| عزيزتـي الجزيرة
أخي القارئ .. ها هو شهر رمضان الكريم قد انتصف وأزف على الرحيل .. وأخذت لياليه العامرة تمر مر السحاب .. وما ذاك إلا لروحانية وشذا عطره المبارك الذي لا تمله النفوس ولا ترغب فراقه لذا فإن الوقت الممتع يمر سريعا كلمح البصر .. فطوبى لمن صام نهاره وقام ليله.. ويا لحظ من أفاد منه وانتفع به .. فكان له مفتاح خير وبداية صلاح وبوادر تغيير لما فيه خير الدنيا وسعادة الآخرة .. أخي يا من يغط في سبات عميق ونوم غارق .. يا من فاته اللحاق بركب الصالحين ووفود الصائمين .. أنت يا من تمشي الهوينى متعثرا في مشيتك ولم تزل في ذيل القافلة ومؤخرة الركب هل أدركت معنى الصيام؟؟! أم هل تراك افدت من أيامه ولياليه إن كان الرد بالموافقة فللّه الحمد على عظيم ما أعطاك وإن كان غير ذلك فلا أظنك من المحرومين فالمجال مفتوح والفرصة مهيأة فاغتنم ما تبقى من أيامه ولياليه بالطاعة والعمل الصالح.
ثم اعلم أن رمضان مدرسة مفتوحة لتعليم الأخلاق الفاضلة والتحلي بها فكن أحد أولئك المستفيدين والمؤثرين فإن تخصيص ثلاثين يوما للعلم والتدريب كفيلة بإذن اللّه لإدراك نتائج طيبة ستدرك آثارها ولو بعد حين.
فرمضان مجموعة من العبادات والآداب الإسلامية والتي سنعتاد عليها ونرغب فيها في مستقبل أيامنا. فحري بنا الامتثال وحسن العمل ..
رمضان.. فرصة للتأمل والتفكير وإدراك الأحوال المأساوية التي يعيشها إخواننا المحتاجون في شتى بقاع الأرض وأرجاء المعمورة ما بين فقر مدقع .. أو مرض أو تشريد لا ينتهي .. رمضان فرصة لتفقد المحتاجين وأهل العوز ممن رضوا بأحوالهم واستسلموا لواقعهم المرير رغم شدة الحاجة وضنك العيش .. أولئك القوم الذين إذا رأيتهم حسبتهم ممن أنعم اللّه عليهم.. غير أنهم رضوا بأن يكونوا ممن لا يسألون الناس إلحافا.
رمضان .. بأوقاته التعبدية ولحظاته الربانية مدرسة لتعليم الدقة في العمل ومنهجية النظام في حياة المسلم.. رمضان فرصة لتعلم الحلم واعتياد الصبر في المواقف الطارئة والأوقات الحرجة التي يمر بها أحدنا في بيته أو مقر عمله.. أو سوى ذلك .. رمضان محاولة جادة لتبديل المسار الأعوج .. وتغيير الروتين الممل والذي ربما قضى على البعض من سوء التخطيط والمحاولات الفاشلة سواء في القضايا الاجتماعية أو الصحية أو غيرها.
رمضان حلقة وصل ووسيط خير بين المسلمين فيما بينهم حينما يجتمعون في بيوت اللّه وتتوحد صفوفهم وترتفع أيديهم تجاه السماء يرجون تجارة لن تبور ويدعون ربهم لصلاح قلوبهم وتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم على الحق والنور المبين في زمن ظهر فيه الفساد وعمت به الفتنة.. غير أن الليل كلما ادلهم واسود جانبه انفلق الصبح بتباشيره وآماله المفرحة . ولكم تحياتي والسلام.
خالد بن عايض البشري - الرياض
|
|
|
|
|