| الاقتصادية
قابلت احد رجال الأعمال الذي يمتلك سلسلة من المتاجر في مدينة الرياض في واحد من محلاته تلك، وقد تزيا بالزي الرياضي، وأخذ يمارس البيع مباشرة مع موظفيه ويقوم بخدمة زبائنه وتلبية حاجاتهم، كان لحضور الرجل وتفاعله مع موظفيه وتجاوبه مع عملائه انعكاس قوي على نفسية العاملين تمثل في رد احدهم الايجابي حينما اشرت إلى حضور ذلك الرجل ومشاركتهم العمل،
ادرك ان الرجل لم يعمل ذلك شكاً في كفاءة العاملين لديه، او عدم ثقة فيهم، أو نوعا من المركزية والتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العمل، ولكنه عمل ذلك ليوجه رسالة ويمثل رمزا امام كافة العاملين، ليس في متجره ذلك وحده، ولكن في كافة المتاجر التابعة له حيث سيتناقل العاملون الخبر، يريد ان يقول لهم انه يجب ان نعمل سويا لخدمة الزبون وارضائه وبالتالي نتمكن من تحقيق اهدافنا، لم يمنعه موقعه الوظيفي، او ثروته، او حتى اسمه، من النزول وممارسة المهنة بيده، لانه هنا يمارس مبدأ يعتقده والذي اظنه استطاع ايصاله لكافة العاملين معه، والمنتمين الى متاجره بطريقة قد لا تنجح الطرق الاخرى المتمثلة في الكتابة والتوجيه واصدار التعليمات من تحقيقها،
تأملت حال هذا الرجل وبدأت اقارنه بأولئك المديرين الذين ما ان يتسنم احدهم موقعا قياديا في شركة ما، الا ويبدأ في السؤال عن حجم المكتب وموقعه ونوع الأثاث وعدد السكرتارية ومن ثم يغلق مكتبه على نفسه ويضع الحواجز بينه وبين موظفيه وتمضي ايامه ولياليه لم يزر متجرا او يدخل معرضا يفعل ذلك لانه مدير، والادارة لديه تنحصر في مكتب وكرسي واوراق ومعاملات ذاهبة وعائدة، اما الوقوف على العمل الحقيقي والقرب من الموظفين وبالذات العمال منهم الذين يقعون عادة في نهاية الخط فان ذلك قد يقلل من شأنه، وهو امر يمارسه غيره داخل الشركة،
ان افضل انواع الادارة هي «الادارة بالقدوة» والتي حينها يكون المدير قدوة لموظفيه يشاركهم في بعض الاعمال التي تدخل ضمن اختصاصهم، ليس تدخلا وعدم ثقة، ولكن من باب الدعم المعنوي لهم، وكذلك بهدف التعرف على اسرار العمل وخفاياه والتي ستمنحه صورة اكبر وبالتالي ستمكنه من اتخاذ القرار الأنسب والتعامل مع المعاملات التي يمتلىء بها مكتبه وتتراكم فوق طاولته، انها دعوة لكل المديرين للخروج من مكاتبهم والنزول الى ارض الواقع والتي عندها سيكتشفون اشياء لم تكن في حسبانهم وسيحصلون على افكار ويخرجون بقرارات ما كان لها ان تخرج سوى بهذه الطريقة،
|
|
|
|
|