| مقـالات
كان شعارنا السابق هو أن المواطن السعودي لا يعلى عليه، وهو شعار تقوله كل بلد عن مواطنيها وكل شعب عن نفسه، ولكن هذا لا يعني ان هذا الشعب، بقضه وقضيضه من جنس الملائكة، فمثلما هناك آلاف الخيرين والناجحين، هنا واحد كالبذرة المسوسة لا بد من البحث عنه ودراسة حالته وتقويمه، وإلا فإنه سيعدي كل من يقترب منه، لكننا ولسنوات نسينا ذلك، وأصبح همنا شحن هذا المواطن، في العمل والمنزل والمدرسة وفي دائرة الأصدقاء على طريقة كله يدلع نفسه، حتى اصبح بعضنا طاووسا متحركا لا يعجبه العجب، حتى بدأنا نسمع عن المواطن السعودي الذي يقف عند محطة البنزين فيعبىء التانكي ثم يدوس بقوة الصاروخ تاركا الدهشة والحسرة لعامل المحطة الغلبان، الذي سيدفع لصاحب المحطة، نيابة عن مواطنه السعودي قيمة البنزين الذي عبأ به سيارته ولم يدفعها؟ اما اذا خرجت من المقهى فإنك سوف تجد عند مواقف السيارات، مواطنا في غاية الأناقة، جاهزا ليعرض عليك حاجته لعلاج والدته او السفر او تسديد بعض الديون، وربما قال لك إن سيارته فارغة ويريد مبلغا لتعبئتها، مع انه من الممكن، طالما هناك عزة وكرامة بيع السيارة، والاستفادة من قيمتها في تدبير شؤونه.. ولو فتشت عن هذا الشاب الأنيق واللامع، لوجدته للأسف عاطلا بالوراثة، وربما متورطاً في مخدرات.. اما لو ذهبت الى دائرة الحقوق المدنية والمحاكم، فسوف تجد كمّاً من القضايا الاجتماعية السوداء، حول الطلاق والقتل والنصب واكل اموال اليتامى.. قضايا بالمئات وربما بالآلاف، كلها تمر ببطء بعضها ينتهي نهاية جيدة وبعضها يحكم فيها، كل هذه الامور للاسف تجري في الظل، لا يدري عنها سوى اصحابها والمحيطين بهم من الاهل والمعارف، أين الصحافة والاذاعة والتلفزة عن هذه الأمور؟ مجرد سؤال.
إننا مقصرون إعلاميا بحق المواطن السعودي، فمن حقه علينا ان نكتب عن معاناته وآلامه، من حقه علينا ان ندرس مشاكله، نسلط الضوء عليها، ونستضيف المسؤولين واهل الاختصاص للرد على مشاكله، وهي كثيرة، بعضها في داخل الحدود وبعضها في الخارج، أما السكوت على مشاكله فسوف يجعل هذه المشاكل تتراكم، وتتوالد، حينذاك لن يجدي العلاج ولن تجدي أضواء الصحافة.. إن الجروح والآلام والخطايا والعقد يجب ان تخضع لمبضع الجراح، وهو هنا الطبيب والعالم والمدرس وعالم الدين، كل هؤلاء عليهم واجب تجاه شبابنا بالذات، فالأمل بعد الله فيهم، وبدونهم سوف يكون المستقبل قاتما وكئيبا، يجب ان نفرح للشباب السعودي المتفوق والناجح مثلما يجب ان تذهب للشاب الذي خذلته ظروفه في ان يكون بجانب شقيقه المتفوق والناجح، المديح وحده لا يكفي والسكوت عن الآلام والجراح ليس دائما من ذهب!!
|
|
|
|
|