أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 5th December,2001 العدد:10660الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,رمضان 1422

رمضانيات

أزاهير رمضانية
د. زيد بن محمد الرماني
كان شهر رمضان المبارك، ولا يزال، مبعثاً لكوامن الشعور النبيل والأفكار النيّرة والأوصاف الحسنة والموعظة الطيبة من قبل العلماء والأدباء والمفكرين والشعراء.
وقد جادت قرائحهم بقطوف دانية من الأقوال والحكم والمواعظ التي تعكس فضل هذا الشهر الفضيل ومنزلته في النفوس والقلوب، نقتطف منها أزاهيرها.
يقول الحسن بن علي رضي اللّه عنهما: إن اللّه جعل رمضان مضماراً لخلقه ليستبقوا فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلّف آخرون فخابوا.
ويقول جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
وورد عن الحسن البصري رحمه اللّه قوله: إن اللّه جعل الصوم مضمارا لعباده ليستبقوا إلى طاعته، فسبق قوم ففازوا ولعمري لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب وترجيل شعر.
أما الشافعي رحمه اللّه فيقول: أحب للصائم الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادة عن مكاسبهم.
وهذا أبو حامد الغزالي يقول: الصيام زكاة للنفس ورياضة للجسم وداع للبر فهو للإنسان وقاية وللجماعة صيانة، في جوع الجسم صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنفاذ البصيرة لأن الشبع يورث البلادة ويعمي القلب ويكثر الشجار في الدماغ فيتبلد الذهن والصبي إذا ما كثر أكله بطل حفظه وفسد ذهنه أحيوا قلوبكم بقلّة الضحك وقلة الشبع وطهّروها بالجوع تصف وترق.
وابن قيم الجوزية يقول: المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات وفطامها عن المألوفات وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وسورتها ويذكرها بحال ا لأكباد الجائعة من المساكين وتضييق مجاري الشياطين من العباد بتضييق مجاري الطعام والشراب وتحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ويسكن كل عضو فيها وكل قوة عن جماحه، وتلجم بلجامه فهو لجام المتقين وجنة المتحابين ورياضة الأبرار المقربين.
ويضيف أبو الفرج ابن رجب الحنبلي مؤكدا تلك الفوائد والأسرار، قائلا: كما كان الصيام في نفسه مضاعفا أجره إلى سائر الأعمال، كان صيام شهر رمضان مضاعفا على سائر الصيام لشرف زمانه وكونه هو الصوم الذي فرضه على عباده وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني الإسلام عليها.
قيل للأحنف بن قيس: إنك شيخ كبير وإن الصوم يضعفك . فقال: إني أعدّه لسفر طويل ، والصبر على طاعة اللّه أهون من الصبر على عذابه.
يقول مصطفى صادق الرافعي: من قواعد النفس أن الرحمة تنشأ عن الألم، وهذا بعض السر الاجتماعي العظيم في الصوم، إذ يبالغ أشد المبالغة ويدقق كل التدقيق في منع الغذاء وشبه الغذاء عن البطن وحواشيه مدة آخرها آخر الطاقة. فهذه طريقة عملية لتربية الرحمة في النفس ولا طريقة غيرها إلا النكبات والكوارث.
أية معجزة إصلاحية أعجب من هذه المعجزة الإسلامية التي تقضي أن يحذف من الإنسانية كلها تاريخ البطن ثلاثين يوماً في كل سنة ليحل في محله تاريخ النفس.
وأنا متيقن والكلام للرافعي أن هناك نسبة رياضية هي الحكمة في جعل هذا الصوم شهراً كاملاً من كل اثني عشر شهراً وأن هذه النسبة متحققة في أعمال النفس للجسم وأعمال الجسم للنفس.
وكأنه الشهر الصحي الذي يفرضه الطب في كل سنة للراحة والاستجمام وتغيير المعيشة لإحداث الترميم العصبي في الجسم.
* عضو هيئة التدريس بجامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved