| محليــات
لا أتخيَّل أن لذة لقمة الطعام عند الافطار في الأفواه هي ذاتها تلك اللذَّة التي يشعر بها الإنسان في زمن آخر... غير هذا...
وهناك... على مسافات من بقع الأرض من لا يجد إلاَّ شظايا البارود فوق أطباق الإفطار...،
ولا أتخيل أنَّ لشَرْبة الماء برد الرُّواء... كما كان لها في أوقات ليس هناك من يتضوَّر عطشاً في مواقع في الأرض... لا تمطر ماءً... بل تمطر باروداً... وغسلينا... وناراً...
فهل للقمتكَ طعم؟...
ولشربتكَ برد؟...
وكيف تشعر بالهناء... وهناك المكلومون... التعساء؟!
وكيف يحلو لك أن تفتح خزنة ملابسك لترتدي مايدفئك... أو يجمِّلك؟...
وهناك من لا يجد ما يستر شقوق الزهيد من الكساء فوق الأجساد العارية التي يصطليها مع البرد... جلد الخوف... والفقر...، والفاقة...، والعدم...
عدمٌ أنْتَ فيه من المشاعر...
إن كنتَ قادراً على الابتسام...
عدمٌ أنت فيه من الاحساس...
إن كنتَ قادراً على التفكير في قائمة «مشتريات» العيد...
وعدمٌ أنت من الإنسانية..
إن كنتَ باستطاعتكَ ازدراد اللُّقمة، والقطرة... في احساس بالنعيم...
فكيف يكون هذا العدم فيكَ؟
والشوارع التي تكتظ بالعربات، تحمل الأجساد، تمتلىء مخابئها بالنقود...
وأفكارها تلوب في أنواع، وأشكال ما سوف ترتديه في أيام العيد وما سوف تواجه به الشتاء، والصيف، وما... وما....
كيف هو لون...، وحجم العدم في داخلكَ، وبَعْدكَ تضحك... وبَعْدَكَ تفرح... وبَعْدَكَ تستأنس لصحبك...، ودعاباتك... وبشريتك...؟!
هيهات أن يكون الرُّواء في لحظات العطش...
وهيهات يكون الشَّبع في لحظات الجوع...
وهيهات يكون الحبُّ في لحظات الألم...
وهيهات يكون الاحساس الهانىء في لحظات الوخز... والجروح تنزُّ...
والنداء الحزين يصكُّ كلَّ مسامَّه في الإنسان...
وكتل الدماء...، كما كتل التراب...، كما كتل الهشيم... تسدُّ ثغرات الاحساس...، ومنافذ الشعور إلى فضاءات الابتسام... والسعادة... والفرح...
إنَّه زمن لا فرح فيه...
وإنَّه زمن الحكمة والعِبْرة من اللاَّفرح الذي يعمُّ...
دمارٌ هي الدواخل...
فكيف يحلو اللهَّو في الدَّمار؟
وكيف تغرِّد عنادل الروح... وكلُّ علامات القهر فوق الأوجه المظلَّلة بالخوف... والتوجُّس... والرَّهبة... وعدم الاطمئنان...
وانتظار فجائع المفاجآت؟
وبَعْدَكَ أيُّها الإنسان...
تفكر ماذا تأكل؟ وماذا تشرب؟ وماذا تكتسي؟
ولكَ رغبة في اللَّهاث وراء معرفة كم لديك؟ وكيف تعيش؟...
إنَّها مهزلة المفارقات
وكفى....
|
|
|
|
|