| الاخيــرة
لم يتفق العالم على تعريف دقيق للإرهاب، فما يوصف بالإرهاب عند بعض الدول ينظر إليه على أنه دفاع مشروع عن النفس أو مقاومة احتلال عند دول أخرى، وقد يتغير هذا الموقف عند تغير المصالح والظروف والأحوال المحيطة.
ومن سوء حظ العرب والمسلمين أن تتجه إليهم أصابع الاتهام منذ الوهلة الأولى عند حدوث أي أعمال عنف؛ حتى وإن أثبت الواقع أن العنف لا جنسية له، ولم يغير من هذه النظرة أن الذي قام بالتفجير في مقر الحكومة في اكلاهوما وأدين به الأمريكي الأشقر (ميكفي).
ومنذ الساعات الأولى لوقوع التفجيرات العنيفة في 11 سبتمبر بالولايات المتحدة الأمريكية وجه الإعلام الأمريكي أصابع الاتهام إلى العرب والمسلمين، ولما كانت المملكة العربية السعودية معقل الإسلام، كانت الحملة الإعلامية عنيفة عليها، وكان محور ارتكاز الحملة من الواقعين تحت تأثير اللوبي الصهيوني يدور حول تمسك المملكة بالشريعة الإسلامية روحا ومنهجا، وأن مناهجها مفرزة للإرهاب، وإنما يعنون بذلك مناهج العلوم الدينية.
وليس غريبا أن يحمل الغرب على مناهجنا التعليمية هذه الحملة الشعواء، ويصمها بأنها السبب في تغذية الإرهاب، ولكن المؤلم حقا أن ينحاز بعض أبناء المسلمين إلى هذا الرأي ويتبنوه وينادوا به، معتقدين أن التصور الحضاري الغربي هو الذي يجب أن يسود في كل نواحينا السياسية والثقافية والاجتماعية، وأنه وحده يكفي لحياتنا ومستقبلنا الحضاري؛ في الوقت الذي يفترض فيهم الوقوف مع أمتهم في الدفاع عنها، لا أن يكونوا صدى لخصومها وأعدائها.
إن مؤسساتنا العلمية ومناهجنا التعليمية لم تكن في يوم من الأيام تبث في الأذهان مفاهيم مغلفة بالكره والرفض لكل ما هو متصور أنه آخر دخيل؟! إنما هي مفاهيم واضحة جلية في الولاء والبراء، ومفاهيم صريحة في الحب في الله والبغض فيه، ومفاهيم دقيقة عن علاقتنا بالآخر؛ وسور القرآن مليئة بهذه المفاهيم وغيرها من المفاهيم السامية؛ والمقررات الدراسية في العقيدة والفقه وافية الشرح والتوضيح، ولم يحدث وقد تعلمنا على هذه المناهج أن تلقينا في تعليمنا ما يوتّر الذهن ويجذّر الكره في نفوسنا؛ بل إن مما تعلمناه قول الحق تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولّهم فأولئك هم الظالمون» آية 8،9 سورة الممتحنة.
وحين ذهب البعض منا إلى الغرب محملين بما تعلمناه من هذه الثقافة تعامل مع الآخر واستفاد من إيجابيات ثقافته، كما ساهم في تعريفه بالإسلام، مما أدى إلى تصحيح مفاهيمه الخاطئة عن الدين الإسلامي، وبالتالي دخول أعداد منهم في الإسلام دون عنف أو إكراه.
إلا أن فئة من الذين ذهبوا إلى الغرب انبهروا بثقافة الآخر وفتنوا بها وتخلوا عن ثقافتهم، وذهبوا يحاولون بشيء من الفوقية النيل من ثقافتنا وفرض ثقافتهم الجديدة علينا، متخذين لذلك أدوات العنف الفكري، متبعين أساليب استفزازية تحت مسمى التنوير والتحديث، دون أي اعتبار للمبادىء والثوابت والقيم، وتحين الفرص لإطلاق ذلك حتى في أحلك الظروف التي تمر بها الأمة؛ إن هذا الأسلوب هو الذي يغذي الكراهية والرفض وبالتالي يؤدي إلى التوتر والعنف.
وقفة:
* لكل الإخوة والأخوات الذين اتصلوا عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الفاكس منوهين بالمقال السابق خالص الشكر والتقدير، وكم أتمنى لو اتسع المجال لتوجيه شكر شخصي لكل فرد منهم.
* ولمن يرغب الاطلاع على مصدر المقال السابق الرجوع إلى ما نشر في جريدة الشرق الأوسط تحت عنوان (نحن مسؤولون عن مكافحة الإرهاب في بلادنا وهناك خطأ ما في مجتمعنا) في 13/11/2001م.
aljazirah1@hotmail.com
|
|
|
|
|