أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 8th December,2001 العدد:10663الطبعةالاولـي السبت 23 ,رمضان 1422

محليــات

لما هو آت
الجروح... الجروح!!
د. خيرية إبراهيم السقاف
للجروح إيلام... في وطأته ما يستنفر الصوت، والحسَّ، والحركة...
فإن اشتدَّ صرخ المجروح...
وإن أوغر..صرخ وتحرّك...
وإن اشتدَّ... تفاعلت كافة الجوارح للتعبير عنه... فإمَّا علامات على الوجه، وحركة الجسد، وإمَّا صحب ذلك الدمع...
وللدموع صوتٌ صامت يعرفه المجروحون... المتألمون...، ويبعثه بحدِّة إيلام الجروح...
....
وللجروح صديدٌ...
كما لها وخزٌ...
ولها لونٌ... كما لها شكلٌ...
ولها... ما يحرِّك لتفاديها...، لمعالجتها...، لإزالتها...
الإنسان المجروح...
والإنسان الجارح... كلاهما في موقف الدائن والمدين...
الجروح التي في الجسد... تعالج...
والخشية دوماً من تفاقم مضاعفاتها...
فإن هي أهملت دون العلاج... فإنَّ الخوف من جرثمتها...، وإن هي تجرثمت فإمَّا إلى مزيد ألم... أو مزيد إيغال... أو نهاية قد تؤدي إلى شلل الحياة، أو نهايتها...
وكما إنَّ النَّار من مستصغر الشرر، فإنَّ الموت من مستصغر الجروح... وإن هي عولجت، فإمَّا إلى الشفاء، وإمَّا إلى الأثر...
والجروح التي تتراكم... تخلِّف الأنين...
والأنين إمَّا يكون تألُّماً...، وإما شكوى...، وإما احتجاجاً...
هو نوعٌ من التعبير...
و... هو أسلوب تعبير لا يقرأه إلاَّ من له خبرة في وخز إيلام الجروح...
والإنسان... كلُّ إنسانٍ جرَّب الجروح...
فما من امرىءٍ في الحياة... عبرت به الحياة دون أن تحتنكه خبرة الألم من أيِّ جرحٍ...
لكن الجروح في الجسد تبرأ...، وإن لم تبرأ تدمل...، وإن لم تدمل فإنَّها حتماً تصل إلى نتيجة يتكيَّف فيها الجرح مع الجسد، وتنهض لها مكونات ومركبات الأمن في خلايا الجسد...، وتتعاون معها أدوية الأطباء، ومعالجات الإنسان...
لكن هناك جروح توغل إلى النفس...
إلى جوف الجوف...
تفعل ما لا تفعله الجروح الخارجة عن الجوف...، جروح تمتدُّ إلى الذرَّات الدقيقة في تكوين الشعور والإحساس..، تتسلل ببطء وبافتراش كلٍّي لكلِّ نبضة حسٍّ في الإنسان، يحتلُّ ألمها القلب، وقد يتطاول إلى العقل، تظهر آثارها في العين، وسُحنة الوجه، يتفاعل معها كامل كيان الإنسان، فينحلُّ...، ويصاب بالذهول...، ويعمِّره الحزن...
مثل هذه الجروح لا تدمل...
ولا تطبَّب...،
ولا تُمحى...،
وتتراكم...، وتبني قواعد تحتلُّ جوف الإنسان، ومن ثمَّ كيانه...
هذه الجروح لا من يستطيع علاجها...
ولا يقدر على إزالتها...، أو يمكن أن يبرأ منها من تحتلُّه...
وهي زائرة مفروضة...
ليست عابرة...، ولا تأتي عن طريق الفجاءة أو المصادفة...
ترى...
كلُّ الذي يتعرَّض له الإنسان من مشاهد الإيلام...
ألا يوغل في حفر أخاديد الجروح في النفس البشرية؟
وحتى إن تخيَّل أن جروح الأجساد يمكن أن تبرأ...
كيف لجروح النفوس أن تفعل...؟
في ضوء ما يكون؟!.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved