| محليــات
* الرياض / واس:
قال الدكتور يعقوب الباحسين استاذ الفقه المشارك بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية: ان الشريعة الاسلامية تعد من الشرائع التي سبقت غيرها في فرض العقوبات الرادعة على من يخيفون الناس ويرهبونهم ويعتدون على الانفس وينهبون الاموال وعد الله سبحانه وتعالى هذه الفئة ممن يحاربون الله ورسوله واصطلح الفقهاء على تسمية هذه الجرائم الارهابية بجرائم الحرابة وعلى تسمية القائمين بها بالمحاربين.
واضاف: لقد عين الله تعالى لهذه الفئة عقوبات شديدة ورادعة قال تعالى: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم»: وللفقهاء تفاصيل في تطبيق هذه العقوبات وشروطها وكفى بها رادعا.
وتحدث الدكتور الباحسين في تحليل كتبه لوكالة الانباء السعودية عن الارهاب فقال: الارهاب كلمة واضحة الدلالة ولكنها خفية في تطبيقاتها والذي نفهمه من معناها في اللغة انها التخويف وقد أمر الله تعالى بذلك في الحرب بتخويف العدو عن طريق إعداد القوة والتسلح الذي يخيفه ويرهبه قال تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم» ولكن معنى الكلمة يتسع لاكثر من ذلك ويدخل في ضمنه صور عدة وانما قلت ان كلمة الارهاب خفية في تطبيقاتها بالنظر الى أن المسألة تعود الى شخصية ودوافع من يفسرها.
وقال: «فيدخل فيها من يشاء ويخرج منها من يشاء». وعلى سبيل المثال لم نجد في العالم الغربي من يحكم على ما يجري في فلسطين العربية المسلمة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي بانه ارهاب مع مافيه من اغتيالات وقتل للانفس البريئة وهدم للمنازل على رؤوس اصحابها وتجريف وقلع للاشجار المثمرة.
واضاف: اننا نعلم من تعاليم الاسلام ومن وصايا الخلفاء لقواد الجيوش الاسلامية المنع من قتل من لم يحارب من الشيوخ والنساء والاطفال والرهبان في اديرتهم والمنع من قلع الاشجار المثمرة فأين هذا مما تفعله قوات الاحتلال الاسرائيلي.
ورأى انه لو اتفق على تعريف للارهاب فلن يتفق على تطبيقه وسيقع اختلاف على امور معينة فالمسألة ستكون نسبية بحسب التوجهات السياسية والدينية والتأثيرات الدعائية والله أعلم.
وعن موقف الاسلام من أهل الذمة والمستأمنين قال: انه موقف واضح فما داموا لم يرفعوا علينا السلاح ولم يحاربونا فنحن غير منهيين عن معاملتهم بالحسنى قال تعالى «لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» وقال: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي».
وشدد على انه لا يجوز لاحد من المسلمين أن يعتدي على غير المسلمين من ذميين او مستأمنين او معاهدين فإن ذلك يتنافى مع ما تقتضيه نصوص الشارع وواقع تعامل المسلمين مع غيرهم وعلى مر العصور وكيف يوفق هؤلاء بين هذا التصرف العدواني وعدم نهي الله عن برهم والعدل معهم وهل يتفق هذا مع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لاهل نجران ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله على اموالهم وانفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعتهم وكل ماتحت ايديهم من قليل أو كثير لا يغير أسقف من اسقفته ولا راهب من رهبانه ولا كاهن من كهانته وليس على دينه الخ.
وقال: لقد سار الخلفاء الراشدون ابو بكر وعمر وعثمان وعلي على هدى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا بشأن ومما قاموا به ايضا في عهد عمربن الخطاب رضي الله عنه لاهل بيت المقدس (ايلياء) ابان الفتح فقد اعطاهم امانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وانها لاتسكن كنائسهم ولا تهدم وينتقص منها ولايضار على احد منهم.
واضاف: ان ابرز الدلائل على حسن معاملة المسلمين لغير المسلمين والتعايش معهم ما رواه ابو يوسف في كتاب الخراج وقال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل شيخ كبير ضرير البصر فضرب عضده من خلفه وقال من أي أهل الكتاب انت فقال يهودي قال: من ألجأك الى ما ارى قال أسأل الجزية والحاجة قال فأخذ عمر بيده وذهب به الى منزله فأعطاه شيئا من المنزل ثم أرسل الى خازن بيت المال فقال انظر هذا فوالله ما انصفناه ان أكلنا شبيبته شم نخذله عند الهرم. وقد كان من غير المسلمين مستشارون واطباء واصحاب وظائف كبيرة عند خلفاء المسلمين في عهودهم المختلفة.
وعلى من يفكر في الاعتداء على غير المسلمين ان ينظر الى نصوص الشارع وما ذكره الفقهاء في فتاواهم بهذا الشأن وبما يلزمه من اسلوب للتعامل معهم وألا يتصرف بما يعود بالضرر على المسلمين وعلى امن البلاد :« فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون». أقول لمن يتصور ان خدمة الاسلام تكون بارتكاب اعمال ضد غير المسلمين الذين لم يحاربونا او يقاتلونا ان يتأملوا فيما ورد عن الشارع وما ذكره العلماء بهذا الشأن وألا ينفعلوا او يرتكبوا اعمالا تعود بالضرر عليهم وعلى بلدانهم فيتسببوا في فتن عمياء لا تنطفىء نارها حتى تأتي على كثير من مقومات التعايش وتبادل المنافع.
|
|
|
|
|