| الاقتصادية
* القاهرة محمد العجمي:
الدولار صداع دائم في رأس الحكومة المصرية، وبات واضحا أن السوق المصرفي حاليا يشهد حالة من عدم الاستقرار فقد ساد حالة من الفوضى وواصل الدولار ارتفاع جنوني في السوق السوداء وصل إلى 490 قرشا الأسبوع الماضي، ويؤكد البعض أنه وصل إلى 500 قرش، ثم انخفض بدون أي أسباب إلى 427 قرشا من كتابة هذه السطور ،
ورغم أن الريال السعودي يرتبط بالدولار إلا أن الريال احتفظ بارتفاعه ولم ينخفض حيث بلغ 120 قرشا، وارجع خبير مصرفي ذلك إلى الاقبال الملحوظ من المصريين على أداء العمرة والحج مع عدم توفير البنوك للريال، وتوقف المعروض منه على شركات الصرافة بالإضافة إلى أن المصريين يقومون بتوفير احتياجاتهم من الريال السعودي والاحتفاظ بها لحين أداء الحج ،
موضحا أن العرض والطلب على الريال لا يتعرضان لضغط إلا في موسم العمرة والحج ،
وإذا اعتبرنا ان المصريين يعتمرون طول السنة فستظل المشكلة باقية في نقص المعروض من الريال الأمر الذي يعني احتمال ارتفاعه في السنوات القادمة وخاصة في ظل الاقبال الشديد من المصريين على العمرة والحج ،
مارد لا يقهر
وإذا اعتبرنا أن الريال السعودي مرتبط بالدولار الأمريكي هذا أيضا يوضح أن الريال سيرتفع أمام الجنيه المصري، وخاصة أن الدولار هو المارد الذي لا يقهر في السوق المصرفي المصري وهناك أسباب تؤكد ذلك فمصادر موارد الدولار في مصر يشتمل على موارد قناة السويس وقد كشفت بيانات الهيئة عن انخفاض عائدات القناة بمقدار 6 ملايين دولار في شهر واحد، ويؤكد الخبراء أن هذا الانخفاض سيصل إلى 184 مليون دولار سنويا ، كما تمثل الصادرات جزءاً من المصادر الرئيسية للدولار ، ولكن في ظل الأحداث العالمية وارتفاع مخاطر النقل تراجعت الصادرات وبلغ العجز في الميزان التجاري المصري 4 مليارات دولار، وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى إلغاء وزارة الاقتصاد وتكوين وزارة للتجارة الخارجية لتشجيع الصادرات كما انخفضت تحويلات العاملين بالخارج قبل وبعد أحداث سبتمبر الماضي بشكل ملحوظ وأصبحت الحكومة تواجه موقفاً لا تحسد عليه في تراجع الجنيه المصري أمام العملات الأخرى ،
ولم تمر إلا ثلاثة أشهر على قرار البنك المركزي برفع السعر المركزي للدولار إلى 415 قرشا إلا وعاد الاضطراب في العلاقة بين العرض والطلب، مما يؤكد أن هذه القيمة ليست هي السعر الحقيقي للدولار في مصر ، بل إن الخبراء يؤكدون أن السبب الرئيس في ظهور الأزمة الحالية هو صدور قرار البنك المركزي الذي أوقف الاستيراد لمستندات التحصيل لمدة ثلاثة شهور من جانب البنك ، مما جعل الحكومة تجبر البنك المركزي على التراجع عن هذا القرار، وأدى هذا إلى فقدان الثقة في السياسات النقدية والمالية ، وكشفت مصادر مصرفية رفض البنك المركزي تحريك السعر المركزي للدولار باعتبار أن ما يجري في السوق نوع من المضاربات التي لا تعبر عن السعر الحقيقي للجنيه، وحتى لا يسير خلف رغبات سماسرة العملة، وأوضحت أن مصر تخسر يوميا 25 مليون دولار بسبب انخفاض مواردها من السياحة، والصادرات والبترول وقناة السويس إلى جانب انخفاض السندات الدولارية المصرية بنسبة 25% ،
وما يحدث في السوق المصرفي حاليا هوتبادل الاتهامات بين رجال البنوك والأعمال وشركات الصرافة، رجال الأعمال يتهمون البنك المركزي بمسؤوليته في الارتفاع الجنوني للدولار مؤكدين أن القرار السابق هو سبب الأزمة وهو ما دفع المستوردين إلى الإقبال على شراء الدولار قبل إصدار أي قرارات أخرى لمنع تمويل الاستيراد في محاولة منهم لجمع أكبر قدر ممكن من الدولارات اللازمة لعمليات الاستيراد كما حمل رجال الأعمال شركات الصرافة المسؤولية عن ارتفاع سعر الدولار بسبب عدم التزامها بالأسعار التي حددها البنك المركزي، وحذروا من حروب الاستثمارات الأجنبية من مصر بسبب عدم قدرتها على استيراد احتياجات التصنيع ومستلزمات الإنتاج، وارتفاع تكلفة الاستيراد بسبب الزيادة المستمرة في سعر الدولار ،
أما شركات الصرافة فتتهم الحكومة في إحداث الأزمة بسبب تضارب القرارات وتخبط السياسات، في حين تلقي الحكومة المسؤولية على المضاربين في السوق السوداء وأيضا إلى شركات الصرافة والمستوردين ، أزمة الدولار ألقت بسحابة سوداء على الحياة الاقتصادية بوجه عام ، أشبه بالسحابة السوداء التي تغطي سماء القاهرة ولم يعرف حتى الآن أسبابها ، فقد أدت الأزمة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسب تراوحت ما بين 10 % ، 25% وشمل هذا الارتفاع أسعار السلع الغذائية والموارد اللازمة لصناعة البلاستيك والزجاج والبويات والدهانات والمبيدات الحشرية والطباعة، وألقت بظلالها على البورصة حيث كشف التقرير الأسبوعي للهيئة العامة لسوق المال عن تأثير تعاملات المستثمرين الأجانب بالتذبذبات التي يشهدها سعر الجنيه أمام الدولار فقد قام الأجانب بشراء 8 ،1 مليون ورقة مالية خلال 2101 صفقة وبلغت قيمتها 62 مليون جنية وبمعدل 19% من إجمالي قيمة التداول بالجنيه كما اشترى الأجانب 4 ،2 مليون ورقة مالية بالدولار خلال 78 صفقة بقيمة 3 ،6 مليون دولار بنسبة 97% من إجمالي قيمة التداول بالدولار وباع الأجانب 2 ،3 مليون ورقة مالية خلال 3141 صفقة بقيمة 3 ،62 مليون جنيه بنسبة 19% من إجمالي التداول ،
وهذه الأزمة هي التحدي الأول الذي يواجهه محافظ البنك المركزي الجديد الدكتور محمود أبو العيون فهل ينجح بعد التغيرات التجديدية التي جعلت البنك المركزي أكثر استقلالية وتابعاً لرئاسة الجمهورية في إزالة الصراع الدائم في رأس الاقتصاد المصري؟ ،
|
|
|
|
|