|
| مقـالات
.. تساقطت عناصر؛ الإمارة «الظلامية» في أفغانستان؛ مثل تساقط شجرة هرمة في شتاء القوقاز، وتساقطت مع سقوطها الكبير؛ أحلام الهيمنة والسيطرة في صفوف منظمة «حالمان» القاعدية الإرهابية. ومع هذا السقوط الكبير؛ وذلك السقوط السريع؛ أصيبت وكالة الأخبار «الغبارية»؛ بالسكتة القلبية؛ وهي التي كانت تطبل لظلم «حالمان»؛ وتروج لظلام «طالبان».. فماذا بقي لأرباب الظلم؛ وزمر الظلام؛ غير حرقة البكاء؛ ولجلجة المكاء..؟!
.. لكن من قال؛ بأن كل شيء انتهى في أرض الأفغان..؟!
..صحيح.. انتهت «إمارة المؤمنين وقاعدة الحالمين»؛ وسكتت الوكالة الموكلة؛ بالتبجيل لهما طيلة خمس سنين؛ لكن.. بعدها؛ قامت وكالة «بشايران» العربية الإخبارية الهوائية؛ تلك التي تستخدم الهواتف الجوالة؛ والروايات القوالة؛ فتدخل بيوت «الأحبة»؛ المتعطشين لبشايرها؛ فتنقل لهم وصفا حياً؛ لآخر بطولات صفوف القاعدة؛ وهم يقاتلون تحت الأرض..! ووصفا آخر بالألوان «الصوتية»..! لانتصارات عناصر طالبان؛ وهم يقتلون رفاقهم؛ ويبدلون مع تبديل أحذيتهم؛ ولاءاتهم القتالية؛ من صف المنهزمين، إلى صف المنتصرين..!
.. ها هي وكالة «بشايران» العربية؛ تمرغ وجهها في تراب الأرض الأفغانية بين الإخوة المتقاتلين، والرفقة المتحاربين؛ فهي تقوم وتقعد؛ وتسير وتسقط؛ تحت المجنزرات والعربات، لتزودكم بالأخبار الصادقة الأمينة، والتفاصيل الصحيحة الدقيقة؛ التي تطمئنكم بداية؛ يا أيها المحبون لطالبان؛ والموقرون لضيوفهم المعززين المكرمين، أن ما يقال أو يشاع عن سقوط مزار الشريف، أو كابول وهيرات وقندز وغيرها؛ إنما هي شائعات مغرضة؛ وأخبار ملفقة غير صحيحة، تقف وراءها الصهيونية العالمية، وأمريكا الإمبريالية، وروسيا الاتحادية؛ وكافة القوى العميلة والرجعية، والتحالف الشمالي الأفغاني..! لأن كافة؛ «المجاهدين» ضد أفغان الشمال «الكفرة»، من إخوانكم أفغان الجنوب غير الكفرة؛ ومن إخوانهم المجاهدين العرب وغيرهم؛ ما زالوا يسيطرون على كل أفغانستان،ويمسكون بزمام الأمور، فلم يهربوا من مزار الشريف وهيرات في وضح النهار؛ ولم يتسللوا فارين من كابول تحت جنح الظلام بعد أن سرقوها..!!
.. أبشروا يا «عربان» ..! هللوا وكبروا وافرحوا وامرحوا؛ ف«قاعدة» الحلم الكبير في قندهار؛ تقتل.. وتقتل.. ولم تستسلم، ولم ترضخ، ولن تتكهف أو تتجحر أبداً..! ثم.. لن يبيع بعضها بعضا بعد الانعطاف؛ أو يقتل بعضها بعضاً في آخر المطاف..!
.. اسمعوا هذه الأخبار «الفوحية» من وكالة «بشايران» العربية:
.. المجاهدون «الأبرار» من العرب والأفغان؛ قتلوا البارحة من صفوف «غير المجاهدين» من الأفغان؛ عشرات الآلاف، وأسروا عشرات الآلاف أيضاً، وسبوا من «النساء والعربات المدرعة والمدافع والأبقار»؛ آلافا مؤلفة..!
.. إخوانكم من المجاهدين «العرب» في أفغانستان؛ يتلقون القنابل الأمريكية؛ والقذائف الأفغانية؛ بصدورهم؛ فيصدونها عائدة إلى أعدائهم الكفرة؛ فهي لا تخيفهم؛ ولا تنقص من عزمهم على القتل؛ حتى يسلم آخر «نفر في أفغانستان»..!
.. إليكم آخر خبر سار مفرح من قلب كابول؛ هكذا يقول مخبر الوكالة: فقد جاءنا اتصال من قلب كابول؛ الذي قيل أنها بيد قيادة التحالف؛ ومفاده؛ أن المجاهدين الأبرار؛ يعملون سكاكينهم وفؤوسهم نحرا وقتلاً في جنود التحالف؛ وفي عدد كبير من الأمريكان، وقد راح «المجاهدون» البررة؛ يذبحون أعداءهم على الطريقة الإسلامية..! وقد أسمعني هذا المصدر في هذه اللحظة؛ صوت «شخب» ثم جندي أمريكي وهو يقتل بسكين حادة؛ ويتوسل لقاتله باكيا..! ثم يضيف الخبر «البشائري» نصا والله على لسان المخبر العربي المسلم في هذه الوكالة : «ما أجمل الذبح على الطريقة الإسلامية..! لكن.. لا يحد الشفرة؛ ولا يرح الذبيحة؛ بل.. لينكل بالذبيحة؛ وليشرد بها من خلفها؛ وهذه فتوى من أخيكم»..!
.. مخبر وكالة يفتي.. وفي القتل..!!
.. بشاير جديدة تنقلها إليكم وكالة بشايران من مزار الشريف وقندز، إن إخوانكم المجاهدين؛ خطفوا «أوتوبيسا» به مئة من الأمريكان في قندز؛ فقتلوهم جميعا وحرقوا «أوتوبيسهم»..!!
.. لا بد أنه «أوتوبيس» هوائي..!!
.. وهذا خبر آخر «طازه»؛ وصلنا للتو عبر وكالة «بشايران» الهوائية من أرض الجهاد والفداء والتضحية: قام إخوانكم من المجاهدين المقاتلين هناك؛ بمحاصرة آلاف من جنود الأمريكان؛ وتم قتل «ألفين» منهم عن بكرة أبيهم؛ وأسر الباقون؛ ولم يفقد المجاهدون أي واحد منهم..؟!
.. قام فلان «الفلاني» أمس؛ بتفسير حلم رآه مقاتل في أفغانستان وقال: بأن تفسيره؛ أن زعيم القاعدة «الشيخ المجاهد أسامة بن لادن» ..! سوف يطير بجناحين كبيرين؛ ثم يحط في الكويت فيطهرها، ويطير بعدها إلى القدس؛ فيطرد منها اليهود الملعونين، ويطير بعد ذلك إلى نيويورك؛ ليسحق أمريكا؛ ثم يتربع على عرش العالم..!!
.. وخبر آخر من وكالة «بشايران» يقول: فسر بعض «العقلاء»؛ الحلم الذي رآه «أمير المؤمنين» الملا محمد عمر؛ ورأى فيه؛ بأنه يبقى في الحكم مدى الحياة؛ ثم تهديده لأمريكا بتدميرها وسحقها؛ ومن ثم اختفاءه بعد ذلك في مكان جهول؛ بأنه مختف؛ ليضع خطة «جهنمية» تهزم أمريكا؛ وتنهيها؛ ويصبح هو الحاكم الأوحد لهذا العالم..!
.. وتبشير «طازة» من وكالة «بشايران» يقول: نام أحدهم بعد أن تسحر أمس؛ فرأى في منامه رؤيا لم يجد تفسيرا لها؛ وفسرها له فلان بن فلان «الفلاني»؛ فبشره وبشرنا؛ بأن حادثا عظيما سوف يقع عند الساعة الرابعة من عصر يوم الجمعة القادم؛ هذا الحادث الجلل؛ يهز العالم؛ ويغير الخارطة لصالح الإمارة الإسلامية ومنظمة القاعدة.. انتظروا هذه الساعة؛ وأبشروا..!
.. طبعاً.. لم تذكر هذه الوكالة «الهوائية»؛ ماذا كان سحور هذا الحالم العظيم..؟ هل أكل كبسة مثلاً..؟ وهل شخر في منامه بعد أن تسحر..؟! ثم لم تعقب بخبر آخر؛ يفسر لجمهورها «الحالم»؛ سبب عدم حدوث الحادث العظيم الجلل؛ بعد أن مرت الساعة الرابعة عصرا؛ من الجمعة إياها..!
.. هل تريدون مزيدا مما تبثه وكالة «بشايران»العربية؛ من أخبار عن وقائع «العرب»؛ وحوادث الحرب في أفغانستان..؟ ومن بشاير كثيرة؛ مصدرها أحلام في المنام؛ وتفسيرات ترد لها من بعض الأنام..؟ أو ما يمارسه «أقطاب» هذه الشبكة؛ من جهاد؛ قوامه التكفير؛ والقذف من وراء الهاتف والفاكس..؟! إذن.. عودوا الى عشرات المواقع العربية على الشبكة العنكبوتية من أجل أن تضحكوا كثيرا؛ أو تبكوا كثيرا، لا فرق لا فرق.. بعد أن تساوى في حياتنا؛ ضحكنا وبكاؤنا..!
.. المهم في هذا كله وبعد هذا كله؛ ماذا ينتظر هذا الشعب المسلم في مستقبله القادم؛ بعد انحسار الطغمة، وزوال الغمة، لكي لا يعود «الكثان حيث كان»، وترتفع البنادق من جديد؛ ويعود الاحتراب بين أبناء الشعب الواحد.
.. إن السقوط السريع لطالبان،لم يكن مدهشا، ولن يكون مدهشاً كذلك؛ سقوط منظمة القاعدة غدا، لأن ظلام الأولى حرك شعبا بأكمله من أجل النور الذي فقده؛ وظلم الثانية حرك العالم بأسره؛ من أجل الحق الضائع؛ والعدالة المنتهكة.
.. الأمر الوحيد الذي يمكن أن يكون مدهشاً في هذه الأزمة؛ هو أن تظل عناصر من هؤلاء الطلبة، تحكم طيلة خمس سنين، فتحبس الحريات في قمقم جهلها؛ وتسجن شعبا بأكمله باسم الأمن السلبي؛ الأمن الذي لا تفخر به؛ إلا أعتى السجون في العالم.
.. حسنا.. إن الشعب الأفغاني اليوم؛ يستعيد حرياته على أرضه؛ ولكن الأهم من ذلك؛ أن يستعيد هذا الشعب؛ وعيه الذي فقده منذ عشرين عاماً، وأن يصر على أخذ حقوقه المستباحة كاملة؛ ومن أولى هذه الحقوق؛ الاقتصاص من كل الذين حشروا أنوفهم في شؤونه العامة والخاصة، منذ أيام المدعو «عبدالله عزام»؛ الذي أسس بذور الفتنة في الجنوب الأفغاني؛ إلى الأيام الذي جاء فيها؛ المدعو «ابن لادن»، فغيب الرفيق المؤسس؛ وتولى المهمة غير «النظيفة» حتى اليوم. هؤلاء.. هم الذين اعتبروا أنفسهم جزءاً من مصير الشعب الأفغاني، ونسيجا في كيانه. ثم بلغ بهم الأمر آخر الأمر، أن نصبوا من ذواتهم؛ أوصياء على هذا الشعب، وأمناء على دينه ودنياه؛ وخفراء على حياته ومماته. ثم أدخلوا هذا الشعب المغلوب على أمره؛ إلى دوامات الأوهام؛ ودوائر الأحلام، حتى ظهرت طالبان؛ النموذج الذي خاطوه على مقاسهم هم؛ وصاغوه على مزاجهم هم، غير عابئين بمصير الأفغان؛ ولا مقدرين لعواقب الأمور في كثير من الأوطان..!
