| مقـالات
ما أسرع مرور الأيام التي يتسابق فيها الناس في دروب الخير وكأنها أيضاً تسابقهم وتحثهم على الاسراع في التسابق.. وهكذا تمضي أيام رمضان ذلك الشهر الفضيل بكل ما فيها من خير ودروب عطاء..تمضي وبعضنا مستغرق في هذه الدروب وآخرون لا يكفيهم من هذا الشهر سوى الجوع والعطش وان كنا لا نشعر به في هذه الأيام التي تكرم الله بها علينا بمناخ وزمن يسير من الصوم.
لقد أردت أن استكمل هنا الحديث عن أمانة الكلمة ونعمة الكلمة وجوهر الكلمة غير أن الواجب اقتضى ونحن بصدد تلك الأمانة العظيمة «الكلمة» التي قد ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات كما قد تهوي به في سحيق الظلمات اقتضى الواجب أن اطرح أمام القراء الكرام ما اعتبره أمانة على نحو ما شاهدته وربما يشاهده غيري في هذا الشهر الكريم من مناظر تقشعر لها القلوب قبل الأبدان وبخاصة أنها تتعلق بفلذات الأكباد الذين هم أمانة كبرى في تربيتهم وتنشئتهم وتوجيههم.
لقد شاهدت في فترة الظهيرة احدى السيارات التي تسير فلا تكاد ترى فيها سائقاً واذا بك تفاجأ عندما تقترب منك بسرعتها العالية المعهودة بطفل صغير بريء هو الذي يقودها ولا يكاد يظهر منها من صغر سنه وحجمه فلا يزال في مرحلة الطفولة.
ان هذا المنظر الذي يكثر في أيام رمضان وفي أوقات محددة منه يثير العديد من التساؤلات المشحونة بالكثير من المشاعر لهذه المناظر التي تعد تخلفاً عن أداء الأمانة بحثها في هذا الشهر الكريم.
وأول هذه التساؤلات يدور حول والد الطفل أو أسرته أين هم؟ وكيف يتركون أبناءهم يعبثون بالسيارات ليجعلوها أداة قتل لا وسيلة نقل؟.
لقد كثرت حملات التوعية بمخاطر قيادة الأبناء الصغار للسيارات وتعددت حوادث السيارات من هذه التصرفات الخاطئة، فأين هم أولياء أمور هؤلاء الأبناء الذين هم في أشد الحاجة لمن يوجههم ويأخذ بأيديهم نحو السلوك الصحيح في هذه الحياة، وهم في أمس الحاجة إلى من يحافظ على سلامتهم وصحة أجسامهم واستقامة تصرفاتهم؟.
نقول ربما أن أسرهم نيام كأصحاب كهف في عميق سبات، ولكن كيف لا يرعوي الأبناء وكيف لا يتمسكون بالتصرفات السليمة طوال الوقت رغم غياب الرقيب المتمثل في الأسرة؟
هل هم في حاجة لمن يظل يقظاً لهم رقيباً على تصرفاتهم لا يغيب عنهم ولو طرفة عين؟
ما هكذا تكون التربية، ولا كذلك يكون التوجيه السليم، فالتربية أسس ومبادئ وسلوك يتم غرسه وتنميته لدى الأبناء ليصبح لديهم رقيب داخلي يوجههم نحو الصواب ويبتعد بهم عن الأخطاء وليست التربية رقيباً مستمراً خارجاً عن ذات الأبناء طالما أحسنّا البناء وأحسنّا وضع الأسس له.
وهنا نقول فلينعم الآباء بالراحة ولتهنأ الأسرة بالسعادة طالما أدت واجبها وعرف الأبناء ما ينفعهم وما يضرهم.
ولعل ذلك يقودنا الى سؤال آخر حول كيفية حصول أولئك الأطفال أو صغار السن جداً على مفاتيح السيارات، فإذا كانوا قد حصلوا عليها بمعرفة آبائهم فتلك طامة ومصيبة، واذا كانوا قد «سرقوها» ونأسف لهذا التعبير من خلف ظهورهم فإن المصيبة أكبر والطامة أعظم، لأنهم بذلك قد بلغوا إلى درجة كبيرة وخطيرة من سوء السلوك الذي سيعودهم على أمور متتالية وسلسلة من التصرفات الطائشة التي ربما تستشري في دمائهم وتسري في تصرفاتهم، فيبتعدون عن جادة الطريق منذ وقت مبكر في حياتهم التي يتمنى الجميع لهم فيها كل سعادة وسرور.ولكن أين أدوات التربية في الأسرة؟ وأين أدوات الضبط في المجتمع؟ ذلك المجتمع الحريص على أبنائه والذي لم تدخر الدولة وسعاً من أجل تربيتهم وتعليمهم ومن أجل صحتهم وسلامتهم وتوعيتهم.
ان الأمر يحتاج إلى مراجعة وتنسيق بين كافة الأجهزة المسؤولة عن أولئك الأبناء تربية وتنشئة وتوعية وتوجيهاً وضبطاً للسلوك حتى لا نتركهم رهناً بنتائج الحوادث المدمرة. وعلينا قبل أن نفكر في توقيع عقوبة عليهم أن نوجه أصابع الاتهام المباشر إلى الذي مكنهم من هذه السيارات التي تعرضهم وتعرض غيرهم للخطر وللحوادث التي يروح ضحيتها أرواح برئية غالية تمثل رصيداً كبيراً يمكن ان يسهم في تنمية هذا الوطن.
وبعد: ألا تعتقدون معي أن هذه أمانة ومسؤولية علينا أن نقدرها حق قدرها في هذه الأيام المباركة التي نعيشها في هذا الشهر الكريم؟.
وإننا مطالبون نحن الآباء بأن نتقي الله في أبنائنا فلا ندعهم يقتلون أنفسهم ثم نتحسر عليهم بعد ذلك.
ونحن في حاجة أن نجعل من شهر رمضان منطلقاً لكل عام نجدد فيه العزم على أداءالأمانة، وهل هناك أمانة أسمى من أولئك الأبناء، وعلينا أن ندرك بالفعل لا بالقول ذلك التوجيه النبوي الكريم: «والرجل في بيته راع ومسؤول عن رعيته».
وحينها سوف نوفر لابنائنا وأسرنا كافة وسائل السعادة في ظل تربية صحيحة يكون نبعها ديننا الإسلامي الحنيف الذي حثنا على حسن تربية الأبناء ورعايتهم.
وبالله التوفيق،،،.
|
|
|
|
|