| الاقتصادية
* أبها محمد جمعان:
أن تقترح فكرة جديدة في المجتمع فذلك يعرف بالابتكار وأن تتبنى هذه الفكرة رغم كثرة المعوقات فذلك يعد مغامرة، وعندما يتحول تبنيك لها إلى دعم كامل وتسخير كافة الإمكانات فأنت تتحول من المغامرة إلى المخاطرة .
وعندما تتخطى العقبات التي تواجهك الواحدة تلو الأخرى فذلك مرجعه إلى المثابرة والعزيمة بالإضافة إلى الحظ الجيد .
ولكن عندما تستطيع برغم المعارضة والفهم الخاطئ من المجتمع لمفاهيمك وأن تحول المجتمع من ناقم على مشروعك إلى داعم له فذلك النجاح والتفوق والتميّز بعينه.
كما أنك عندما تلوي الأعناق باتجاه مشروعك وتحصل على نقاط الإعجاب متتالية فذلك الإنجاز والاعجاز بحد ذاته .
ذلكم أعزائي القراء هو حال المشروع السياحي وصناعة السياحة في منطقة عسير وحال رائد السياحة الأول الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز الذي تبنى فكرة السياحة في المنطقة وصناعتها فتوجهت له أنظار الإعجاب والتعجب.. إعجاب بروح المغامرة وتعجب من هذه المخاطرة.
إلا أنه وبفضل اللّه سبحانه وتعالى تمكن من النهوض بالسياحة في المنطقة وجعل بقية مناطق المملكة تحذو حذوها بل وتتحول السياحة من تجربة إلى ميدان تنافس.
من أجل ما سبق ومن أجلك عزيزي القارئ، حرصت «الجزيرة» وكما هي عادتها في متابعة منجزات الوطن وتسليط الضوء عليها على الالتقاء بسعادة عميد كلية الأمير سلطان لعلوم السياحة والفندقة الدكتور علي بن عيسى الشعبي، وواجهناه بالعديد من الأسئلة التي نأمل أن تصل بك عزيزي القارئ في ختام اللقاء إلى فهم ماهية هذه الكلية وفكرتها ودورها في دعم السياحة الوطنية النقية .
وإليك قارئنا الكريم ما دار في الحوار:
* في البداية سألنا سعادته عن فكرة ومراحل إنشاء الكلية وأهدافها وكذلك التخصصات التي تضمها الكلية فأجاب سعادته قائلا:
كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة هي فكرة كانت لدى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير ورئيس لجنة التنشيط السياحي بها . فعندما أحسّ سموه أن البنية الأساسية للسياحة في هذه المنطقة على وجه الخصوص وفي المملكة بصفة عامة قد تشكلت وأصبحت بحاجة إلى توفر كوادر بشرية مؤهلة تقوم بدورها في إدارة هذه المنشآت السياحية تبلورت لدى سموه الفكرة وبعد عودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز من رحلته العلاجية عام 1419ه وفي أول زيارة لسموه للمنطقة بعد عودته سالماً بفضل اللّه، أعلن سمو الأمير خالد باسمه ونيابة عن أهالي منطقة عسير عن فكرة إقامة كلية تحمل اسم سمو الأمير سلطان تعنى بالسياحة والفندقة. ووافق سمو الأمير سلطان على الفكرة ودعمها سموه بعشرة ملايين ريال.
ومنذ تلك اللحظة بدأت انطلاقة الكلية نحو تحقيق الهدف الرئيس من انشائها وهو تأهيل وتوفير كوادر بشرية مؤهلة علمياً وفنياً وإدارياً للقيام بدورها في إدارة المنشآت السياحية والفندقية في المملكة بشكل عام بالإضافة إلى الأهداف الأخرى لإنشاء الكلية منها المشاركة في الدراسات والاستشارات والأبحاث التي تعنى بالسياحة والفندقة في المملكة بشكل عام .
وأما عن تخصصات الكلية فالكلية تمنح شهادتين علميتين الأولى دبلوم السياحة والفندقة، والدراسة فيها لمدة سنتين، دراسيتين وبرنامج البكالوريوس لمدة أربع سنوات ويمنح درجة البكالوريوس في إدارة السياحة والفندقة.
* بودنا لو تحدثنا سعادتكم عن المراحل التي يمر بها الطالب خلال دراسته؟.
كما قلت لك الكلية تمنح شهادتين ، يسبقهما سنة تحضيرية تعنى بتنمية مهارات اللغة الانجليزية والحاسب الآلي لأنه كما يعلم الجميع أن الانجليزية والحاسب الآلي أصبحتا مطلباً هاماً ليس في مجال السياحة والفندقة فقط بل يتعدى ذلك ليشمل جميع المجالات العلمية، فخصصت الكلية لأجل ذلك سنة إعدادية تعد فيها الطالب باللغة الانجليزية والحاسب الآلي.
وبرنامج الدراسة في الكلية بصفة عامة هو برنامج مرن وجديد في فكرته بحيث أنه يخول الطالب أن يأخذ الدبلوم خلال سنتين ثم إذا أراد الاستمرار فيحصل بعد سنتين على البكالوريوس وإن أراد الاكتفاء بالدبلوم فهو مخير.
* هل هناك معايير محددة تضمن تخرج الطالب من الدبلوم بكفاءة عالية وتفصل بين المرحلتين؟.
البرنامج وضع معايير محددة تضمن أن الطالب لا يتخرج من الدبلوم إلا وهو مؤهل تأهيلا فنيا كاملا للعمل في مجال السياحة والفندقة بمستوى لا يقل عن مستوى الإشراف سواء على مستوى الأفراد أو الأقسام.
أما ما يخص البكالوريوس فيركز فيه على إدارة مطورة وإدارة متقدمة تؤهل الخريج للعمل في إدارة المنشآت السياحية والفندقية بشكل عام.
أما أقسام الكلية فهنالك أربعة أقسام جميعها تصب في التخصص، والحقيقة الكلية استفادت من تجارب الآخرين وحاولت أن تبدأ من حيث انتهوا، وبالتالي راعت أن تكون دائرة التخصص وفرص العمل بعد التخرج بشكل كبير. فبدلا أن تخرج الكلية خريجا متخصصاً في مجال الفندقة ولا يعمل إلا في مجال الفندقة أو في السياحة ولا يعمل إلا في مجال السياحة دمجت كما هو التوجه العالمي الآن هذين التخصصين مع بعضهما وأصبح خريج الكلية يعمل في جميع مرافق وإدارات الفنادق والسياحة والجهات التي لها علاقة مباشرة بالسياحة أو غير مباشرة مثل مكاتب السياحة والضيافة في الطيران وغيرها من المجالات.
ولذلك لدينا أربعة أقسام هي قسم الإدارة السياحية وقسم الإدارة الفندقية وقسم الحاسب الآلي والدراسات المساندة وقسم اللغة الانجليزية.
وكما ذكرت الأربعة أقسام جميعها تصب في تخصص واحد يمنح الدبلوم والبكالوريوس.
* نتمنى من سعادتكم الحديث عن إقبال الطلاب للدراسة في الكلية وعدد الطلاب المسجلين.
بالنسبة لعدد الطلاب فكما هو معلوم أن الكلية فكرتها جديدة وتخصص جديد على المملكة وفي نفس الوقت تأخذ رسوما على الدراسة.
والمتوقع أن لا يكون العدد كبيرا إلا أن المفاجأة هي أن العدد الموجود في الكلية أكبر مما هو مخطط له، فنحن الآن فعليا لدينا أكثر من «90» طالباً ونحن ما زلنا في الفصل الثالث للدراسة الفعلية.
هذا بخلاف الطلاب المعتذرين والمؤجلين للدراسة والذين يتجاوز عددهم «120» طالباً، وما أريد قوله هو أننا لو أخذنا ذلك مقياساً للطاقة الاستيعابية ، فثلاثة فصول من ثمانية فصول دراسية يعد ذلك تميزا بكل المقاييس إذا علمنا أن الطاقة الاستيعابية للكلية «250» طالبا بما فيها السنة التحضيرية. والكلية تسير في هذا الإطار وفق خطط مدروسة وبما يتفق مع العدد المسموح به من وزارة التعليم العالي، وفي نفس الوقت تحافظ على مستوى معين من التعليم أثناء دراسة الطالب.
* ما مدى تلاؤم مخرجات الكلية مع متطلبات سوق العمل مستقبلا هل روعي عند وضع برامج الكلية ومناهجها؟
هذا سؤال مهم جدا وأعتقد أنه هاجس كبير جدا في الكلية لأن تكون برامجها ومناهجها وخططها تصب في هذا الاتجاه، لأنه أولا وأخيرا الطالب يتخرج لكي يعمل ولا بد أن يكون قادراً على التأقلم مع العمل المستقبلي ويجب أن تكون لديه جميع متطلبات السوق.
