 10th December,2001 العدد:10665الطبعةالاولـي الأثنين 25 ,رمضان 1422

مقـالات

رضا «الإعلام» غاية هل ندركها؟!
تجربة «المتحدثين الرسميين» وسد الفراغات الإعلامية
علي بن شويل القرني
الإعلام دائماً هو المعادلة الصعبة في منظومة المعادلات الاجتماعية.. ومن الصعوبة ان نجد رضاء تاماً عن دور ومساهمة الإعلام في أي مجتمع.. فعلى الرغم من ان الإعلام يعطي ويقدم مساحات واسعة للنقد للجهات والمؤسسات الأخرى، إلا ان الإعلام يتعرض من خلال مؤسساته ومضامينه وشخصياته الى أشد أوجه النقد اللاذع الذي يلوم الإعلام على مشاكل وهموم واخفاقات في الداخل والخارج.. وقد يتعرض الإعلام الى هذا النقد من مختلف الشخصيات الاجتماعية، ولا نبالغ إذا كنا نقول من كل الشخصيات كل الناس كل المجتمع وخصوصاً أثناء الأزمات والاضطرابات.. وهذا ما كنا نقصده عندما قلنا بأن الإعلام هو معادلة صعبة لا يمكن ان يرضى عنها الجميع.. فرضا الناس عن الإعلام غاية لا تدرك أبداً.. وعلى الأقل في أكثر من الحالات تفاؤلا يمكن القول بأن الإعلام هو غاية قد يرضى عليها بعض الناس كل الوقت، او كل الناس بعض الوقت.. ولكن ليس كل الناس كل الوقت، فرضا الناس غاية لا تدرك..
والغريب ان معظم من يتحدث ضد الإعلام لا يعلنون ذلك من خلال مؤسسات الإعلام، بل في المجالس والديوانيات الخاصة.. وليس بالضرورة ان اجهزة الإعلام تحرم «تمنع» النقد عبر صفحاتها ومساحاتها المختلفة، بل ان البعض لا يرغب في ان يتكلم علانية ويعلن صراحة عن نقده لتلك المؤسسات.. ولكن نرى بين الوقت والآخر رؤى وتصورات عما ينبغي ان يكون عليه الإعلام في منطقتنا العربية وخاصة الخليجية والسعودية.. فالإعلام في المملكة العربية السعودية يتعرض منذ سنوات وربما عقود لنقد واسع في شكل مؤسساته ومضمون وممارسات تلك المؤسسات.. وتزيد حدة النقد عند دخولنا أزمة او مرورنا بحدث او اشتباكنا مع اعلامات دول ومجتمعات أخرى.. وتخبو هذه السحابة النقدية بعد تلاشي تلك الأزمة او تواري تلك الأحداث.. ونحن نعرف أن الإعلام السعودي عمل كل ما في طاقاته في حدود المساحة المتاحة له.. وبذلك كل جهوده في إطار القدرات التي يمتلكها.. ونحن نعلم ايضا ان المملكة العربية السعودية ذات الثقل السياسي والاقتصادي والديني والثقافي تستحق ان يكون لها إعلام أقوى مما هو حاصل الآن عبر مخرجات الإعلام السعودي الحالي.. وقد عرضنا في أكثر من مناسبة وعبر وسائل الإعلام وعدد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية لأسس تطوير وآليات تعديل مسار إعلامنا السعودي.. من ناحية الشكل المؤسسي للأجهزة والاستراتيجيات المفترض توظيفها لخدمة التوجهات الجديدة للإعلام..
وتوجد دراسات جدية داخل مجالس الدولة منذ فترة زمنية غير قصيرة لتفعيل دور جديد للإعلام وتعزيز سياسة الدولة، وذلك من خلال استحداث وظيفة متحدث رسمي او متحدثين رسميين باسم المملكة او باسم عدد من الأجهزة الرئيسية في الدولة.. وقد وجدت هذه الفكرة تأييدا كبيرا في الأوساط الإعلامية نظرا لما يمكن ان تفرزه من وضع ارضية جديدة لمسيرة الإعلام السعودي تهيء لمنطلقات نوعية في مسار التجربة الإعلامية السعودية.. وربما يظل سؤالنا في هذا السياق ماذا يمكن ان تضيفه تجربة المتحدث الرسمي في المملكة؟
1 تأسست لدى كثير من المجتمعات المتقدمة وظائف المتحدثين الرسميين لمختلف المؤسسات السياسية والعسكرية والاقتصادية. حيث يعبّر المتحدث عن سياسات ومواقف تلك الإدارات والمؤسسات، ويعكس الرأى الرسمي تجاه الأحداث والأزمات والمواقف المحلية والدولية.. ويغني عن البيانات الرسمية المتقتضبة التي تثير اسئلة أكثر من اجابتها على تساؤلات إعلامية.. كما يدور حوار ونقاش بين المتحدث الرسمي مع مندوبي المؤسسات الإعلامية المختلفة المحلية والدولية حتى يتم توضيح الصورة وإعطاء الخلفية التاريخية المناسبة..
