| الثقافية
تجديد الدماء، وتنويع الخبرة، وتوظيف التجارب الناجحة في كل عمل اداري وعلمي أمور مطلوبة، لتجاوز الرتابة التي تغدو مع مرور الزمن صفة لازمة لكل عمل يستنيم إلى طريقة واحدة رتيبة لا تتغير، ولا تستفيد من حركة الزمن وتطور الحياة، وما يتطلب نمط الحضارة المتبدل من مواكبة لمستجدات العصر التي تستلزم مزيداً من اليقظة والوعي والفكر، وتوظيف المزيد من الخبرات والقدرات المتاحة القادرة على تحقيق المزيد من النجاح والتفوق.
ويأتي إنشاء الأندية الأدبية في جميع انحاء المملكة ومدنها الكبيرة تعبيراً عن اهتمام الدولة بالأدب وفنونه، ورعايتها للأدباء، ولوعيها بأثر القول البليغ في التأثير والتوجيه، وادراكاً منها أن الأرض التي شهدت ميلاد الأدب شعراً ونثراً على أديمها، ورعت انتشاره وتطوره قمينة بأن تكون لها الأولوية في احتضانه ورعايته والاهتمام به في حاضره، والبذل في سبيله ما يمكنه من أسباب الرقي والقوة والذيوع. ولست أعرف في حدود علمي دولة توفرت على انشاء اثني عشر نادياً أدبياً رسمياً ترعاها الدولة بالمال والإشراف كما فعلت المملكة، وهو عمل جدير بالاشادة والتنويه، ويذكرنا بأسواق العرب وأنديتهم ومجتمعاتهم التي تطرح فيها فنون الأدب ولا سيما الشعر والخطابة والمجالس العلمية والأدبية التي كان يعقدها الخلفاء والملوك والوزراء، وكبار كتاب الدواوين في عصور سلفت، وتجري فيها المطارحات العلمية واللغوية والأدبية، وتعقد المناقشات بين العلماء والرواة والأدباء، حتى أثر عن بعضها كتب دونت ما كان يطرح فيها من مسائل العلم وقضايا الأدب والنقد واللغة، كمجالس العلماء، لأبي القاسم عبد الرحمن بن اسحاق الزجاجي المتوفى عام 340ه، وما تناثر في تضاعيف كتب التراث الأدبية من أخبار كثيرة تتعلق بما كان يجري في هذه المجالس من مناقشات ومحاورات في شؤون الأدب واللغة، ومهدت السبيل أمام طلاب الدراسات العليا في الأدب والنقد لتوجيه بعض رسائلهم وبحوثهم العلمية لدراسة هذه الجوانب المهمة من تاريخ الأدب العربي بعد أن ران عليها سبات طويل دون أن يلتفت إليها الباحثون في العصر الحديث.
ونادي الرياض الأدبي يمثل السوق الأدبية للعاصمة، ويعد مجلسها الرئيسي في رعاية شؤون الأدب، وما يتصل به من أسباب وقضايا، ولذلك فإن عليه من المسؤوليات والواجبات الأدبية ما ليس على سواه من سائر الأندية المماثلة، وهو النادي المؤهل لأن يكون عكاظ الرياض ومربد العاصمة.
والحق أن النادي قدم خلال مسيرته خدمة للأدب السعودي والعربي لا ينكرها إلا جاحد، تمثلت في النشر والمحاضرات وندوات المناقشات الأدبية والنقدية، ويشكر رؤساؤه الذين تعاقبوا على رئاسته منذ إنشائه على ما بذلوه من جهد، وما قدموه من عمل، ولا سيما الأستاذ عبد الله بن ادريس الذي وظف للنادي من عمره عقدين من الزمان، وتزيد عاماً، وقدم له خلاصة فكره وخبرته، فأثرت الأدب السعودي بقدر لا يستهان به من الإصدارات والمحاضرات والندوات واللقاءات الأدبية.