والكلية بحمد اللّه راعت هذا الجانب، وخططها كاملة مبنية على احتياجات سوق العمل، وتم تقييم الخطط من قبل مختصين لهم دراية كاملة بسوق العمل في المملكة وخارجها كما أن هنالك لجنة استشارية من المستثمرين في مجال السياحة والفندقة وكبار المستثمرين في هذين المجالين يعقد لهم اجتماع سنوي لمناقشة برامج الكلية وإبداء مرئياتهم، بالإضافة لذلك فالطلاب لدينا يأخذون جرعات كبيرة من التدريب والتطبيق الميداني.
وعلى سبيل المثال خلال الصيف الماضي ابتعثنا عددا من الطلاب للتدريب في عدد من القطاعات السياحية في جدة والرياض ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية بالإضافة لأبها وكانت ردود الفعل مشجعة جدا وتدل على أن الطلاب قاموا بما هو مطلوب منهم على أكمل وجه وهذا يدعونا للتفاؤل بمشيئة الله تعالى بأن برامج الكلية وخططها تسير في الاتجاه الصحيح.
وأضيف بأن الكلية على استعداد لإعادة النظر في بعض برامجها ومناهجها متى رأت أن سوق العمل يتطلب ذلك.
* هل هناك نية لإنشاء فروع أخرى للكلية؟
هذا أعلن منذ فترة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حيث أعلن سموه عن أنه سيتم إيجاد فرع للكلية في المنطقة الشرقية بناء على أمر سيدي الأمير سلطان بن عبد العزيز والموضوع في إطار التباحث بين سمو الأمير خالد وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد أمير المنطقة الشرقية، ومجرد أن تحصل الكلية على توجيههما الكريم سوف تبدأ بمشيئة اللّه التهيئة لهذا الفرع الذي نأمل أن يبدأ قريبا.
* هل تقوم الكلية بدراسة استشارية للقطاع الخاص وتقديم مشورتها العلمية للمشاريع السياحية وماذا عن تواصل الكلية مع الجهات المعنية بالسياحة؟
الكلية لها تواصل مع كل الجهات المعنية بالسياحة والضيافة في المملكة سواء على مستوى المنطقة أو المملكة بصفة عامة ، وهي تعمل كل ما بوسعها تقديمه من خدمات سواء في مجال الاستشارة أو في مجال الدراسة والأبحاث وهنالك تعاون مع الغرف التجارية حول الدراسات الاستثمارية كما أن الكلية تقيم دورات متخصصة كما عمل في الباحة العام الماضي.
كما أن هنالك تنسيقاً مستمراً مع الهيئة العليا للسياحة وهنا أحب أن أنوه وأشيد بالدعم الكبير الذي تلقاه الكلية من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة لكي تقوم بدورها في توفير وتأهيل الكوادر البشرية . كما أن الكلية لها علاقات مع كليات أخرى خارج المملكة سواء في العالم العربي أو في أوروبا وأمريكا، ونحن نرتبط ارتباطا علميا وأكاديميا مع جامعة فرجينيا بولاية فرجينيا الامريكية ولدينا اتفاقية تعاون وتبادل الخبرات والمساهمة في كثير من المناهج والمحافظة على جودة البرامج ، وندرس حاليا التعاون مع جامعة في النمسا، ولدينا تعاون مع المعهد العالي للسياحة في تونس.
* هل تقدم الكلية منحا دراسية مجانية؟.
الكلية لا تقدم منحا بل تقبل المنح الدراسية، أي أن الجهات المستفيدة من الطالب بعد التخرج هي التي تقدم المنح فمثلا الشركة الوطنية للسياحة لديها عدد من الطلاب لدينا وكذا مؤسسة الملك فيصل الخيرية . وهذه الجهات تقدم منحا دراسية للطلاب للاستفادة منهم بعد تخرجهم.
* احتفلت الكلية مؤخرا بوضع حجر الأساس لمبناها والذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز .. ما هي المراحل التي قطعها المشروع؟.
كما تعلم بعد تفضل سمو الأمير سلطان بوضع حجر الأساس لمشروع مبنى الكلية على أرض الكلية الواقعة على طريق المطار بدأت الكلية مباشرة بالعمل على وضع التصاميم والدراسات الخاصة بالمبنى والهادفة إلى إضافة معلم مميز للتطور في المنطقة.
وهذه الدراسات في مراحلها النهائية، وسنشاهد إن شاء اللّه مبنى يمثل إضافة للوحة الأعمال الفنية التي يرسمها الأمير خالد الفيصل لهذه المنطقة وستكون إضافة للمنطقة وللمملكة بصفة عامة.