2 يفتح المجال أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية الى حضورها المنتظم واتصالها الدائم بالمتحدث الرسمي، مما يسهل عمل مراسلي وكالات الأنباء الدولية ومحطات التلفزة العالمية في التواصل مع المؤسسة والدولة التي يمثلها المتحدث الرسمي.. ونحن نعرف عن وجود فراغات إعلامية أمام وسائل الإعلام المحلية والدولية لا تتمكن هذه الوسائل من الوصول لأي شخص ينفي او يثبت موقفا او رأياً او حدثاً.. وهنا تزداد الاشاعات التي قد تتداولها وسائل الإعلام والناس اجمالا اذا لم يتوافر رد مباشر وتعليق فوري على تلك الاشاعات.. ووجود متحدث رسمي يعني انه جاهز لتفنيد هذه الاشاعات اذا لم تكن حقيقية..
3 وجود متحدث رسمي يرفع الحرج عن المسؤولين في الاجهزة التنفيذية في مواجهة وسائل الإعلام في كل صغيرة وكبيرة.. وربما يقلص الردود غير المدروسة التي تنقلها وسائل الإعلام في غير سياقاتها المرغوبة.
4 لا يمنع وجود متحدث رسمي من اطلالات دورية لرئيس الجهاز التنفيذي في الأحداث الكبرى والمواقف المهمة.. ويظل عموماً المتحدث الرسمي يتكلم باسم رئيس ذلك الجهاز والتصريحات تنسب الى الجهاز الذي يمثله المتحدث..
5 وجود متحدث رسمي باسم عدد من الأجهزة التنفيذية والتنظيمية وحتى باسم القطاع الخاص وشركاته ومؤسساته سيساهم في كسر احتكار وكالة الأنباء السعودية للأخبار الرئيسية في المملكة، وتتحول الوكالة بالتدرج الى وكالة خاصة تخدم المؤسسات الإعلامية المحلية والخارجية.
6 من الملاحظ ان تجربة تعددية المتحدثين في الدولة افضل من وجود متحدث واحد باسم كل الشخصيات وكل المؤسسات.. ومعظم الدول المتقدمة في هذا المجال يوجد لديها متحدث رسمي لكل جهاز تنفيذي او تشريعي.
ومتحدث واحد باسم الدولة يعرقل حركة النشر ويبطئ من فورية التعليق ومباشرة الرأي، كما يفقد المكانة المتخصصة للمتحدث والتي يفترض ان تكون محور مصداقية يستطيع من خلالها التجاوب التفصيلي المتخصص مع وسائل الإعلام والمحللين والخبراء الدوليين..
وبناءاً على ما تقدم تحتاج المؤسسات التنفيذية والتنظيمية الى متحدثين رسميين يمثلون مختلف الجهات، ويمكن ان يشمل ذلك هذه الجهات:
الديوان الملكي
مجلس الوزراء
مجلس الشورى
وزارة الداخلية
وزارة الدفاع والطيران
وزارة الخارجية
وزارة البترول
ومع مرور الوقت ونضج التجربة يمكن تعميم ذلك على مختلف الجهات الحكومية.. كما يمكن ان يكون هناك متحدثون رسميون للمؤسسات والشركات الخاصة، كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة.. ومن أجل إنجاح تجربة المتحدث الرسمي ينبغي تدارك الملاحظات التالية:
1 نظرا لكون المتحدث الرسمي يتكلم باسم الرئيس الأعلى للجهاز يحتاج ان يكون قريبا من الشخصيات القيادية، ومن آليات صناعة القرار الداخلي في ذلك الجهاز.. وهذا التقارب يعطيه معلومات مباشرة وأولية عن كل ما يدور في هذا الجهاز.
2 ينبغي ان يكون هناك انفتاح واسع على تداول المعلومات والآراء على مستوى إعلامي، وسيكتب الفشل لتجربة المتحدث الرسمي اذا كان النظام الإعلامي مغلقا وغير قابل لتداول والتعليق والنشر المباشر دون اذونات سوى من رئيس الجهاز المعني.
3 وربما وجود متحدث رسمي سيعطي زخما كبيرا لوسائل الإعلام المحلية، وسيمحي الصورة المتكررة من صحفنا ونشراتنا الاخبارية، حيث سيكون هناك تنوع في الموضوعات والأخبار والتعليقات والتحليلات.. حيث يتطلب ذلك ان تهيء صحفنا ووسائل إعلامنا مندوبين ومراسلين على مستويات عليا من المهنية والتحليل ليكونوا مندوبين في تلك الأجهزة التي يوجد بها متحدث رسمي.. وهكذا تتعدد المصادر التي تنقل منها الرسالة الإعلامية عبر أكثر من مندوب ومن خلال أكثر من وسيلة..

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved