| المجتمـع
* مكتب الجزيرة جدة سامية محمد العباسي:
في كل الاديان.. يعتبر الكذب رذيلة.. وفي كل المجتمعات يفقد من يعرف عنه صفة الكذب احترام الناس.. وثقتهم به..
وبرغم ان الكذب غالبا ما تكون له مبرراته ودوافعه النفسية.. سواء عند الاطفال..
او عند الكبار الا اننا نادرا ما نعترف او ننتبه الى هذه المبررات وتلك الدوافع.
والسؤال الذي يطرح نفسه ماهي الدوافع التي تجعل الانسان كبيرا أو صغيرا يكذب ولماذا يفقد الكاذب احترامه.. وهل هناك أنواع للكذب؟
وحقيقة الأمر ان الكذب صفة مفزعة.. تفزع الأم حينما تكتشف ان ابنها يكذب.. وتزعج الزوجة حينما تكتشف ان زوجها يكذب.. وتقلق الزوج اذا اكتشف ان زوجته تكذب.ولكي نتطرق الى البحث في جوانب هذا الموضع كان ل«الجزيرة» هذا اللقاء مع الأستاذ الدكتور عصام الحباك أستاذ الأمراض العصبية والنفسية حيث قال:
الكذب حقيقة علمية:
ان الخوف من العقاب أو الرغبة في التمييز بين الناس هما دافعان أساسيان للكذب ولكن المجتمع لا يعترف بهذه المبررات والدوافع والكذب حقيقة علمية وهو حالة مرضية تستدعي العلاج النفسي.. خاصة لدى الأطفال حتى لا تتطور مع بلوغ الطفل سن المراهقة وما بعدها.. بحيث لا يمكن محاصرتها في المستقبل فتبقى من سمات شخصية الطفل وهذا ينعكس على حياته وعلاقاته الاجتماعية فيما بعد.. ويخلق أزمة ثقة بينه وبين المتعاملين معه.ويضيف الدكتور الحباك قائلا: ان للكذب أسبابا متعددة.. فالافصاح عن الحقيقة في بعض الأحيان قد يعرض الطفل للعقاب.. لذلك يعمد لحماية نفسه بأن يكذب ليدفع عن نفسه ضررا سوف يلحق به او يظن انه سيلحق به وهذا النوع من الكذب منتشر جدا بين الأطفال بل هو النوع الأساسي من الكذب ولا ينظر اليه في علم النفس على انه شديد الخطورة لأنه رد الفعل التلقائي عند أي انسان يريد الدفاع عن نفسه أو حمايتها من اذى محتمل.وهذا معناه ان كل انسان يحاول ان يخفي عيوبه عن عيون الآخرين وذلك له أساس نفسي هام فكل انسان لديه بعض مشاعر عدم الثقة بالآخرين فهناك توقع للنقد وتوقع للعقاب.. وفي نفس الوقت فان كل انسان يحاول ان يبدو أفضل من الآخرين وان يكون متميزا..
وهذا يعني ان هناك عاملين نفسيين يتحكمان في الانسان وهو يكذب.. الخوف والرغبة في التميز وكلما أسهمت التربية والنشأة في تعميق هذين العاملين كلما زادت احتمالات الكذب عند الطفل والامعان فيه.
حقيقة أساسية وهامة:
ويستطرد الدكتور الحباك فيقول: لابد ان نقر بحقيقة أساسية وهامة وهي ان كل طفل يكذب اما خوفا واما لأنه يحاول ان يكون متميزا.. والطفل يعرف الخوف منذ أيامه الأولى.. يعرفه من الأصوات المرتفعة ويعرفه من الألم الذي يتعرض له ومن وجه أمه الغاضب اذا أخطأ في التصرف ويعرفه من العقاب الذي يقع عليه اذا أخطأ.
اضطرابات سلوكية:
ويضيف الدكتور الحباك قائلا: إن هناك أيضا حالات مرضية فبعض حالات الكذب تكشف عن المعاناة والقلق النفسي الذي يعاني منه الطفل.. فالطفل المكتئب يكذب والطفل القلق يكذب فالاضطرابات النفسية التي تصيب الأطفال لا تظهر بشكل مباشر أي ان الطفل لا يقول انه مكتئب أو أنه قلق ولكن تظهر عليه اضطرابات سلوكية ومشاكل الطفل تنحصر دائما اما في البيت أو المدرسة فاذا بدأ الطفل يكذب وخاصة بدون داع، فان هذا معناه ان الطفل يعاني وعلينا ان نبحث سر معاناته.
واختتم الدكتور الحباك حديثه ل«الجزيرة» بقوله ان هناك نوعا من الكذب هو نوع من أنواع الهوى بالاسطورة وفيه يحكي الطفل قصة طويلة مليئة بالتفاصيل يكون هو بطلها ومحورها أو قد يتخفى هو وراء البطل الذي يحكي عنه وأحيانا يصدق الطفل نفسه القصة التي يحكيها وهناك بعض الحالات تكون بسبب الذكاء الشديد للطفل وقدرته على التصور والخيال.
ويؤكد الدكتور الحباك: ان المشكلة التي تؤرق الأم هي كيف تعالج حالة الكذب عند طفلها.. والأمر يحتاج منها في هذه الحالة ان تراجع أسلوبها مع طفلها في تربيته وعلاقته بوالده فاذا كان أسلوبا يعتمد على القمع والقهر او القسوة الزائدة التي لا تسمح بالخطأ، فان عليها ان تغير من هذا الأسلوب وتستبدل به أسلوبا يعتمد على احترام الطفل وتوجيهه وبث الثقة في نفسه والتجاوز عن الأخطاء الخارجة عن ارادته وقدراته.
|
|
|
|
|