| مقـالات
الحملة المسعورة التي تشنها الصحافة الأمريكية ضد المملكة ومصر كشفت الكثير من الحقائق وعكست جملة من علامات الاستفهام.. كما انها اعطت انطباعاً سلبياً لإمكانية إقامة جسر من الثقة بين الشعوب العربية وأهل الغرب!!
غير أن الحملة تمخضت في نهايتها على أن هناك فئة لا تريد للعلاقات العربية الأمريكية أن تسودها الثقة والتفاهم، بل تريدها علاقات ملغومة متوترة لصالح اللوبي الصهيوني.
وقد آلمني تجاوزات الحملة في انتقاداتها وذهابها الى أبعد من العلاقات إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.. وراحت تكيل لمناهج التعليم في المملكة ومصر وتتهمها بأن مناهجها تفرز أفكاراً إرهابية.
وطالبت الصحافة الأمريكية بعدم تعليم القرآن الكريم في المدارس، وإخلاء أروقة المساجد من المصاحف بحجة أن في القرآن نصوصاً تستبيح دماء كل من يختلف معهم في الرؤية بما في ذلك الابرياء من المدنيين! وقد قام الكثير من الكتاب والعلماء بالرد على تلك التخرصات وتفنيد مزاعمهم المغلوطة عن القرآن الكريم والمناهج التعليمية.
وفي هذا المقال سنرد على القائمين على تلك الحملة من مناهج الغرب أنفسهم ومن مدارسهم ونوضح بالدليل كيف تفرز مناهجهم ارهابيين يعيثون في الأرض فساداً وظلما!!
المهمة
فهناك كتاب تعليمي باسم «المهمة» ((Mission2
صادر ضمن سلسلة لدار.. اكسبريس للنشر في بريطانيا.. ويتم تسويقه الى مختلف أنحاء العالم للمدارس والمعاهد والجامعات.
ففي هذا الجزء من الكتاب يستعرض ضمن محتوياته فصلا بعنوان «الإرهاب الأخطر» خلاصة محتوى الفصل أن الإرهاب في العالم المعاصر تطور، وأن مستقبله أصبح أكثر خطورة من زمن العمليات التقليدية التي تمثلت في التفجيرات التي تتم في عدة اماكن، الى الارهاب الحديث الذي بوسعه أن يحقق مراده من خلال الاعتماد على مصادر أرخص وأكثر مباشرة وأعمق تأثيراً فبدل ان يبذل الارهابيون الجدد الكثير من الجهد في امتلاك الاسلحة النووية، فالأيسر لهم الآن هو اللجوء الى تدمير المفاعلات النووية ذاتها!! ويستعرض النص أحد السيناريوهات المحتملة التي تتمثل في أن يقوم بعض الارهابيين باختطاف طائرة ركاب ضخمة وصدمها بمفاعل نووي، وهو احتمال شغل الجهات المعنية بالولايات المتحدة، الأمر الذي دعا المسؤولين في أحد المفاعلات النووية الى محاولة اختباره فقاموا بترتيب شيء من هذا القبيل، حيث جعلوا طائرة خفيفة تصطدم بالمفاعل لكي يروا الاثر الناتج عن ذلك الصدام.
وذكر الكتاب ان التجربة لو كانت تمت بطائرة «بوينج 737» التي تطير بسرعة 600 ميل في الساعة.. وقد أكدوا أن تفجير المفاعل في هذه الحالة لن ينفجر كالقنبلة بل قد يمر بما يسمى «الذوبان» من الوسط حتى يهوي لباطن الأرض.
كما تحدث الكتاب التعليمي «المهمة» عن الحرب البيولوجية وبين أنها خطر نظراً لرخص تكاليفها وفي متناول كثيرين.. مشيراً الى دراسة أميريكية تفصيلية جرت باستعمال قارب صغير قام برش «الجمرة الخبيثة» من الرأس الجنوبي لجزيرة مانهاتن ونيويورك في ريح جنوبية شرقية.. وقالوا لو أن نصف المستهدفين للجرثومة تعرضوا لها وأصاب المرض نصف المتعرضين ومات نصف المصابين فقط فإن عدد الضحايا سوف يتجاوز 600 ألف انسان، وتطرق الكتاب الى امكانية نشر الاسلحة الكيماوية عن طريق أنظمة التكييف التي توفر وسيلة مثالية لنشر السلاح الكيماوي في الابنية، لذلك جرت في أواخر عام 1970 عملية تجريبية لوقوع ذلك الاحتمال في البيت الابيض «وفي الكابيتال هيل» وأثبتت التجربة أن هجمة حقيقية بهذا الشكل يمكن ان تحقق نجاحاً يؤدي الى قتل الرئيس الأمريكي وأعضاء الكونغرس الأمريكي كافة.
