| الاقتصادية
* القاهرة عبدالله الحصري، ،
للمرة الثانية تلجأ الحكومة المصرية الي ترشيد الاستهلاك السلعي لوقف تزايد الفجوة في الميزان التجاري والتي بلغت حوالي 4، 9 مليار دولار حيث لاتزال الصادرات متوقفة عند 4 مليارات دولار مقابل واردات بلغت 4، 13 مليار دولار في العام المالي الأخير،
ويأتي هذا القرار ضمن عدة إجراءات اتخذتها الحكومة المصرية بتعليمات من الرئيس مبارك شملت إجراء تعديل وزاري محدود أهم ما فيه الغاء وزارة الاقتصاد وتشكيل وزارة جديدة سميت التجارة الخارجية أهم أهدافها تنشيط الصادرات والحد من الواردات وازالة المعوقات أمام الصادرات يرأسها الدكتور بطرس غالي الذي كان وزيرا للاقتصاد،
وقد اتخذت الحكومة المصرية هذه الاجراءات لتلافي الآثار السلبية المترتبة على أحداث 11 سبتمبر والتي أدت الى خسائر قدرتها الحكومة ب5، 2 مليار دولار إضافة إلي استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الاجنبية والعربية حيث قفز سعر الدولار الى 440 قرشا بزيادة 5، 12 قرش عن الحد الاقصى الذي حدده البنك المركزي ضمن إجراءاته الأخيرة في أغسطس للسيطرة على أزمة سعر الصرف كما ارتفع سعر الريال السعودي الى 120 قرشا بزيادة 7 قروش عن السعر الرسمي،
استبدال المستورد بالمحلي
وبالتوازي مع الاجراءات السابقة اتخذت الحكومة أيضا إجراءات اخرى اهمها خفض الطلب الحكومي على النقد الاجنبي حوالي 5، 1 مليار دولار وذلك بتخفيض المشتريات الحكومية الخارجية وتخفيض الطلب الحكومي على الطلب الاجنبي اعتبارا من أمس السبت وحتي نهاية يونيو من العام القادم ويشمل ذلك كافة السلع التي كانت تشتريها الحكومة من الخارج باستثناء المستلزمات وقطع الغيار مع استبدال الانتاج المستورد بالمحلي في جميع طلبات الشراء وذلك في الهيئات الاقتصادية والخدمية مع تخفيض حالات العلاج بالخارج بحيث تقتصر على الحالات التي لا علاج لها في مصر إضافة إلى قيام الحكومة بتدبير النقد الاجنبي اللازم لشراء السلع التموينية مع إلزام البنوك بعدم فتح أية اعتمادات لشراء هذه السلع الا من خلال وزارة التموين،
كما قررت الحكومة المصرية عدم قبول التوريدات المحلية من سلع مستوردة في كافة أوامر الشراء باستثناء ما ينص صراحة فيها على انها منشأ اجنبي وانها غير متوفرة محليا مع تخفيض مشتريات الشركات المنتجة للغاز الطبيعي الى النصف أو تأجيل سداد نصف قيمة الغاز المشترى لمدة عام مع اشتراط سداد نصف قيمة اي تعاقد خارجي على توريد اي مشروع من خلال صادرات مصرية يتولى المورد تنفيذها بنفسه على ان يكون النصف الاخر مقابل تحويل بالنقد الاجنبي،
القرار جاء في محله
فيما يتعلق بترشيد الاستيراد السلعي أكد البعض ان هذا القرار جاء في محله وسيؤدي الى السيطرة علي ازمة سعر الصرف من خلال تحقيق التوازن بين العرض والطلب فيما أكد المستوردون أن هذه الاجراءات لن تسيطر علي ازمة سعر الصرف لانه سبق اتخاذها من قبل من جانب حكومة الجنزوري وذلك في عام 98 ولكنها لم تسفر عن شيء بل ظل الدولار في صعود مستمر حتى بلغ السعر الذي وصل اليه الان،
