أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 5th December,2001 العدد:10660الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,رمضان 1422

محليــات

لما هو آت
النَّاموس في المشهد البشري
د، خيرية إبراهيم السقاف
ما يحدث الآن في أنحاء متفرقة من العالم، ، ، في ظاهره يستدعي الدهشة، ، ، ، والذهول، ، ، ، ويحرِّك كافَّة مشاعر البشرية، ، ، ، في أعلاها حدَّةً الغضب الساحق، وفي أعمقها حدَّةً البكاء النَّازف،
غير أنَّ الأمر، بل الأمور الراهنة، تستدعي دراسة متأنية، متأمِّلة، متعمِّقة، محلِّلة، لسيرورة الصغائر، والكبائر، التي ارتُكبت في حق «الإنسان» الذي لا يملك حولاً، ولا قوَّة، الذي غدا هو الذخيرة لهذا الاشتعال اللاَّهب، ولهذا النَّزف القاتل، ولهذا الغضب المدمِّر، ، ، ، وطبيعة سيرورة الحياة يُحدِّث بها القرآن الكريم النَّاطق بسنَّة الله في خلقه فوق أرضه، ، ، فكلُّ طَغْي، وبَغْي، ، ، ، تسحقه الأيام، ، ،
وطبيعة الحياة أن لا دوام فيها، ، ، فللَّه تعالى الدَّوام وحده، ، ،
فلا يبقى البشر بقاءً أبديَّاً، لأنَّ في ذلك فساداً للحياة، ، ، وتناقضاً مع سُنَّتها، ، ،
ولأنَّ هذه قاعدة إلهية في تركيبة الكون، فإنَّ اللَّه يدفع قوماً بقوم، ، ، ، يستبدل الطَّالح والصَّالح، ويأتي بالصَّالح والطَّالح، ، ، ، فلا «صلاح» مطلقاً، ولا «طلاح» مطلقاً!!، ، ،
وبكلِّ ذلك تحيا الحياة، ، ،
تُبنى وتُهدم، ، ،
تحلو وتمرُّ، ، ،
تُشرق وتُظلم، ، ،
تتقلَّب بما فيها من طبائع التغيير، ، ، والنَّاس أمواج، وأفواج، وذكرى، وتأريخ، ووجود، وفناء، ، ،
من هنا كيف تكون هذه الحركة التَّبادلية في أمور البشرية، وفي أمور الحضارات إن لم تقم الحروب؟ تلك المتجانسة مع طبيعة الحكم البشري على الأرض، وسلطة الإنسان على الإنسان، ، ، ؟
وتقوم الحروب، ، ، فتدمِّر معالم أقوامٍ، وتنشأ معالم آخرين، ، ،
ولكلِّ زمانٍ زمان، ولكلِّ زمانٍ أقوام، ولكلِّ أقوامٍ آثار، حتى إذا ما طرأت رياح الاستبدال قامت قائمة الحروب، ، ، فهي «علامات» التغيير فوق الأرض بمثل ما حدَّث القرآن الكريم، ، ،
بمثل هذه النظرة يكون التَّفكر في أمرِ ما يحدث من أمورٍ على وجه الأرض، وفي أنحاء متفرقة من العالم، حيث اختلط مفهوم «الدَّفع»، بمفهوم «السَّبب»، الذي عنه اشتعل هذا الفتيل، بل الفتائل، وكان ثقابها «الضعفاء»، «العزَّل»، الذين لا يملكون «السَّبب»، ولا يعرفون «الدَّليل»، ولا تتَّضح لهم «الحجَّة»، يدفعهم الحماس عندما يستقرُّ لديهم «الفهم» للسبب وإن كان خاطئاً فينهض في عروقهم هذا الحماس، فيكونون الفتيل، والبارود، ، ،
غير أنَّ البشريَّة كلَّها لا يقنعها إلاَّ ما تقنع به كلُّ فئةٍ بما لديها من قضيَّة، بعيداً في كثير عن تلك القضايا التي يقرُّها ناموس الحياة التي وُجدت كي لا تشتعل فيها الأرض إلاَّ من أجل قضايا الحق، والإيمان، والأمن، ، ،
لذلك كان من أهمِّ دعائم ناموس الحياة، العيش في سِلْم، من أجله يتكيَّف الإنسان مع الآخر، والجماعة مع الأخرى، والأمم مع الأخرى، والأقوام يتعارفون، ، ، ، ومن سمات التعارف السلام، دون اعتداء او اجتراء إلاَّ لحقٍّ ليس لمن اجترأ عليه فيه حقٌّ، ، ،
فكم من أسباب تتكون عن هذا تدفع إلى هذا الاشتعال الحِمميِّ الراهن؟
فالحرب إن لم تكن لدرء شرٍّ، باغٍ، فإنَّها كما استقرأها الشاعر العربي «ما علمتم وذقتمُ»،
«متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً
وتضرى إذا ضرَّيْتموها فتضرمِ»
فكيف يستقرئُها من يعيشها الآن، ومن يشاهدها؟، ، ،
إنَّ ميخائيل نعيمة قال عنها: «والحرب لو يعلمون لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع، بل في قلوب الناس وأفكارهم أيضاً»،
فكم من القلوب سوف تفنى وقد استعرت بنيران ما يحدث الآن، ، ،
وما يمنح من مؤشرات ناموس الحياة، ، ، ؟؟،

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved