| متابعة
* واشنطن وكالة الإعلام الأمريكية:
أجمع عدد من المتحدثين العرب الأمريكيين على أنه بالرغم من ان الاعتداءات الإرهابية التي وقعت يوم 11 أيلول/ سبتمبر ضد الولايات المتحدة قد عرضت الأمريكيين العرب والمسلمين إلى بعض التحرشات والمضايقات، فإنها أظهرت العديد من الجوانب الإيجابية للمجتمع الأمريكي وتعدديته.
كما قال هؤلاء المتحدثون، الذين كانوا يتحدثون في ندوة نظمها مركز الصحافة الأجنبية بواشنطن يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عن الأحداث الأخيرة والعلاقات الأمريكية العربية والإسلامية، على أن الأحداث الأخيرة بالرغم من بشاعتها، فإنها أفرزت فرصاً عديدة للعرب والمسلمين لشرح قضاياهم وتقاليدهم وثقافتهم للمجتمع الأمريكي الأوسع.
ورفض المتحدثون أن هناك صراع حضارات بين الولايات المتحدة والغرب عموماً وبين العرب أو المسلمين.
وقال أحد المتحدثين إن حقيقة أن الجالية العربية والإسلامية تنامت بصورة كبيرة جداً في العقدين الماضيين لهو دليل على أن أمريكا ترحب بالعرب وبالمسلمين وتتيح المجال أمامهم لممارسة ديانتهم والحفاظ على ثقافتهم ولغتهم في المجتمع الأمريكي التعددي الأوسع.
ورفض الدكتور عمرو خيري، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية في ليزبيرغ بولاية فرجينيا، ما يردده البعض من أن هناك تضاداً أساسياً بين الإسلام والديمقراطية. وقال: «الحياة في أمريكا علمتنا انها مسؤوليتنا نحن أن نحمي قيمنا حين تتعرض للخطر بأن نعبئ وننظم طاقاتنا وأن نسلك كل سبيل مشروع قانوني وسياسي لحماية قيمنا».
كما تحدث عن أن الأحداث الأخيرة «زادت من إلحاحية» الحوار بين أمريكا والعالم الإسلامي، مشيراً إلى أن المسلمين الأمريكيين والعرب يمكنهم أن يلعبوا دوراً مهماً في هذا الحوار.
وقال: «الحوار الأمريكي الإسلامي في بدايته، ونحن في بداية الطرق نحو فهم أهمية وإسهام كل منا في طريق السلام والخير. ولكننا سنعمل بإلحاح أكبر الآن على زيادة وتيرة هذا الحوار من أجل مصلحة الطرفين».
كما رفض مقولة أن هناك صراع حضارات بين العرب أو المسلمين من جهة وبين الغرب أو الولايات المتحدة من جهة اخرى.
وقال :«ليس هناك صراع بين الحضارات، وليس هناك صراع بين الحضارة الإسلامية تحديداً وبين الولايات المتحدة». وأوضح أن «الدليل على ذلك أن الجالية العربية والإسلامية قد نمت بقدر هائل خلال السنوات العشرين الماضية في الولايات المتحدة، ولو أن الغرب أو أمريكا كانا رافضين للعرب أو الإسلام لما سمحا بأن تكبر هذه الجالية إلى هذا الحد وأن تحتفظ بدينها وثقافتها ولغتها. إن أمريكا مرحبة بالإسلام وبالعرب».
وأضاف أن العلاقة بين الإسلام وأمريكا «متبادلة»، مضيفا أن «الإسلام لا يفيد فقط من أجواء الحرية التي يتمتع بها المسلمون في أمريكا في عباداتهم وممارساتهم الدينية فحسب، وإنما أمريكا أيضاً تفيد من المسلمين والإسلام، فنحن نعطي أمريكا نماذج طيبة للعلاقات الروحية والأسريّة للمجتمع الأمريكي. نحن نسهم في المجتمع الأمريكي، والمجتمع الأمريكي يعطي الجالية الإسلامية الكثير من الفرص».
صبحي غندور، ناشر مجلة الحوار، ومؤسس مركز الحوار العربي في واشنطن، تحدث عن التعددية في المجتمع الأمريكي، مشيراً إلى أن هذه التعددية تصلح لأن تكون نموذجاً يحتذى في العديد من البقاع في العالم وخصوصاً في العالم العربي والإسلامي حيث التعددية الدينية والقومية.
وقال: «أمريكا هي وطن واحد ولكنه وطن للعديد من الجاليات المنحدرة من أصول اثنية وثقافية مختلفة».
وقال:«نحن مواطنو بلد واحد، وهذا نموذج يصلح أن يحتذى في عالمنا العربي والإسلامي حيث يمكن لمواطنين مختلفين في الثقافة والعرق واللغة أحياناً أن يتعايشوا معا ضمن وطن واحد».
وقال غندور: إنه كما أن هناك مسؤوليات على الولايات المتحدة تجاه المسلمين والعرب، فإن «علينا أيضا مسؤوليتين على الأقل: أن نوضح صورتنا للولايات المتحدة، وأن نعمل على إصلاح ما لدينا نحن كجالية أيضا من تراكمات حملناها معنا من المنطقة العربية إلى أمريكا».
الدكتور محمد أبو النمر، الأستاذ في مركز دراسات اللاعنف والسلام الدولي في الجامعة الأمريكية بواشنطن، لخص وضع العلاقات الأمريكية العربية بما يلي: «العالم العربي لا يفرق بين المجتمع الأمريكي والسياسات الأمريكية، خصوصاً الخارجية منها التي لا ترضيه أحياناً، والأمريكيون لا يفرقون بين المجتمع العربي والإسلامي وبين سياسات بعض دول هذا العالم أو بعض المجموعات أو الأفراد فيه».
وقال: «الأمريكيون أحياناً لا يفرقون بين المجتمع العربي والإسلامي الأوسع وبين الأفراد أو الجماعات التي تقوم بأعمال العنف. هذا التعميم المتبادل هو أحد الأسباب الرئيسية للمشكلة الحالية».
وتحدث عن ردود الفعل الأساسية للجالية العربية والإسلامية الأمريكية على أحداث 11 أيلول/سبتمبر. وقال إنها انقسمت إلى «ثلاثة أقسام، الاستنكار الكامل والقوي للاعتداءات، والإعراب عن التفهم لما حدث من دون إدانة قوية للاعتداءات، والصمت الكامل من بعض الفئات». ولكنه قال إنه في حين أن رسالة الاستنكار وشجب هذه الاعتداءات قد تبلغت إلى الإعلام والمسؤولين، فإن الرسالة التي «ضخمت كانت رسالة التفهم لهذه الأحداث من بعض الفئات في جاليتنا أو في العالم العربي والإسلامي». ولام بعض وسائل الإعلام الأمريكية على ذلك.
لكن أبو النمر طالب الأمريكيين العرب والمسلمين بأن ينتقدوا بقوة أكثر الأفراد والجماعات والأفراد الذين يرتكبون أخطاء فادحة محاولين التستر باسم الدين أو غيره من القضايا. وقال :«علينا أن نكون قادرين على النقد الذاتي أيضا، علينا أن نكون قادرين على الوقوف ضد بعضنا من أفراد أو مؤسسات، إذا ارتكبنا أخطاء وألا نكتفي بذلك بل أن نقف بقوة ضد هذه التوجهات التي تلجأ إلى العنف أو القتل أو محاربة التعددية في مجتمعنا الأمريكي».
وانتقد عدد من المتحدثين بعض السياسات الأمريكية تجاه بعض القضايا العربية والإسلامية، وطالبوا بأن تعمل أمريكا على اتباع سياسات «أكثر توازناً وعدلاً تجاه هذه القضايا». وقال الدكتور مبارك عوض، من مركز اللاعنف الدولي بواشنطن، إن «هناك انطباعاً قوياً في العالم العربي والإسلامي بأن سياسة أمريكا تجاه قضية الشرق الأوسط ليست متوازنة».
ولكن متحدثاً آخر، صبحي غندور، امتدح خطاب وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الأخير عن الشرق الأوسط، وقال إنه «ينطوي على مؤشرات على بوادر إيجابية في السياسة الأمريكية الخارجية تجاه قضية الشرق الأوسط».
وانتقد بعض المتحدثين أيضاً بعض الإجراءات التي اتخذت في الولايات المتحدة بعد الحادث. وقالوا إن تلك «توجه الرسالة الخاطئة عن أمريكا.» وأشار أحدهم إلى المحاكم العسكرية التي أجازها الرئيس بوش لمحاكمة الإرهابيين من الأجانب الذين يمكن أن يلقى القبض عليهم. وقال أحدهم إنه إذا كانت «هذه الفكرة ستطبق، فإن هذا يعيدنا إلى أوضاع نحن أصلا رفضناها في بعض الدول العربية والإسلامية التي جئنا منها».
ولكن أحدهم أشار إلى أن الكثيرين من «الأمريكيين يرفضون مثل هذه الأفكار أنفسهم، وينتقدونها ويطالبون بمواصلة التمسك بالضمانات الدستورية للحريات الشخصية والمدنية في أمريكا».
وطالب مدير الندوة، الدكتور عبدالعزيز سعيد، أستاذ الدراسات الدولية، ومدير مركز دراسات السلام وفض الصراعات الدولية بالجامعة الأمريكية في واشنطن بأن تعمل الإدارة على إشراك عرب ومسلمين في صناعة القرار السياسي الأمريكي. وقال: «حين يرى العالم العربي واحداً من صناع القرار الأمريكي من العرب والمسلمين، فإن هذا يترك أثراً إيجابياً مهماً جداً في العالمين العربي والإسلامي. يجب أن نلح على المجتمع والحكومة الأمريكية أن يكون هناك عرب ومسلمون في دوائر صنع القرار الأمريكي خصوصاً حين يتعلق الأمر بقضايا لها علاقة بالعالم العربي والإسلامي».
ألما عبدالهادي، من معهد دراسة وحل النزاعات الدولية في جامعة جورج ميسون بفرجينيا، أثنت على ردود الفعل التي تلقاها العرب والمسلمون في الأحداث الأخيرة من أمريكيين من غير المسلمين والعرب، وعزت ذلك إلى انخراط العرب والمسلمين في الحياة اليومية لغيرهم من الأمريكيين، وطالبت بالمزيد من ذلك. وأشارت إلى وقوف أتباع الديانات الأخرى في أمريكا من مسيحيين ويهود إلى جانب المسلمين والعرب في «حماية مؤسساتهم ومساجدهم في الأيام الأولى للحادث». كما امتدحت الأمريكيين من غير العرب والمسلمين الذين «كانوا يتصدون لبعض رسائل الكراهية التي يطلقها بعض الجهلة ضد العرب والمسلمين، وأعطت مثالاً عن أطفال كانوا يتصلون ببرامج إذاعية وينتقدون تصريحات غير لائقة أو منطوية على كراهية في بعض هذه البرامج».
وأوضحت أن ذلك مرده «إلى انخراط الأمريكيين العرب والمسلمين في المجتمع الأمريكي». وأردفت أن ذلك مهم بالنسبة إلى جاليتنا، لا نستطيع أن نكون مسلمين وعرباً فقط في أمريكا، فنحن أمريكيون أيضاً. علينا أن نتمتع بحقوقنا. ولكن علينا واجبات تجاه المجتمع الذي نعيش فيه أيضاً».
وزادت «اننا نسهم بالكثير في المجتمع الأمريكي، ولكننا نتمتع أيضا بفرص كثيرة في هذا المجتمع، التعددية، الحرية الدينية، وحرية الكلمة والانتماء وكل ذلك. هذه أشياء وفرت لي فرصة فريدة لأتمتع بها».
«تصدر نشرة واشنطن عن مكتب برامج الإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأمريكية»
|
|
|
|
|