ويتزامن تعيين الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيع وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسات العليا والبحث العلمي، والأستاذ في قسم الأدب بكلية اللغة العربية في الرياض مع ما تفتقر إليه المرحلة الراهنة في حياة الأدب السعودي من ضرورة فتح قنوات جديدة لنشره، وتأصيله، وتصديره الى جميع الأقطار الناطقة بالعربية، وإثراء الحياة الأدبية بالاصدارات الجيدة ذات المستوي الرفيع لغة وأسلوباً ومضموناً، والمحاضرات الأدبية المنهجية، وعقد المجالس والندوات الأدبية المثمرة التي يشترك في احياء حلقاتها شيوخ الأدب وشبابه، وتكون موضوعاتها ذات رصانة وأصالة في شؤون الأدب وقضايا النقد التي لا تكتفي بالشكليات والخواطر غير المستندة إلى علم، بل تتجاوز ذلك إلى التعمق في العمل الأدبي لغة، وبلاغة وذوقاً.. ونتطلع جميعاً إلى أن يوظف الرئيس الجديد ما يملكه من خبرة ادارية وأدبية وبحثية، للنهوض برسالة النادي، لتتواءم مع ما تتسنمه الرياض العاصمة من تقدم، ورقي، ومكانة، وكثافة في السكان، وبوصفها مدينة كبيرة تضم بين جناحيها جامعتين عملاقتين، وعدداً من الكليات والمراكز الثقافية، وشريحة كبيرة من أدباء المملكة ومثقفيها.
ولدي عدد من المقترحات أطرحها على النادي في عهده الجديد، ليستوعب في مسيرته ما تحفل به الرياض من قدرات أدبية متعددة، أخذت في التعبير عن نفسها ونشاطها عبر قنوات عدة، بعضها خارج الحدود، ومسؤولية النادي أن يستوعب هذه القدرات، ويضيفها إلى نشاطه وبرامجه، ويفسح لها من خلال قناته مجال العطاء والانتاج والمشاركة والتميز، بدلاً من تفرقها وتشتتها، والبحث لها عن منافذ أخرى، في طليعتها الندوات الأدبية الخاصة التي تعقد في منازل بعض من لديهم اهتمام بالأدب ورعايته، أو تخصص فيه، والأندية الأدبية الأخرى في المملكة التي أمدها أدباء الرياض ومثقفوها بكثير من نشاطهم الأدبي ومحاضراتهم وندواتهم.
1 فتح نوافذ الاتصال المباشر بين النادي والأدباء شيوخهم وشبابهم، للمشاركة الفعالة في نشاطه الأدبي، ومواسمه الثقافية، وعدم الاقتصار في ذلك على فئة معينة.
2 إيجاد الحوافز والمغريات المعنوية للأدباء التي ترغبهم في الحضور إلى النادي، وتدفعهم على الإسهام في برامجه وندواته ومحاضراته، وحلقات مناقشاته في مسائل الأدب وقضايا النقد، اذ من الملحوظ غياب كثيرمن الأسماء الأدبية المعروفة عن فعاليات النادي ونشاطه، وعوضوا عن ذلك مواصلة الحضور إلى الندوات الأدبية الخاصة التي يقيمها بعض الأدباء في منازلهم، والمشاركة في نشاطها وما يطرح فيها ولدينا في الرياض بضع ندوات أدبية خاصة وجدت مجالاً لها حين عجز النادي عن استيعاب مشاركاتها.
3 مراجعة خطة اصدارات النادي ومنشوراته ووضع خطة جديدة تستهدف نشر الكتب والمؤلفات والإبداعات الأدبية المتميزة شكلاً ومضموناً التي تضيف جديداً مفيداً إلى أدبنا ولغتنا نستطيع دون مواربة تقديمه إلى الآخرين وتصديره إليهم، فمن المشاهد أن النادي يميل إلى إصدار الكتب الصغيرة، كثير منها لناشئة الأدب، وبعضها لا يصل في مستواه الأدبي إلى أن يتبنى النادي نشره واذاعته.