.. هؤلاء الذين هم رؤوس الفتنة في صفوف القاعدة؛ سواء كانوا من العرب أو من غير العرب؛ هم غرماء الشعب الأفغاني قبل غيره من الشعوب؛ تلك التي لحقها الضرر بسببهم؛ وفي مقدمتها الشعوب العربية والإسلامية، يليهم أولئك الذين يقال بأنهم قد غرر بهم، من عناصر ومقاتلين ومناصرين، فهم بدون أدنى شك ما لحقوا بهذا التنظيم الإرهابي التخريبي؛ إلا مؤمنين بنهجه، ومعتنقين لفكره، ومنفذين لخططه؛ ومحققين لأهدافه، التي منها؛ القتل والتدمير والتخريب. أما الإدعاء بالغفل في مسألة فيها سفك دماء؛ وإضرار بمصائر الأمة؛ فلا أظن أن أحدا يقر بنظام يحمي المغفلين، أو يغطي على جرائمهم، أو يعفو عن أخطائهم ضد الأبرياء..!
.. إن مستقبل الشعب الأفغاني بعد انقشاع السواد عن سمائه؛ مرهون بثلاث مسائل. الأولى: تطهير الأرض الأفغانية من كافة العناصر القتالية الدموية؛ سواء عناصر طالبان من الأفغان أنفسهم؛ أو عناصر «حالمان» ممن ينضوي تحت جناح زعيم القاعدة؛ وخاصة العرب. الثانية: تشكيل الحكومة الأفغانية؛ التي تمثل كافة الطوائف والعرقيات والتوجهات المختلفة؛ ونبذ العنف والتناحر والاختلاف إلى الأبد. الثالثة: إشراك الدول الكبرى المانحة؛ وهيئة الأمم المتحدة؛ والمنظمات الإسلامية والدولية؛ في حل المعضل الاقتصادي؛ الذي هو أساس كل المحن في هذا البلد، والانفتاح على العالم من جديد، بروح المودة والحب والسلام، من أجل بناء ما دمرته الحروب الأهلية، وخربته النزعات القومية؛ وعبثت به الأيدي الظلامية.
.. قال «فريدريك شيلر» 1799م: «تترك الحرب البلاد؛ وفيها ثلاثة جيوش: جيوش العاجزين وذوي العاهات؛ وجيش الباكيات؛ وجيش اللصوص». وفي حالة مثل الحالة الأفغانية اليوم؛ فإن أمام الساسة الجدد القادمين إلى كابول؛ مواجهة هذه الجيوش الثلاثة بجيش واحد لا غير؛ هو «جيش العقل والحكمة». الجيش الوحيد القادر على قيادة هذا الشعب بدون نزاعات، وأن يستبدل العلم والعمل؛ بالجهل والدروشة؛ من أجل التطوير والبناء؛ وليس الارتزاق بالاقتتال والحروب العدمية.
.. إن الأزمة التي عاشها الشعب الأفغاني؛ وعايشناها معه بكل ما فيها من مرارة؛ هي من أعظم الدروس في التاريخ الحديث، ومن الواجب أن لا تمر بدون أخذ العبرة والاستفادة منها؛ سواء من قبل الأفغان أنفسهم؛ أو من قبل غيرهم في المنطقة.
.. إن الفرقة الضالة؛ التي استباحت أراضي الأفغان؛ وقامت بأفعال وأعمال شاذة؛ باسم الإسلام والمسلمين؛ هي وحدها التي أعادت بهذا النهج التطرفي التشددي إلى الأذهان؛ سيرة الخوارج؛ وما كانوا يحملونه من فكر؛ وما كان لهم من نهجهم خطير في التاريخ الإسلامي. وليس من الحق والعدل؛ أن يفلت واحد من هؤلاء من العقاب الواجب المستحق؛ لأن هذا هو حق الشعب الأفغاني؛ وحق الأمة الإسلامية؛ وحق الأبرياء الذين سقطوا ضحايا الإرهاب في كل مكان من العالم.
.. إنه لا مستقبل حقيقي لأفغانستان؛ حتى تنظف من شيء اسمه «طالبان»، ثم تتطهر من «بني حالمان»، أولئك الذين خرقوا سفينة العرب والمسلمين؛ وقالوا بكل سفه وبرود: بأنهم يفعلون ذلك لأنهم من المصلحين..!!
assahm2001@maktoob.com
فاكس: 027361552
|
|
|
|
|
