| مقـالات
كان العرب ولا يزالون يستوطنون جزيرتهم العربية منذ الآف السنين، وارتبط اسمهم في مكانهم ومقرهم. وكان للعرب قبل الإسلام أخلاق وعادات حميدة، يقابلها أخلاق وعادات سيئة، فقد كانت لهم ديانات متعددة ما أنزل الله بها من سلطان، ما عدا القليل منها، وكانت لهم أيام حروب مشهورة فيما بينهم، وكان بعض منهم يئد بناته.. ومع هذا فقد كانت لهم مواقع حضارية ودينية ومستوطنات بشرية في جزيرتهم، وممالك معروفة.. مكة المكرمة وفيها كعبتهم، وصنعاء، ومملكة سبأ وحمير في اليمن، ومدائن صالح، وحصن تيماء في الحجاز، ومملكة كندة.. ومواقع ومدن حضارية أخرى في نجد والحجاز.. وغيرها من مناطق الجزيرة العربية المختلفة.. وكان يجاورهم في بعض مناطقهم فئات أخرى وأصحاب عقائد من يهود ونصارى في المدينة المنورة «يثرب» ونجران.. ومن أخلاق العرب الحميدة قبل الإسلام المتفق عليها فيما بينهم حجهم إلى بيت الله العتيق بمكة المكرمة، واتفاقهم على أشهر حرم لا يجوز القتال والصراع فيها، واجتماعهم وتلاقيهم لتجارتهم وآدابهم في أسواق محددة، وفي وقت محدد سوق عكاظ .
وقد اشتهر عرب الجزيرة قبل الإسلام بمئات السنين بهجراتهم المتتالية باتجاه الشمال حيث أقاموا ممالك معروفة في العراق والشام المناذرة والغساسنة وأنشأوا المدن والحصون والقلاع، تشهد على ذلك بقايا بعضها حتى اليوم تدمر ، البتراء.. وغيرها، اضافة لذلك فقد امتدت هجراتهم إلى الشرق أواسط آسيا وإلى الغرب الشمال الأفريقي.
وبعد ما بعث الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخالدة وبالدين الحنيف الإسلام، أسلم وآمن بهذا الدين جميع عرب الجزيرة، وصاروا هم الأداة الناجعة لنشر هذا الدين الحنيف إلى جميع الأمم لأن الإسلام دين لجميع الأمم والأعراق.. وقد أبعد الإسلام عرب الجزيرة عن أخلاقهم وعاداتهم غير المحمودة وأبقى على الحميدة والنافعة منها، وفتح الإسلام للعرب الآفاق والأمجاد العظيمة، وبدأت الفتوحات لنشر الإسلام تتجه إلى جميع أصقاع المعمورة المعروفة في ذلك الزمن، حتى وصلت الفتوحات الإسلامية إلى الصين في الشرق، وأبواب باريس في الغرب وإلى أواسط قارة أفريقية، وصاحب هذا بناء مدن معروفة وقائمة حتى يومنا هذا بغداد، القاهرة، الحمراء، القيروان.. وغيرها من المدن، اضافة إلى لذلك فقد طور العرب والمسلمون العلوم والمعارف والآداب في جميع المواقع التي حلوا بها.ورغم الفتوحات الإسلامية العظيمة فإن العرب المسلمين لم يقتلوا في معاركهم شيخاً مسناً، أو امرأة، أو طفلاً، أو غلاماً ولم يقطعوا شجرة أو يهلكوا حرثاً، أو يرغموا شخصاً على الإسلام، ولم يهدموا معبداً أو كنيسة أو كنيسا «والتاريخ لا يزال يردد العهدة العمرية عند فتح بيت المقدس» ولم يتعرض العرب المسلمون إلى شواهد حضارية موجودة في الأماكن التي فتحوها، ويشهد على ذلك ما نعرفه اليوم من المواقع الحضارية الانسانية لأمم سابقة قبل الإسلام، في العراق والشام ومصر والأندلس جنوب اسبانية والهند والسند.. و...و.. وهذا يدل بصورة لالبس فيها بأن العرب بإسلامهم وغيرهم من المسلمين هم أهل حضارة، وبناة حضارة، وليسوا هداما لحضارات سبقتهم. إن الحملات المغرضة والمسمومة التي تشن على العرب والمسلمين اليوم من الشرق والغرب، والشمال والجنوب بسبب أعمال فردية لأشخاص معينين لا دخل للعرب والمسلمين فيها تدل على الحقد الدفين في قلوب أصحابها.
نحن نعرف ويعرف أصحاب الفكر السليم، ما فعلته الحروب الصيلبية المتلاحقة في التراث العربي الإسلامي في الشام وفلسطين، تعداه حتى إلى التراث المسيحي العربي، وهذا مصحوب بالسلب والنهب والقتل للعرب والمسلمين. ونحن نعرف ويعرف غيرنا من الناس ما فعله المهاجرون الأوروبيون الأوائل إلى الأمريكتين من قتل وتدمير لسكان وحضارة تلك القارتين من الهنود الحمر، حتى أننا نسمع اليوم وفي أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية أن السكان الأصليين من الهنود الحمر، قد حشروا في محمية واحدة مسيجة، وكأنهم.... ونعرف ونعلم ما حل بهنود حوض الأمازون، وهنود المكسيك،ونعرف أيضاً ماحل بسكان استراليا ونيوزلاندا الأصليتين وحضارتهم وثقافتهم على أيدي المهاجرين الأوائل إليها من أوروبا.. ويعرف العرب والمسلمون ما حل بالمساجد في الأندلس بعد خروج العرب منها وتحويلها إلى كنائس. وأكبر دليل على الهمجية في وقتنا الحاضر ما يفعله اليهود في فلسطين من تدنيس للمسجد الأقصى، وهدم للمساجد، ومن قتل للنساء والأطفال ومن سلب ونهب، وما فعله الهندوس من احراق للمساجد في الهند، وما يعانيه المسلمون ومساجدهم في أمريكا...و...و....ومع كل هذا فستظل الحضارة العربية الإسلامية شامخة إلى ما شاء الله.. والله من وراء القصد.
الرياض :ص.ب: 87416 رمز بريدي:11642
|
|
|
|
|