ويشير خالد ابواسماعيل رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية ان هذه الاجراءات جاءت في محلها وانه يجب تكاتف جميع الاطراف في المرحلة الحالية لزيادة قدرتنا على التصدير والترشيد من الاستيراد حيث ان المعادلة المختلة بين التصدير والاستيراد من اهم الاسباب التي أدت الى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه المصري وان هذه الاجراءات جاءت مكملة للاجراءت التي اتخذها البنك المركزي في أغسطس الماضي لضبط حركة النقد الاجنبي،
السفه الاستيرادي
ويتفق محمود العربي رئيس غرفة القاهرة مع الرأي السابق مؤكدا انه من غير المعقول ان يستمر الوضع الحالي والذي يؤدي الى انخفاض مواردنا خاصة ان نسبة كبيرة جدا من الواردات تتمثل في سلع كاملة الصنع لها بديل محلي إضافة إلى كثير من السلع الاستفزازية مثل بودرة الطعمية ومستلزمات الكلاب والقطط وغيرها من السلع التي لسنا في حاجة اليها مشيراً الى ان النهضة الصناعية الكبيرة في مصر لا تتناسب مطلقا مع حجم الصادرات الضئيل الذي لا يزيد عن 4 مليارات دولار مقارنة بدول اخرى مثل سنغافورة التي تزيد صادراتها عن 100 مليار دولار،
اعتراض المستوردين
ورغم موافقة الشعبة العامة للمستوردين على هذه الاجراءات الا انها ارسلت مذكرة لاتحاد الغرف التجارية تبدي فيها اعتراضها على هذه القرارات المفاجئة وطالبت باعطاء مهلة للمستوردين الذين تعاقدوا على صفقات وتم شحنها أو في طريقها الى الشحن لأن تنفيذ هذه الاجراءات بشكل فوري سيضر مصالح المستوردين الذين رتبوا أوضاعهم على السداد بطريقة مستندات التحصيل حيث اشار مصطفى زكي رئيس المستوردين الي ان الاضرار التي ستلحق بالمستوردين لاتقل عن 500 مليون جنيه مشيرا الى ان المستوردين المصريين يتعاملون بوسيلتين من وسائل الدفع الاولى وهي الاكثر شيوعا وتتمثل في الاعتماد المستندي والثانية هي مستندات التحصيل مؤكدا ان المتعاملين بالوسيلة الثانية هم الاكثر ضررا من إجراءات البنك المركزي،
عجر البنوك
ويرى المستوردون ان القرارات سيكون تأثيرها سلبيا على السوق وستؤدي الى ارتفاع الاسعار كما ستصيب المستوردين بخسائر كبيرة حيث ستعجز البنوك عن توفير التغطية لكافة الاعتمادات مما سيؤدي الى طول انتظار المستوردين لتوفير الاعتمادات اللازمة مما يدفعهم الى اللجوء الى السوق السوداء وهو الامر الذي سيؤدي الى المزيد من الارتفاعات في سعر الدولار مثلما حدث عندما اتخذت هذه الاجراءات عام 98 حيث كان الدولار 350 قرشا ارتفع بعدها تدريجيا الى 360 ثم 370 ثم 375 ثم 380 ووصل في بداية العام الجاري الى 390 قرشا قبل اجراءات اغسطس الماضي التي زادت الطين بلة حيث وصل السعر نتيجة هذه الاجراءات الفاشلة الى 440 قرشا آي انه ارتفع حوالي 90 قرشا خلال عامين ونصف وهو ما لم يحدث للجنيه في عشر سنوات،
وكرد فعل سريع لهذه القرارات ارتفع سعر الدولار الى 444 قرشا بشكل غير رسمي في شركات الصرافة وظهرت السوق السوداء في خان الخليلي وذلك لاندفاع المستوردين لتغطية طلباتهم من الدولار قبل الانتظار في البنوك لتوفيرالاعتمادات اللازمة لتنفيذ طلباتهم الاستيرادية حيث أكد حسن الابيض رئيس الشعبة العامة للصرافة ان الحكومة عادة ما تتخذ إجراءات سريعة كردود افعال للازمات المتلاحقة وذلك دون مشاورة كافة الاطراف المعنيين حيث كان ينبغي استشارة الشعبة العامة للصرافة والشعبة العامة للمستوردين واتحاد الغرف التجارية قبل تنفيذ هذه الاجراءات حتى تضمن الحكومة تنفيذها بنجاح،
|
|
|
|
|