| رمضانيات
المراد بالسجع: هو موالاة الكلام على روي واحد.
وفيه سجعت الحمامة إذا رددت صوتها على طريق واحد. وقيل هو الكلام المقفى من غير مراعاة وزن، وسمي سجعا لاشتباه أواخره، وتناسب فواصله.
والسجع منه ما يشغل الفكر، ويمنع الخشوع، وينافي الضراعة والذلة حال الدعاء فهذا نوع مذموم لأنه سجع متكلف. وكذلك ما أراد صاحبه مضادة الشرع، فإنه مذموم أيضاً، لمشاكلته كلام الكهان وسجعهم فيما يتكهنونه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال حمل بن النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما هذا من إخوان الكهان) من أجل سجعه الذي سجع. رواه مسلم. وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه، فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب) رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها قالت لابن أبي السائب قاضي أهل مدينة، (ثلاثاً لتبايعني عليهن، أو لأناجزنك فقال وما هن؟ بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين قالت: اجتنب السجع من الدعاء، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك) رواه أحمد.
فالمشروع في حق الداعي أن يكون متضرعاً، ذليلاً خاشعاً، والسجع ينافي ذلك.
قال البعض: (ادع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والانطلاق).
وقيل في قوله تعالى (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) أي تلك الأسجاع.
وقال النووي (وأما السجع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله في بعض الأوقات وهو مشهور في الحديث فليس من هذا لأنه لا يعارض به حكم الشرع ولا يتكلفه فلا نهي فيه بل هو حسن).
فالأسجاع غير المتكلفة تصدر من غير قصد، بل تجري على اللسان فلا تؤثر في تضرع الداعي وخشوعه. وقد جاء في الأدعية المأثورة شيء من السجع غير المتكلف كقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب) وغيرها كثير.
فمن كانت فصاحته وبلاغته تؤدي به إلى هذا النوع من السجع فإنه سجع محمود.
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: (إذا كان سجعاً غير متكلف فقد وقع في كلام النبي عليه الصلاة والسلام وكلام الأخيار، فالسجع غير المتكلف لا حرج فيه، إذا كان في نصر الحق أو في أمر مباح).
فالأولى للداعي أن يأخذ بالدعاء المأثور، فإنه أسلم وأتبع للسنَّة، وأبعد عن الاعتداء بالدعاء.
هذه بعض أحكام قالها أهل العلم في مختلف الأزمان، فأسأل الله العلي القدير أن يهدينا إلى طريق الحق والرشاد.
|
|
|
|
|