| متابعة
* القاهرة مكتب الجزيرة عثمان أنور ريم الحسيني محيي الدين سعيد :
تضيق المسافات والطرق أمام الأفغان العرب يوماً بعد يوم ولا يبقى لهم غير النهاية التي يؤكد عليها العديد من المحللين والمفكرين وخبراء السياسة وهي الموت أو السجن والهلاك على يدي قوات التحالف الشمالي وخاصة أن جهود الأمم المتحدة غير فاعلة حتى الآن.. و«الجزيرة» تواصل استطلاعها لآراء نخبة من المفكرين والمحللين والدروس المستفادة.
كل الطرق مسدودة وكل
النهايات واحدة!!
يؤكد السفير وفاء حجازي أن الأفغان العرب المحاصرون الآن ليس أمامهم إلاَّ القتال الانتحاري، ورغم المفاوضات الدائرة لخروجهم آمنين وتسليمهم للأمم المتحدة، إلاّ أن النهاية المتوقعة أن هذه المفاوضات لن تنجح وسيكون مصيرهم الإبادة لأنهم لا يملكون خيار العودة إلى أوطانهم أو اللجوء إلى دولة أخرى كما أنهم فقدوا معظم أسلحتهم وعتادهم.
واعتقد أن بنهاية هؤلاء ستبدأ صفحة جديدة لعداء شديد بين من يسيرون على دربهم أو يعتقدون أفكارهم وبين دولهم لأن هذه الدول لم تقم بأي خطوة تجاه هؤلاء، كما أن هذه الدول راضية عن نهايتهم، أما في حالة فرضية تسليم الأفغان العرب إلى الأمم المتحدة ثم تسليمهم إلى دولهم فسوف يواجهون على الفور أحكاماً بالإعدام وسوف يأتيهم الموت من كل جانب وبعد مقتل بعضهم وأسر عدد منهم في كابول يكونون قد اقتربوا كثيراً من خيار المقاومة الانتحارية ويسري ذلك على الأفغان العرب الذين لم يرتكبوا جرائم ضد بلدانهم أو الذين ارتكبوا أعمال عنف ضد أنظمتهم الحاكمة وهربوا إلى جبال أفغانستان وحتى هؤلاء الأفغان العرب الذين حاولوا الفرار والهروب قبل بداية الحرب الأمريكية والبريطانية على أفغانستان قد تم القبض عليهم وتسليمهم لأمريكا، ولذا يواجه الأفغان العرب مصيراً بشعاً لأنهم مرفوضون من جميع الجهات، فأمريكا تريد التخلص منهم وكذلك التحالف الشمالي يريد إبادتهم حتى يحوز على رضا أمريكا وحتى الأفغان أنفسهم يرون أنهم السبب الرئيسي فيما حل ببلدهم من خراب ودمار فكل الطرق أمامهم مسدودة وحتى طريق بلدانهم مسدود أيضاً.
ويقول ممدوح اسماعيل المحمي وكيل مؤسسي حزب الشريعة تحت التأسيس ذي التوجه الإسلامي بداية إن ظاهرة الأفغان العرب هي تجسيد لتفعيل المشاعر الإسلامية مع الأحداث التي يتعرض لها المسلمون في أماكن مختلفة من العالم، مشيراً إلى أن هناك أيضاً الكثيرين العرب، والشيشان العرب والبوسنيين العرب وغيرهم...
ويشير إسماعيل إلى أن قضية الأفغان العرب بها جزء قانوني شائك جداً يتمثل في عدم تحمل الدول العربية لعودة الأفغان العرب بعد مشاركتهم في الجهاد الأفغاني واعتبار الحكومات العربية ان هذه مشاركة مع دولة أجنبية، ويرجع اسماعيل هذا الموقف إلى ما يصفه بالإقليمية الوطنية التي طغت على هذه الحكومات.
ويقول ان هذه الحكومات لم تتحمل ايضاً عودة هؤلاء خشية أن ينقلبوا عليها بسبب سوابق حدثت مؤكداً ان هذه السوابق ليست أصلاً للقياس عليها، ويدلل على ذلك بأن كثيرين من الأفغان العرب ينتمون لبعض الدول العربية وقد عادوا إلى بلادهم ولم يرتدوا عليها بعمليات عنف وانما كان هناك تفاعل مع القضية من الجانبين.
ويشير إسماعيل إلى أن ما أوجد الخيفة والتوجس من الأفغان العرب هو موقف حكومتي مصر والجزائر مؤكدا ان تفاعل هاتين الحكومتين مع الموضوع هو الذي أوجد رد الفعل المضاد بعكس ما حدث مع الحكومات في شبه الجزيرة العربية التي تركت لهؤلاء الحرية.
ويخلص ممدوح إسماعيل إلى أن ظاهرة الأفغان العرب تحتاج إلى سعة صدر ورحابة من النظم والأقطار العربية لأبنائها العائدين واستيعاب التفاعل مع القضايا الإسلامية والشعور المتنامي لدى مثل هؤلاء الناس تجاه قضايا إخوانهم المسلمين وذلك في حدود الفهم الإسلامي الذي يقوم على التفاعل بين المسلمين بدون حواجز.
ويستطرد إسماعيل مؤكداً أن المشكلة الأخطر في ظاهرة الأفغان العرب هي أنه بعد 11 سبتمبر الماضي لم تصبح هذه الظاهرة كما ذكر في البداية وإنما أصبح فيها تفاعل أجنبي ولم تتصرف فيها الدول باستقلالية بل اصبح فيها تدخل أمريكي ورغبة في ملاحقة هؤلاء وتصفيتهم بأي طريقة، مشيراً إلى أن هذا الأمر من الممكن أن يولِّد أطراً وتفاعلات جديدة وسيتوقف التعامل مع الظاهرة على مدى التغلغل الأمريكي في القرار الوطني للدول التي ينتمي إليها الأفغان العرب.
ويضيف ان امريكا لم تستوعب حتى الآن أسباب الكراهية المتزايدة لها في المنطقة العربية والإسلامية وإنما تزيد من هذه الكراهية بمساندتها للعدوان الإسرائيلي الوحشي ضد العرب والمسلمين.
ويرى اسماعيل أن الأفغان العرب أعدادهم كبيرة وان مسألة احصائهم ليست سهلة خاصة ان كثيرين منهم تجنسوا بالجنسية الأفغانية بعد قيام حكومة رباني وانخرطوا في المجتمع الأفغاني وتزاوجوا منه..
ويؤكد إسماعيل أن الأفغان العرب سوف يواصلون القتال وان كل ما يذكر ضدهم حرب دعائية والحديث عن استسلامهم وترخيصهم هو تكتيك منهم مدللاً على ذلك بالتمرد الذي قام به بعضهم ضد قوات التحالف والقوات الأمريكية.
ويرى إسماعيل ان الأفغان العرب يجب أن يعاملوا معاملة أسرى الحرب مشيراً إلى أن الأمريكيين يريدون أن يعتبروهم مرتزقة مؤكداً أن أمريكا لن تهنأ ببقائها في أفغانستان والدليل على ذلك أن النظام الشيوعي سبق ان استولى على كل المدن الأفغانية لكنه لم يهنأ يوماً واحداً في الأرض الأفغانية.
اتفاقيات دولية
حافظ أبو سعدة المحامي وأمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يأخذ بطرف الحديث ويؤكد ان الأفغان العرب في وضعهم الحالي يخضعون لاتفاقيات جنيف الرابعة الخاصة بأسرى الحرب والمدنيين في أثناء الحرب وهؤلاء يجب ألا يتعرضوا لمعاملة سيئة أو تعذيب أو قتل خارج نطاق القانون ومن يتهم بجريمة ويثبت عليه ذلك توفر له محاكمة عادلة ومنصفة ويتم تسليمهم لبلادهم العربية أو يعودون إليها كمواطنين عاديين.
ويبدي أبو سعدة تخوفه من أن يتم التعامل مع الأفغان العرب على أنهم مرتزقة لأنهم في هذه الحالة وحسب القانون الدولي الإنساني سيكون وضعهم سيئاً.
ويرى أن أي تمييز في المعاملة بينهم وبين الأفغان المقيمين هو أمر يخالف المواثيق الدولية خاصة أنهم كانوا مقيمين وتتم معاملتهم معاملة المواطنين من قبل حكومة طالبان.
ويشير أبو سعدة إلى أن هناك ضمانات في المواثيق الدولية لتوفر محاكمة عادلة لمثل هؤلاء، مشيراً إلى أن هناك نوعين من المحاكمة يمكن ان يتعرضوا له وهما إرسالهم لبلادهم لمحاكمتهم أمام قضائهم الوطني أو إنشاء محكمة خاصة لأفغانستان في التهم الموجهة لهم، مشيراً إلى أن هناك جرائم ارتكبتها قوات التحالف الشمالي من قتل عشوائي وتعذيب وسوء معاملة وكلها جرائم يجب التحقيق فيها، مؤكداً على خطورة ما أعلن عنه الصليب الأحمر مؤخراً من أن هناك 300 جثة للأفغان العرب في منطقة مزار الشريف وحدها دون تحديد المسؤول عن هذه الجريمة ويرى أن مثل هذه الأمور يمكن أن تؤدي لإخفاء الأدلة الخاصة بجرائم قوات التحالف التي تمثل جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتخالف اتفاقيات جنيف التي تؤكد على توفير المعاملة الحسنة والإعاشة للأسرى وتسجيلهم لدى الصليب الأحمر. ويؤكد أبو سعدة أن التصريح الأمريكي بقتل هؤلاء هو مخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية وجريمة فهو تصريح واضح بالقتل.
ويقول الدكتور رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للأبحاث والدراسات إن مستقبل الأفغان العرب محلياً هو مستقبل مؤلم، حيث يواجهون مصيراً قاتلاً فخلال هذه الأحداث وبفعل الضغوط الدولية عليهم ووضعهم في خانة ما تسميه أمريكا بالإرهاب وخانة من تسببوا في ضرب برجي التجارة العالميين والأحداث العنيفة التي نالت من هيبة أمريكا كذلك تحت رفض قبولهم من دولهم يواجهون بالموت والتصفيات وبالأمس وحده تم قتل 600 شخص ومنهم نسبة كبيرة بالطبع من الأفغان العرب، فهم إما يواجهون الموت داخل أفغانستان أو يواجهون السجن والإعدام على يد دولهم، وفي الغالب لن ينجو في هذه المرحلة إلا من رحمه الله أما في المستقبل البعيد فاعتقد أن هذا الانتقام الذي يتم لهم سيولّد داخلهم ردود فعل عنيفة وليس من المستبعد تكوين تنظيمات وخلايا جديدة تقوم على دمائهم معتنقة أفكارهم مثلما حدث بعد إعدام سيد قطب فبعد مرور 5 سنوات من وفاته ظهر أول تنظيم في مصر ويسمى بالفنية العسكرية عام 1971 ميلادية ثم تبعه جماعة التكفير والهجرة، ثم اغتيال الرئيس أنور السادات، كل هذه التنظيمات والجماعات خرجت من دم سيد قطب، واعتقد ان نفس الأمر سيحدث مع الأفغان العرب.
ويقول الخبير الاستراتيجي اللواء كمال حافظ: في البداية لا بد من التأكيد على أن تحالف الشمال هو تحالف دموي بالأساس، والثابت أن أفعاله لا يمكن لأحد أن يتوقعها وبذلك لا يستطيع ان نحكم عليهم إلاَّ من الوجهة الدموية التي يتّسمون بها، وعلى ذلك فان مصير الأفغان العرب مؤلم ودموي وان العملية كلها تصفية حسابات، حتى أمريكا التي تعلن انه سوف يتم تسليم الأفغان العرب إلى دولهم فإنها لا تستطيع أن تأخذ القرار وحدها لأن تحالف الشمال يستطيع أن يقضي عليهم ثم يعلن بعد ذلك انه حدث عن طريق الخطأ أو ما شابه ذلك، كما أن الحقيقة الأخرى ان أغلب الأفغان العرب لا يندرجون تحت تنظيمات حركية ومعظمهم عائلات أقاموا هناك منهم المنظمون حركياً ولكن ليس كلهم غير انهم جميعاً تعتبرهم أمريكا والتحالف الشمالي عناصر إرهابية نشطة يجب مطاردتهم وقتلهم لأنهم مصدر قلق وتوتر ويجب القضاء عليهم، كما ان الدول العربية ترفض استقبالهم وهذا ما يجعلهم بين شقي الرحى وهم مقتولون لا محالة.
والدلائل التي يمكن استخلاصها من ذلك هي عدم وجود الرؤية البعيدة المدى وعدم وضع خطوات مستقبلية يسير المجتمع عليها وفي غيابها نقع كثيرا في مأزق تعارض الخطوات التكتيكية والتفصيلية مع الابعاد والخطوات الاستراتيجية ولولا هذا ما حدثت ظاهرة الأفغان العرب.
|
|
|
|
|