وقفت على أطلال دار بذي قفرِ
بها الربد معْ مستعطب الناب والظفرِ
وقفت بها والدمع مني كأنه
سحاب على مَرْتٍ وإلا على صخرٍ
وقفت بها هيمان أسأل رسمها
ونار الأسى ترمي على الروح بالجمرِ
ديار خلت من أهلها وتعطلت
تعاورها الأزمان وقراً على وقرٍ
ديار بها ليلى وليلى غريرةٌ
فأنعم بها من طفلة ربة الخدرِ
أحنُّ اليها وهي عني بعيدة
كما حنت الأطيار للأفرخ الزعرِ
وإن كنت قد أعرضت عنها فطالما
سعت نحوها روحي وكنت على ذكرِ
وان حال ترب دون ليلى فإنما
لها منزل بين الجوانح والصدرِ
ووالله ما تركي وصالا لها قلى
ولكنه خوف من الأعين الخزرِ
ووالله ما مثلي شكا من صبابة
على الأرض صب من جحاجمة زهر
فلا قيس لاقى ما لقيت من الجوى
ولو قال قولا ذا قتيل من الهجرِ
ولو قال ليلى بالعراق مريضة
فأمر الفتى العذري أهون من أمري
فليلاه في أرض العراق مقيمة
وليلاي جوف القبر في فدفدٍ قفرِ
فكل مريض يكتب الله برؤه
ويجمع ما بين الشتيتين لو يدري
ولكن من بات التراب يضمه
يكون له شوق أحر من الجمرِ
وتحسب ليلى أنني خنت عهدها
وأني نقضت العهد في دهري المزري
فلا والذي نجّى من الجُبِّ يوسفاً
وأعطاه ملكاً بعد ما كان في الأسرِ
فلا خنت عهداً أو أتيت بفاحشٍ
وكيف أخون العهد يا سوأة الدهرِ
فيا أحمد تلك الوصية فارعها
ولا تبدها إني أخاف من العزر
إذا مت فادفني الى جنب قبرها
أكون سعيداً واجعل القبر للقبرِ
أكون لها جاراً وتصبح جارتي
ونصبح جيراناً الى ملتقى الحشر
وإن كان في الدنيا عليَّ محرم
لقاء فعند الله خالقها عذري
فإني شغوف أن أراها مطلة
إذا ما أطل الناس في ساعة النشرِ
وأختم قولي مثلما قلت أولاً
وقفت على أطلال دار بذي قفرِ