هلالُكَ شدَّ باصرةَ الأنامِ
وضيئاً لاح يا شهر الصيامِ
كأنك إرثُ من غابوا جميعاً
تجود الآن بالنِعَمِ الجِسامِ
فيالك من حبيب صبَّ يسقي
فيوضَ الخير في جامٍ وجامِ
وتحسِدكَ الشهور كأنَّ نقصاً
بها يبدو وتطمع في التَمَامِ
ترفَّق بي ففي شفتيَّ جمرٌ
يُعيق بها اللسان عن الكلامِ
أرى كفيك تُجزل في العطايا
كمثلِ القَطرِ من قلب الغَمامِ
وتمطرُ بالعطاءِ الجزل حتى
على قومٍ بمضجعهم نيامِ
أيا شهرَ الإله وهذا قلبي
طليقٌ يلهو في برِّ الأثامِ
يسافرُ في دروبٍ من خطايا
ويخبط في الحلالِ وفي الحرامِ
فسدِّد نحوه سهماً مصيباً
فقد يُهدى بتصويب السِّهام
أعِنْ نفسي على نفسي فإنِّي
بلا نَسَقٍ أسيرُ ولا نظام
فما أحلى بأن أقضي نهاري
فؤاداً صائماً جوعانَ ظامي
شرابي ما ظمئتُ كؤوسُ وِردٍ
وحين أجوعُ قرآني طعامي
وإن غطَّى الظلامُ على عيوني
أضاء الذكر في شَفَتي ظلامي
وإنْ نفسي تعشقت المعاصي
أخاصمها وأوغلُ في الخصام
وإن زَحَفَتْ جيوش الغيِّ نحوي
فرُمحي الزهد والتقوى حُسامي
ومحرابي الليالي قمت فيها
أُصَلِّي حيث آنسني قيامي
تُسبِّحُ فيكَ أنفاسي وتدعو
مُؤمَّلةَ الإجابةِ في الختامِ