| مقـالات
الإجابة على هذا السؤال تتطلب منا التعرف على المقصود في كل من الجانب الذاتي والجانب الاجتماعي.
فالجانب الذاتي يقصد به كل ما يتعلق بالطفل وشخصيته وقدراته الجسدية والعقلية والاجتماعية عن طريق ما نزرعه ونبني شخصيته عليه من قيم ومبادئ ومثل وعادات وتقاليد، في حين يقصد بالجانب الاجتماعي البيئة الاجتماعية والمعطيات الثقافية المادية والمعنوية كالعادات والتقاليد والقيم والأساليب التربوية والآداب والفنون وغيرها. كما يدخل ضمن الجانب الاجتماعي الأسرة والمدرسة والشارع وجماعة الرفاق ووسائل الاتصال والمؤسسات الموجودة في المجتمع باختلافها التي يمكن أن يكون لها تأثير قوي ومباشر في عملية التنشئة الاجتماعية. هذه الآلية يمكن صنعها من خلال كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، حيث ورد الجانبان الذاتي والاجتماعي في قوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فالأم مسؤولة عن أبنائها والأب كذلك، والمعلم مسؤول عن تلاميذه والموظف مسؤول عن وظيفته والعامل مسؤول عن عمله والحاكم مسؤول عن رعيته، وهكذا أشكال الرعاية المختلفة في المؤسسات الاجتماعية سواء في الأسرة أو المدرسة أو النادي أو المسجد وغيره، هذه الرعاية تأكيد على ضرورة التساند والتكامل لخدمة الفرد والمجتمع سواء كان طفلاً أم بالغا أم راشداً، فالإسلام عني بالفرد جنيناً ومولوداً وطفلاً وبالغاً فراشداً وضمن له كل ما يكفل حقوقه المادية والاجتماعية في الحياة لذلك لابد أن يكون هنا توافق وانسجام بين ما تنشئ الأسر أفرادها عليه من قيم ومبادئ وفق الشريعة الإسلامية وما يتعلمه الفرد في المدرسة من خلال العناية بمناهج التعليم وما تحوي، وكذلك ما تبثه وسائل الإعلام من أفكار ومعلومات وثقافات مغايرة في العقيدة والسلوك، ولابد من تقوية روح الولاء للمسجد والمنزل في الطفل فذلك يقوي لديه الجانب الذاتي المسؤول الأول في تشكيل شخصية الطفل وسلوكه، فالقيم التي يتم زرعها في شخصية الطفل خلال الخمس سنوات الأولى من عمره بما في ذلك القيم الدينية هي سلاح فعال في شخصية الفرد فيما بعد من مراحل عمره وهنا يتنحى دور الأسرة والمدرسة باعتبارهما أهم المؤسسات وأعمقها تأثيراً في حياة الفرد منذ طفولته.
كذلك لا تقل جماعة الرفاق والمسيرة والحس ووسائل الاعلام أهمية عن الأسرة والمدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية لأن التأثير السيىء لهذه العوامل يكمن أن يعمل علي زعزعة ما تم غرسه في شخصية الطفل من قبل المنزل والمدرسة فيصبح ذو شخصية مضطربة بين ما يقال من مبادئ وما يفعل من سلوكيات سواء من الرفاق والجيران وأعضاء الأسرة أو ما تبثه وسائل الإعلام من أنماط لا تتوافق مع الدين وثقافة المجتمع لذلك لابد من العناية بنوعية الأصدقاء والجيران وتوجيه وتصحيح ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية من أفكار مغايرة للعادات والتقاليد والتأكيد على الصالح منها لخدمة السلوك والعقيدة، ولذلك يصبح لدينا آلية فعالة ومؤثرة في عملية التنشئة الاجتماعية.
جامعة الملك سعود قسم علم الاجتماع
|
|
|
|
|