4 تدعيم النادي بالقدرات الأدبية الواعية التي تدرك رسالة الأدب، وخطره في حياة الفرد والمجتمع، لرعاية نشاطه، والتخطيط لمشروعاته الأدبية الحالية والمستقبلة.
5 تطوير ما يسميه النادي ورشة النادي، إلى عقد لقاءات أدبية موسعة، يدعى للمشاركة فيها كبار الأدباء والمبدعون والنقاد، وتطرح فيها قضايا الأدب المختلفة، وإلغاء كلمة «ورشة» من قاموس النادي التي تشعر بأن اللغة العربية لغة عقيمة حين عجزت عن ايجاد المصطلح البديل، فالكلمة توحي إلينا بأننا في ورشة حدادة أو نجارة تسمع فيها وقع المطرقة، وصوت المخرطة والمنشار ودق المسمار، وليس في ملتقى أدبي ممتع يشرق بل ويغرب في أفانين الأدب وروائعه.
6 دعوة الأدباء وأساتذة الجامعات المتخصصين في الأدب إلى إحياء مواسمه الأدبية والثقافية بالمحاضرات العلمية المتميزة في أسلوبها ومضمونها.
7 دعم مجلس ادارة النادي بالكفاءات الأدبية العالية القادرة على مواكبة ما نتطلع إليه من مجد أدبي وانجاز ثقافي، ولديها من البصيرة والوعي الأدبي والاخلاص والرغبة في العمل الجاد المثمر ما يمكنها من التخطيط السليم لأعمال النادي وبرامجه.
8 تزويد النادي بما يحتاج إليه من قدرات ادارية تواكب نشاطه الأدبي المرتقب، فالادارة المتعثرة، لا يمكن لها أن تسير عملاً ينتظر منه تحقيق نتائج باهرة.
9 فتح عضوية النادي والانتساب إليه أمام الأدباء، بل ينبغي حثهم على الانضمام الى العضوية، وتذليل السبل لهم، واشعارهم بأن النادي للأدب والأدباء، وليس لشخص أو فئة، وأن المسؤولية للنهوض برسالته وواجبه تقع على عاتق كل أديب، ولا يغني في ذلك فرض الكفاية، اذا قامت به فئة أو جماعة سقط الواجب عن الفئة والجماعة الأخرى.
10 تصميم استمارة تبعث الى الأدباء، يطلب منهم فيها تقديم آرائهم ومقترحاتهم حول عمل النادي وخططه ومشروعاته.
11 إنشاء حلقة دائمة أو ملتقى يعنى برعاية شداة الأدب، ويطلع على انتاجهم في الابداع والنقد والدراسة الأدبية، توجيهاً أدبياً سديداً شكلاً ومضموناً.
12 السمو بمستوى الأماسي الشعرية الى آفاق عليا من العطاء الشعري المتميز، يشترك فيها كبار الشعراء، والابتعاد عن الاسهام بقصائد شعرية تقرأ من الدواوين المنشورة أو سبق طرحها في أمسيات شعرية سابقة، فملت الأذن سماعها، ومجتها الأذواق.
13 ايجاد صوت اعلامي قوي يعبر عن نشاط النادي وفعالياته وبرامجه في وسائل الاعلام المختلفة، فمن الملحوظ ان صوت النادي لا يصل إلا إلى القليل، مما ترتب عليه غياب كثير من المهتمين بالأدب عن حضور ندواته ومحاضراته، فالمحاضرة تقام فلا يحضرها سوى القلة، على الرغم من أن النادي وضع بعض المرغبات لحضور المحاضرات خاصة، مثل توزيع بعض إصداراته على الحضور توزيعاً مجانياً ووجبة العشاء الدسمة التي تعقب كل محاضرة.
14 وضع خطة للاسهام في نشر الرسائل العلمية (الماجستير والدكتوراه) في الأدب والنقد، بما يناسب وظيفة النادي ورسالته، نظراً لكثرة الرسائل التي لم تأخذ طريقها الى النشر، على الرغم من كونها بحوثاً منهجية موثقة، تعمق من اهتمام المملكة باللغة والأدب.
|
|
|
|
|