| مقـالات
سبب وجود اللؤلو في بعض المحار، هو كون الطفيليات الموجودة في البحر أو بعض الأجسام الغريبة تتسلل إلى داخل المحارة وتؤلمها... عندها تدافع المحارة عن نفسها بأن تعزل هذا الجسم الغريب المتطفل بإفرازها مادة حيوية شفافة (هذه المادة الجيرية الفسفورية) هي اللؤلؤة التي يتم تكوينها في عدة سنوات.
ما أبهى هذا النضال اللؤلؤي الذي يحول الألم والمرض والفيروس الغريب الطارئ إلى حجر كريم يضيء أعناق النساء، هذا الصبر الدؤوب الذي يمتد لسنين طوال ينسج فوق المرض ماء اللؤلؤ، ويدثره في صراع نبيل مع الشر، احتواءه وأخذه إلى القطب المضاد حيث ذلك البياض الناصع النبيل الذي يكون للؤلؤ، إنه التسلل إلى التركيبة الجينية للمرض وفك شفرتها، واستبدالها... بلؤلؤة.
هذه الرسالة الكونية الخاطفة التي ترسلها لنا دوما المحارة، لتخبرنا بزهو وثقة عن نتائج صراعها مع الشر وكيف صرعته من خلال مصير لؤلؤي، كيف هي قوانين النزال النبيلة التي استبدلت الناب والخنجر بماء اللؤلؤ، وفضلت أن تحول طاقة الألم إلى لؤلؤة خالدة.. على حين ان الألم سيفنى.
ولعل مكتشف (اللؤلؤ الصناعي) الياباني (ميكوموتو) قد استعار هذه الرسالة الخفية الثمينة التي يبثها اللؤلؤ لنا، في تجاربه الطويلة التي اكتشف في نهايتها اللؤلؤ الصناعي.
فبعد تجارب طويلة استغرقت خمسة عشراً عاماً لم ييأس خلالها او يكل أو يمل، تعلم ان انخفاض درجة الحرارة عن سبع درجات مئوية تقتل المحار وإن وضع عدد كبير من المحار في قفص واحد ومن ثم تعليقه يقتل المحار، وان الطفيليات قد تخنق المحار، وحاول أن يتلافى جميع هذه الأخطاء، ومع هذا كان المحار يموت.
وتبين له لاحقا بأنه كان يضع الجسم الغريب في غير مكانه المألوف، فالجسم الغريب يجب أن يؤلم المحارة ويثير التهابا هذا الالتهاب هو الذي يجعل هذا الحيوان يفرز هذا السائل الذي يسمى لؤلؤاً.
وزرعه في خمسة آلاف محارة، ثم انتظر بين الأمل واليأس، بتشجيع من زوجته التي كانت تؤمن به وتشجعه على مواصلة تجاربه، وانتظر عامين آخرين قبل ان تذهب زوجته سراً إلى أقفاص المحار ومدت يد مرتجفة،
وأمسكت قوقعة وفتحتها وكانت المفاجأة التي عقدت لسانها، ثم اندفعت نحو زوجها صارخة لقد وجدتها لقد وجدت أولى اللالئ المزروعة في التاريخ، ويكتشف أول لؤلؤ طبيعي زرع بمساعدة الإنسان في سبتمبر عام 1859.
وعندما ذهب (ميكو مويتو) إلى أمريكا للدعاية لهذا المنتج قابل مخترع الكهرباء (أديسون)، الذي قال للمكتشف الياباني: لقد حققت معجزة علمية.
فأجابه الياباني (ميكومويتو): أنت أضأت العالم وأنا أضأت أعناق النساء.
إنها ببساطة الرسالة السرية الثابتة في اللؤلؤة التي تحول الألم والمرض إلى حجر كريم.
omaimakhamis@yahoo.com
|
|
|
|
|