| العالم اليوم
ليس العرب والفلسطينيون وحدهم الذين نبهوا من حماقات أرييل شارون وأسلوبه الإرهابي الذي لا يقتصر سلباً على الصراع العربي / الإسرائيلي، بل وكما أثبتت الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة، بأنه سيدفع المنطقة إلى غمار حرب جديدة قد تتورط فيها دول من داخل المنطقة وخارجها، فالتعامل الإسرائيلي الذي يقوده أرييل شارون مع الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية يعد تجاوزاً بكل المقاييس للمنظارين الاستراتيجي والسياسي، فالأسلوب الذي لجأ إليه أرييل شارون وحكومته منذ رئاسته للحكومة الاسرائيلية في إضعاف السلطة الوطنية وتدمير البنية الأساسية للمؤسسات الحكومية وبالذات الأمنية والنيل بشكل منهجي ومبرمج لإضعاف سلطة الرئيس ياسر عرفات.
هذا الاسلوب والنهج الذي يخدم الفكر الإرهابي والمنحرف بشدة نحو التطرف الذي يؤمن به شارون ويتغاضى عنه حتى الامريكيون وحلفاؤه في الحكم وزراء حزب العمل، قد يخدم أهداف شارون الذي يسعى الى استمرار الوضع الشاذ في فلسطين المحتلة لفرض أمر واقع لا يمكن تغييره بسهولة ، هذا التوجه الذي يقوده شارون والذي تحقق الكثير منه، سيقود المنطقة إلى حالة من التوتر بل وحتى الاشتعال بمجرد أن يطفح الكيل لكلا الطرفين، فالعمليات الانتقامية التي يقدم عليها الفلسطينيون والاسرائيليون ضمن مسلسل دموي عنيف ما كان لها أن تتواصل لو كان شارون وحكومته جادين في السعي لتحقيق السلام والعودة للتفاوض، إذ بدلاً من إعادة الثقة وجسور التفاهم بين الفلسطينيين والإسرائيليين نراه ينسف كل ما تم تحقيقه قبل وصوله للسلطة، بل ويعمل بمنهجية إلى تدمير سلطة الرئيس ياسر عرفات الذي يعد وحتى في المقاييس الغربية زعيماً معتدلاً، والغريب أن شارون والأمريكيين يجارونه في ذلك، يردد ويصر على تحميل عرفات كل ما يحصل وهو الذي يعمل بكل الوسائل على اضعاف سلطته ويدمر المؤسسات الأمنية التي تساعده في تعزيز سلطته.
الغريب والمدهش أن الامريكيين يرددون مطالب شارون التعجيزية لعرفات ويشاركونه في تحميله المسئولية ويطلبون منه، مع أنهم ساكتون عن أفعال شارون تجاه عرفات الى درجة تدبير محاولات لاغتياله والمطالبة باستبداله، وكأن شارون والإسرائيليين هم الذين نصبوا أو اختاروا عرفات رئيساً للشعب الفلسطيني، وكأنه لم ينتخب من شعبه..!!
الأغرب من ذلك أن واشنطن بدلاً من ان تأمر شارون ووزراءه باحترام الاتفاقيات وإبداء قدر من الذوق واحترام الآخرين تترك كل ذلك وتوجه اتهاماتها ومطالبها لعرفات الذي لو عنَّ له مغادرة فلسطين وترك «الجمل بما حمل» لاوقع الجميع في حرج وأولهم الاسرائيليون وحلفاؤهم الأمريكيون، الذين سيعضون على أصابع الندم لو فقدوا عرفات صمام الاعتدال في فلسطين.
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|