* إلى أي مدى ترون تطور الصناعة السياحية في المملكة؟.
استمرار التجربة أكثر من عشرين عاماً هذا يدل على نجاحها ولا تحتاج التأكيد من أحد.
ونحن نشاهد أن السياحة في المنطقة واقعاً ملموساً وأصبحت كذلك أنموذجا للمناطق الأخرى، وهذا دليل واضح على نجاح التجربة وأن مستقبلها يبشر بالخير خاصة إذا ما نظرنا إلى توافر المقومات السياحية واكتمال البنى التحتية اللازمة أضف إلى ذلك تميز أجواء المملكة صيفاً وشتاء وتباينها الجذاب الذي أثبت إمكانية السياحة طوال العام وليس في فصل معين.
كما أن توحيد الجهود تحت منظومة واحدة ممثلة في الهيئة العليا للسياحة برئاسة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز وأمينها العام سمو الأمير سلطان بن سلمان كل ذلك سيضمن بمشيئة اللّه أن تكون مناطق المملكة بيئة سياحية متكاملة من جميع النواحي.
* هل هناك عقبات تواجه النمو والتطور السياحي؟.
هي ليست عقبات بمعنى أنها تعيق المشروع السياحي بل هي أمور تحدث لأي مشروع . ولكن لو افترضنا جدلا بأنها عقبات فهي لا تعدو أن تكون وقتية، ومع وضوح معالم المشروع السياحي وعندما يلمس المواطن مردوده الايجابي من السياحة فستجد انه هو الذي يسهل العقبات ويذلل الصعاب أمام المشاريع السياحية. والمشروع السياحي قادم وقادم بقوة مستمدة من ثوابت وقيم هذه البلاد دينياً واجتماعياً، ومشروعنا السياحي في هذه البلاد يسير وفق إطار عادات وتقاليد هذا المجتمع وخصوصيته وفي النهاية يصب في مصلحة اقتصاد البلد.
* يلاحظ اتجاه المستثمرين في المجال السياحي من أبناء هذا البلد إلى الاستثمار خارجه ماذا تقولون لهؤلاء؟.
قد يعتقد البعض أن هنالك معوقات للاستثمار في داخل المملكة وهذا اعتقاد خاطئ وكذلك الاعتقاد بأن الاستثمار خارجياً قد يكون إيجابياً.
ولكن أعتقد أن أحداث «11 سبتمبر» الأخيرة هي الإجابة الشافية والكافية على هذه الفئة، لأنهم من خلال هذه التجربة أنا واثق أنهم سيصلون إلى نتيجة محددة بأن استثمارهم في بلدهم هو الأفضل والأضمن. وأنا أذكر هنالك مثلا شعبيا يقول «من ترك داره قل مقداره» والمثل ينطبق على المستثمر خارج البلد وكذلك السائح. كما أن المناخ الاقتصادي والبيئة الاستثمارية في المملكة لا تتوفر في مكان آخر ، وأعتقد أن الأحداث الحالية ستجعل المستثمرين يعيدون النظر في حساباتهم ويستثمرون في بلدهم لأن ذلك أفضل لهم ولبلدانهم.
* يلاحظ أن المهرجانات السياحية في المملكة قد تحولت من التنافس الإيجابي إلى تنافس سلبي.. فهل هنالك معايير محددة أو تنسيق لكي تتنظم هذه المهرجانات وتحقق أهدافها؟
التنافس مرحلة سنتجاوزها وفيما يخص عدم التنسيق فأعتقد الآن أن الهيئة العليا للسياحة هي الجهة المخولة والقادرة بأن توجد مثل هذا التنسيق . وبكل تأكيد ستقوم بهذا الدور على أكمل وجه وستستطيع تنسيق هذه الأمور في إطار يجعلها تسير نحو التقدم والتكامل السياحي وفكرة المهرجانات فكرة مميزة ومطلوبة ولكن كما ذكرت تحتاج لقليل من التنسيق وستتحول إن شاء اللّه من منافسة إلى تعاون وتكامل ومنافسة شريفة.
* هل تودون إضافة كلمة أخيرة؟
شاكر ومقدر حضور جريدة الجزيرة للكلية . هذه الجريدة التي نلمس منها دائما التعاون والطرح المميز، وإن شاء اللّه العلي القدير الكلية ستكون عند حسن ظن الجميع ولا نستغني عن وجهات نظركم ومقترحاتكم . وشكرا لكم.
|
|
|
|
|