هذا ما ذكره كتاب تعليمي يدرس في المدارس والمعاهد البريطانية ودول أخرى عديدة فقد أعطى تصوراً شاملاً وخطة محكمة لا ينقصها سوى التنفيذ لعمل ارهابي..ولا نستبعد من وجهة نظرنا أن يكون الذين نفذوا ما حدث ببرج التجارة العالمي ومبنى البنتاجون قد أخذوا هذه السيناريوهات من الكتاب ونفذوها بحذافيرها مع اختلاف بسيط في التنفيذ بدل من صدام الطائرة بمفاعل نووي اصطدمت بأبنية لها أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية للنيل من هيبة الولايات المتحدة!!
مدرسة ((SOA الإرهابية
الأمر لم يتوقف عند كتاب تعليمي يعطي دروساً بالمجان لمن يريد ارتكاب عمل ارهابي في أي بقعة من الارض .. بل إن هناك مدرسة لتدريب وتخريج الارهابيين من داخل الولايات المتحدة الأمريكية وتحت رعاية حكومتها. فقد كتب جورج مون بايوت بصحيفة الجارديان البريطانية في 30/10 أن مدرسة (SOA) وهو اختصار لاسم (School Of America) الموجودة بولاية جورجيا أنشئت منذ 55 عاماً في منطقة «فورت بننج» وقد غير اسمها في عهد الرئيس الحالي جورج بوش في شهر يناير الماضي وأصبح اسمها ويسك (Whisc) وهي اختصار لاسم (Western Hmisphere Institute For Securitg Cooperqtion).
والمدرسة مخصصة للتعاون الأمني.. وقد دربت أكثر من 6 آلاف من جنود ورجال شرطة أمريكا اللاتينية وضمن خريجيها عدد من الشخصيات البارزة في القارة الذين عرفوا بوحشيتهم وسمعتهم السيئة ومنهم من ارتكب مجازر جماعية او مارس الحكم بالحديد والنار.. وهو ما شهدت به الوثائق التي جمعتها مجموعة من الباحثين تولت مراقبة ومتابعة خريجي هذه المدرسة (SOA) وأشارت تلك الوثائق بوضوح الى مسؤولية خريجي المدرسة عن تمزيق أمريكا اللاتينية وتأجيج الصراع وإشاعة التوتر فيها.
كما يذكر في هذا الصدد انه في عام 1993م بعث مندوب الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السلفادور وقد حدد في تقريره اسماء الضباط العسكريين الذين ارتكبوا أسوأ وأبشع الجرائم التي وقعت أثناء الحرب الأهلية هناك وتبين أن ثلثي أولئك الضباط تم تدريبهم في نفس المدرسة.. ومن بينهم كان قائد فرقة الموت السلفادوري «روبرتو أوبيوش»، كما كان من خريجي المدرسة الضباط الخمسة المسؤولون عن فرقة الموت في الهندوراس وكذلك قائد فرقة الموت المعروفة باسم «كلوينا» الموجودة في بيرو والقائمة بالاسماء طويلة لا يتسع المجال هنا لسردها!!
وإذا عدنا الى تعريف الارهاب الذي أطلقه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بأنه «كل تصرفات عنيفة من شأنها تخويف المدنيين أو اجبارهم، والتأثير في سياسات الحكومات أو عرقلتها فإن عدداً من خريجي هذه المدرسة ينطبق عليهم التعريف الأمريكي. واذا انتقلنا من عدد الخريجين الى المضمون فقد تسربت بعض الدروس التي يتم دراستها داخل المدرسة، ومنها انها تدرس أساليب الابتزاز والتعذيب والقبض على أقارب الشهود للضغط عليهم والتدريب على القتال وقمع المعارضين وعمليات التدريب على استنطاق المناهضين.. وفي رأي جورج مون بايوت كاتب التقرير أن المدرسة الأمريكية أشد خطورة من تنظيم القاعدة الذي لم يظهر الا في السنوات الأخيرة ونشاطه مازال محدوداً. أما خريجو المدرسة الامريكية فقد عاثوا في قارة أمريكا اللاتينية كلها الفساد!! فهل سيطالب الرئيس الأمريكي بقادة هذه المدرسة لمحاكمتهم بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الانسانية؟!!
* * *
بعد هذا العرض السريع لبعض المناهج التي يتم تدريسها في بريطانيا وأمريكا الناشطين حاليا في ضرب افغانستان ومحاربة الارهاب، هل مازالت الصحافة الأمريكية على موقفها من اتهام مناهج الآخرين بتخريج الارهابيين!!
أم أن المستور قد انكشف وظهر جليا للعيان وتعرت مناهجهم التي تفرز ارهابيين أشد وطأة وخطورة على قارة بأكملها.. وتضع خططاً إرهابية قابلة للتنفيذ فقط تنتظر من يتبناها!!
فمن كان بيته من زجاج فلا يلقي على بيوت الآخرين بالحجارة.. والله المستعان.
|
|
|
|
|